توقيت القاهرة المحلي 11:04:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية؟

  مصر اليوم -

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية

بقلم - طارق الشناوي

لا أعتقد أن هناك لجنة تحكيم تريد أن تسرق الكاميرا من فعاليات المهرجان، لكنها فقط تحاول أن تعبر عن نفسها لتحقيق إرادة أعضائها، إلا أن ما حدث في مهرجان برلين (73)، أن نتائج اللجنة التي أعلنت مساء السبت الماضى، كانت هي الأكثر إثارة للجدل كما أنها في نفس الوقت فتحت بابا للتأمل للعديد من القضايا السينمائية تحديدا والإبداعية عموما والتى يراها البعض محسومة مسبقا، إلا أنها واقعيا لاتزال قيد التداول.

دأبنا على الاعتقاد أن لجنة التحكيم تعبر عن رئيسها وهكذا وجدت النجمة الأمريكية كريستين ستيوارت 32 عاما تتلقى اتهاما بتوجيه دفة الجوائز، طبقا لمعاييرها، من واقع خبرتى أن هناك عاملين مؤثرين في الوصول للنتيجة النهائية، قدرة عضو اللجنة وليس فقط الرئيس على فرض وجهة نظره وهى قطعا تخضع لعوامل خاصة لا يتمتع بها كل البشر، قطعا مكانة رئيس اللجنة تسمح له بمساحة أكبر في الدفاع عن رأيه، لكن لا يشكل هذا بالضرورة القدرة على الحسم، كما أن تخصص عضو اللجنة في مجال ما: تمثيل، إخراج، تصوير يمنحه أيضا مساحة أكبر في تفنيد أسباب التفوق من واقع خبرته العملية، من المؤكد أن هناك تداخلا وتفاعلا في العمل الفنى بين الممثل وتوجيه المخرج، لكن تظل هناك لمحات خاصة للفنان المؤدى، حالة من التحليق، مثل المطرب الذي يؤدى لحنا ليس من إبداعه، إلا أنه بقدر ما يتعمق في تفاصيله يضيف أيضا إليه. سوف تلمح في جوائز الممثلين طفلة ومتحولا جنسيا فازا بجائزتى التمثيل، هل رئيسة لجنة التحكيم كان لها دور؟، غالبا هذه المرة نعم، فلا أحد من المفترض أن يعلن ما الذي تم تحديدا في كواليس اللجان.

طفلة تفوز بالجائزة، صوفيا أوتورو، لأداء الدور الرئيسى عن الفيلم الإسبانى (20 ألف نوع من النحل)، والممثلة الألمانية ثيا ايرو أفضل دور مساعد (حتى آخر الليل). طفلة تؤدى دور طفلة، ومتحولة تلعب دور متحولة هل تشعر أن هذا منطقى جدا ولا يوجد وجه للاستغراب أو حتى للتساؤل عن كيفية حصولهما على الجائزة، فهما لم يفعلا شيئا سوى تقديم جانب من حياتهما؟.

أنا أختلف معك تماما، أثيرت قضية مماثلة، في بداية المهرجان،عندما اعترضت ممثلة يهودية على منح دور يهودى لممثل غير يهودى على اعتبار أنه- أقصد اليهودى- هو فقط القادر على أداء دوره، وقالت هل من الممكن أن يلعب دور أسود ممثل أشقر أو العكس؟، سر الاعتراض هو أن الممثلة هيلين ميرين الحاصلة على الأوسكار، تؤدى دور جولدا وهى لا تدين باليهودية.

إجابتى هي أن الواقع عامل مؤثر، لكن فن الأداء هو الذي يملك الحسم، وقناعة الجمهور تنحاز للقدرة على الأداء، حتى لون الممثل، ليس هو الفيصل، يجوز تغيير اللون والملامح لو كان المكياج مضبوطا، حكى يوسف شاهين أنه عند عرض (باب الحديد) في برلين 1958 اعتقد الجمهور أن لديه إعاقة حقيقية في قدمه، وعندما شاهدوه تعجبوا كيف كان مقنعا في أداء دور (قناوى) الذي كانوا يسخرون منه بسبب تلك الإعاقة، لدينا أحمد زكى أشهر من أدى شخصيات واقعية متعددة ومتباينة، وهو لا يشبه أيا منها: طه حسين في (الأيام) وعبدالناصر في (ناصر 56) والسادات في (أيام السادات) وعبدالحليم حافظ (حليم)، وكان لديه طموح أن يؤدى عددا من الشخصيات التاريخية الأخرى أحمد فؤاد نجم (الفاجومى) والمشير عبدالحكيم عامر وأنور وجدى وغيرهم، فهل هو يشبه واحدا منهم؟.

توجد قصة أو طرفة متداولة ولا أدرى مدى صحتها التاريخية، تؤكد أن شارلى شابلن دخل في مسابقة لتقليد شارلى شابلن وحصل على المركز الثانى.

المطرب والملحن سعد عبدالوهاب أقيمت مسابقة بين جمهور الإذاعة في الخمسينيات بعد أن قدم إحدى أغنيات عمه الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب بصوته واستمع الناس إلى الصوتين كل منهما أدى نفس المقطع، و40 في المائة فقط هم الذين عرفوا الإجابة الصحيحة، أغلبهم اعتقدوا أن صوت سعد هو لعبدالوهاب. يظل الفيصل في القدرة على الأداء الطفلة صوفيا أوتورو طبعا مع توجيه المخرجة الإسبانية استيباليز اوريسولا، كذلك المتحولة ثيا غيزر مع المخرج الألمانى كريستوف هوشهاوزلر، قدما دورين مقنعين كفن أداء، وليس لأنهما تعبران عن نفسيهما.

ليست المرة الأولى التي أشاهد طفلا أو فنانا يقف لأول مرة على الشاشة ويحصد الجائزة، التعامل مع الطفل هو الأصعب قطعا، كيف تحافظ على تلقائيته، إنها طفلة تؤدى دور طفل، لكنها تستشعر أنها أنثى، فهل صوفيا تؤدى دور صوفيا، المعاناة في الحياة التي تعانيها الشخصية الدرامية لم تعشها واقعيا، وهنا يبرز دور المخرج، هناك الذاكرة الإبداعية وهو ما يمكن توصيفه بالمخزون الاستراتيجى التي يحتفظ به الممثل شعوريا ولا شعوريا. كان رشدى أباظة كما روى لى نور الشريف لديه كراس يضع داخله لزمات صوتية حركية من الشخصيات التي يلتقيها، وعلم من رشدى أنه قد يستعيدها بين الحين والآخر، أمام الكاميرا، وهو بالمناسبة ما فعله نور في بعض الشخصيات التي يؤديها مثل دوره الشهير في فيلم (العار)، تلك اللزمة بحركة الرقبة اقتنصها من شخصية التقاها في الحياة.

هنا نتحدث عن تعمد التقمص، بينما عادة ما يحدث لا شعوريا، الممثل يكتشف أن بداخله نوعا من التداخل بين الشخصية على الورق وما اختزنه في الذاكرة، تفصيله من هنا وأخرى من هناك.

المتحولة الألمانية تعيش قطعا العديد من التفاصيل وفكرة السماح المطلق بتغيير المسار الجنسى في أوروبا التي يعتقدها البعض، واقعيا غير حقيقية، ودور المخرج ألا يجعل المتحول يعبر عن معاناته الذاتية ولكن يعبر عن الشخصية الدرامية. ويبدو مع الطفل دور أكبر وهو أن يحافظ على تلقائيته، هناك فارق بين طفل وآخر، وهذا هو ما فتح الباب أمام فاتن حمامة في فيلم (يوم سعيد) وكانت في نفس المرحلة العمرية الثامنة مثل صوفيا، وزاد المخرج محمد كريم عدد مشاهدها وأكملت بعدها المسيرة وصارت (سيدة الشاشة)، أحيانا نجاح الطفل الطاغى يحول دون استمراره لأن الناس ترفض أن تراه بعد أن تجاوز تلك المرحلة مثل ماكولاى كالكين بطل (وحدى في المنزل) وبعيدا حتى عن وقوعه في براثن الإدمان فإن الناس تشبثت به فقط طفلا وهو ما حدث عندنا مع الطفلة فيروز، وتبقى حكاية ثالثة وهى الممثل الذي يضع جزءا من شخصيته في نسيج كل أدواره مثل عادل إمام وهى حالة تستحق مقالا خاصا، بعيدا عن رحلتنا مع (برلين)، وكل عام وأنتم طيبون!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية هل نمثل أنفسنا أم نمثل الشخصية الدرامية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon