توقيت القاهرة المحلي 14:30:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لون كليوباترا ليس هو المشكلة!

  مصر اليوم -

لون كليوباترا ليس هو المشكلة

بقلم - طارق الشناوي

لا نعترض على مسلسل كليوباترا الذي ستقدمه نتفليكس بسبب لون الملكة الأسود، لا يعنينا اللون، نعترض لأن هذا يجافى تماما الحقيقة التاريخية، إلا أن هذه الاعتراضات وغيرها سينتهى بها المطاف إلى لا شىء، ستتلاشى سريعا وستبقى في النهاية الوثيقة الرسمية المتداولة (كليوباترا) السوداء بملامحها الإفريقية.

نعيش حاليا في عالم يطلق عليه (ما بعد الحقيقة)، وأعنى به الحقيقة المتداولة الشائعة، ولا يهم بالضبط ما هو المقدار الصحيح للحقيقة في هذه الحقيقة التي تسيطر على المشهد، المهم أن تظل هي السائدة والمهيمنة.

ليس مهما أن تمسك بيديك الحقيقة، الأهم أن تتمكن من أدواتك وأسلحتك ومن خلالها تملك كل أسباب ذيوع الحقيقة.

زمن الشجب والولولة انتهى، لا أحد لديه متسع من الوقت لكى يمسح دموعك (يا نوال)، سنملأ الدنيا بالشكوى والصراخ بسبب تزوير تاريخ حضارتنا ثم لا شىء.

في مهرجان (برلين) الأخير الذي عقد قبل نحو شهرين عرض فيلم (جولدا) المقصود رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، وأدت دورها باقتدار هيلين ميرين، شاهدنا وجها لا نعرفه كثيرا عن جولدا، المرأة خفيفة الظل الكريمة قوية الشخصية، في وقت انهار فيه أمامنا أكثر من قائد عسكرى إسرائيلى وهم لا يصدقون، ما جرى على الجبهتين المصرية والسورية وتتابع الانتصارات في الأيام الأولى للحرب. ولكن باقى البضاعة في الفيلم البريطانى الجنسية، أنه تبنى وجهة النظر الإسرائيلية، التي تروج أن الثغرة كانت بمثابة انتصار إسرائيلى أنهى المعركة لصالحهم، قدموا وثيقة عالمية زائفة بينما نحن اكتفينا فقط بفضح الكذبة في مقالات أو برامج نقرؤها فيما بيننا، إلا أنها لم تتجاوز دائرة الأصدقاء المحدودة، إسرائيل مثلا قدمت وجهة نظرها في أشرف مروان باسم (الملاك) كتابا وفيلما، تؤكد أنه كان عميلا لهم ضد مصر، بينما القوات المسلحة المصرية أقامت له جنازة عسكرية ونعاه رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك باعتباره بطلا قوميا أفنى حياته رهنا للوطن.

العالم قطعا سيرى الفيلم وسيصدق الرواية الإسرائيلية، كل الملابسات تؤكد كذبها ولكن هل يتجاوز صوتنا الدائرة التي نعيش فيها، لا أعتقد أن كل من نقدمه من بيانات تؤكد وطنية أشرف مروان سيغير شيئا من الحقيقة المتداولة عالميا، رغم أنها تجافى تماما الحقيقة، فهى أحد تنويعات عالم (ما بعد الحقيقة) الذي لم نتهيأ بعد للالتحاق به.

لا أتصور سوى أن كل شىء يتغير من حولنا ويتبدل، ولا نزال نواجه تلك المواقف بنفس أسلحة الزمن الماضى، التي تبدأ بالشجب وتنتهى بالشجب. نملك الوثيقة التي هي عمق الحقيقة الاستراتيجى، إلا أننا لا نجيد تسويق ما بأيدينا من أوراق، الأمر ليس له علاقة بضآلة الإمكانيات المادية، لأن هذه الأعمال الفنية إذا أحسن تسويقها تُدر أموالا.

لن تتوقف الدعاية الغربية عن تقديم أفكارها وتوهيماتها في أعمال فنية، تخترق حواجز التاريخ والجغرافيا، وبالعديد من اللغات، بينما نحن لا نتبادل أمورنا سوى داخليا وبالعربية، ولا نفكر في العبور للشاطئ الآخر، قضايانا عادلة وموثقة، ولكننا نخسرها لأننا ليس لدينا محام شاطر، سيظل العالم يشاهد فيلما مثل (جولدا) الذي يروج أن معركة أكتوبر انتصار إسرائيلى، وسيرى أشرف مروان باعتباره (ملاك) يعمل لحساب (الموساد)، وسيصدق أن كليوباترا ملكة مصر بشرتها السوداء وملامحها الإفريقية، وسنواصل بكل ما نملك من صوت حنجورى الشجب!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لون كليوباترا ليس هو المشكلة لون كليوباترا ليس هو المشكلة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon