توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية؟

  مصر اليوم -

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية

بقلم - طارق الشناوي

لا أعتقد أن هناك لجنة تحكيم تريد أن تسرق الكاميرا من فعاليات المهرجان، لكنها فقط تحاول أن تعبر عن نفسها لتحقيق إرادة أعضائها، إلا أن ما حدث في مهرجان برلين (73)، أن نتائج اللجنة التي أعلنت مساء السبت الماضى، كانت هي الأكثر إثارة للجدل كما أنها في نفس الوقت فتحت بابا للتأمل للعديد من القضايا السينمائية تحديدا والإبداعية عموما والتى يراها البعض محسومة مسبقا، إلا أنها واقعيا لاتزال قيد التداول.

دأبنا على الاعتقاد أن لجنة التحكيم تعبر عن رئيسها وهكذا وجدت النجمة الأمريكية كريستين ستيوارت 32 عاما تتلقى اتهاما بتوجيه دفة الجوائز، طبقا لمعاييرها، من واقع خبرتى أن هناك عاملين مؤثرين في الوصول للنتيجة النهائية، قدرة عضو اللجنة وليس فقط الرئيس على فرض وجهة نظره وهى قطعا تخضع لعوامل خاصة لا يتمتع بها كل البشر، قطعا مكانة رئيس اللجنة تسمح له بمساحة أكبر في الدفاع عن رأيه، لكن لا يشكل هذا بالضرورة القدرة على الحسم، كما أن تخصص عضو اللجنة في مجال ما: تمثيل، إخراج، تصوير يمنحه أيضا مساحة أكبر في تفنيد أسباب التفوق من واقع خبرته العملية، من المؤكد أن هناك تداخلا وتفاعلا في العمل الفنى بين الممثل وتوجيه المخرج، لكن تظل هناك لمحات خاصة للفنان المؤدى، حالة من التحليق، مثل المطرب الذي يؤدى لحنا ليس من إبداعه، إلا أنه بقدر ما يتعمق في تفاصيله يضيف أيضا إليه. سوف تلمح في جوائز الممثلين طفلة ومتحولا جنسيا فازا بجائزتى التمثيل، هل رئيسة لجنة التحكيم كان لها دور؟، غالبا هذه المرة نعم، فلا أحد من المفترض أن يعلن ما الذي تم تحديدا في كواليس اللجان.

طفلة تفوز بالجائزة، صوفيا أوتورو، لأداء الدور الرئيسى عن الفيلم الإسبانى (20 ألف نوع من النحل)، والممثلة الألمانية ثيا ايرو أفضل دور مساعد (حتى آخر الليل). طفلة تؤدى دور طفلة، ومتحولة تلعب دور متحولة هل تشعر أن هذا منطقى جدا ولا يوجد وجه للاستغراب أو حتى للتساؤل عن كيفية حصولهما على الجائزة، فهما لم يفعلا شيئا سوى تقديم جانب من حياتهما؟.

أنا أختلف معك تماما، أثيرت قضية مماثلة، في بداية المهرجان،عندما اعترضت ممثلة يهودية على منح دور يهودى لممثل غير يهودى على اعتبار أنه- أقصد اليهودى- هو فقط القادر على أداء دوره، وقالت هل من الممكن أن يلعب دور أسود ممثل أشقر أو العكس؟، سر الاعتراض هو أن الممثلة هيلين ميرين الحاصلة على الأوسكار، تؤدى دور جولدا وهى لا تدين باليهودية.

إجابتى هي أن الواقع عامل مؤثر، لكن فن الأداء هو الذي يملك الحسم، وقناعة الجمهور تنحاز للقدرة على الأداء، حتى لون الممثل، ليس هو الفيصل، يجوز تغيير اللون والملامح لو كان المكياج مضبوطا، حكى يوسف شاهين أنه عند عرض (باب الحديد) في برلين 1958 اعتقد الجمهور أن لديه إعاقة حقيقية في قدمه، وعندما شاهدوه تعجبوا كيف كان مقنعا في أداء دور (قناوى) الذي كانوا يسخرون منه بسبب تلك الإعاقة، لدينا أحمد زكى أشهر من أدى شخصيات واقعية متعددة ومتباينة، وهو لا يشبه أيا منها: طه حسين في (الأيام) وعبدالناصر في (ناصر 56) والسادات في (أيام السادات) وعبدالحليم حافظ (حليم)، وكان لديه طموح أن يؤدى عددا من الشخصيات التاريخية الأخرى أحمد فؤاد نجم (الفاجومى) والمشير عبدالحكيم عامر وأنور وجدى وغيرهم، فهل هو يشبه واحدا منهم؟.

توجد قصة أو طرفة متداولة ولا أدرى مدى صحتها التاريخية، تؤكد أن شارلى شابلن دخل في مسابقة لتقليد شارلى شابلن وحصل على المركز الثانى.

المطرب والملحن سعد عبدالوهاب أقيمت مسابقة بين جمهور الإذاعة في الخمسينيات بعد أن قدم إحدى أغنيات عمه الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب بصوته واستمع الناس إلى الصوتين كل منهما أدى نفس المقطع، و40 في المائة فقط هم الذين عرفوا الإجابة الصحيحة، أغلبهم اعتقدوا أن صوت سعد هو لعبدالوهاب. يظل الفيصل في القدرة على الأداء الطفلة صوفيا أوتورو طبعا مع توجيه المخرجة الإسبانية استيباليز اوريسولا، كذلك المتحولة ثيا غيزر مع المخرج الألمانى كريستوف هوشهاوزلر، قدما دورين مقنعين كفن أداء، وليس لأنهما تعبران عن نفسيهما.

ليست المرة الأولى التي أشاهد طفلا أو فنانا يقف لأول مرة على الشاشة ويحصد الجائزة، التعامل مع الطفل هو الأصعب قطعا، كيف تحافظ على تلقائيته، إنها طفلة تؤدى دور طفل، لكنها تستشعر أنها أنثى، فهل صوفيا تؤدى دور صوفيا، المعاناة في الحياة التي تعانيها الشخصية الدرامية لم تعشها واقعيا، وهنا يبرز دور المخرج، هناك الذاكرة الإبداعية وهو ما يمكن توصيفه بالمخزون الاستراتيجى التي يحتفظ به الممثل شعوريا ولا شعوريا. كان رشدى أباظة كما روى لى نور الشريف لديه كراس يضع داخله لزمات صوتية حركية من الشخصيات التي يلتقيها، وعلم من رشدى أنه قد يستعيدها بين الحين والآخر، أمام الكاميرا، وهو بالمناسبة ما فعله نور في بعض الشخصيات التي يؤديها مثل دوره الشهير في فيلم (العار)، تلك اللزمة بحركة الرقبة اقتنصها من شخصية التقاها في الحياة.

هنا نتحدث عن تعمد التقمص، بينما عادة ما يحدث لا شعوريا، الممثل يكتشف أن بداخله نوعا من التداخل بين الشخصية على الورق وما اختزنه في الذاكرة، تفصيله من هنا وأخرى من هناك.

المتحولة الألمانية تعيش قطعا العديد من التفاصيل وفكرة السماح المطلق بتغيير المسار الجنسى في أوروبا التي يعتقدها البعض، واقعيا غير حقيقية، ودور المخرج ألا يجعل المتحول يعبر عن معاناته الذاتية ولكن يعبر عن الشخصية الدرامية. ويبدو مع الطفل دور أكبر وهو أن يحافظ على تلقائيته، هناك فارق بين طفل وآخر، وهذا هو ما فتح الباب أمام فاتن حمامة في فيلم (يوم سعيد) وكانت في نفس المرحلة العمرية الثامنة مثل صوفيا، وزاد المخرج محمد كريم عدد مشاهدها وأكملت بعدها المسيرة وصارت (سيدة الشاشة)، أحيانا نجاح الطفل الطاغى يحول دون استمراره لأن الناس ترفض أن تراه بعد أن تجاوز تلك المرحلة مثل ماكولاى كالكين بطل (وحدى في المنزل) وبعيدا حتى عن وقوعه في براثن الإدمان فإن الناس تشبثت به فقط طفلا وهو ما حدث عندنا مع الطفلة فيروز، وتبقى حكاية ثالثة وهى الممثل الذي يضع جزءا من شخصيته في نسيج كل أدواره مثل عادل إمام وهى حالة تستحق مقالا خاصا، بعيدا عن رحلتنا مع (برلين)، وكل عام وأنتم طيبون!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon