بقلم - طارق الشناوي
جميل أن يصحو المصريون ليجدوا بينهم توم هانكس يشاركهم أكلاتهم الشعبية فى مطعم شهير، لن أكتب اسمه لأن إدارة التحرير سوف تعتبرها دعاية، رغم أنه مش ناقص، يكفيه أن يضع على الواجهة صورة توم يتابع (طشة) ملوخية الأرانب مع التوم، ليصبح التعليق (توم يأكل توم).
الزيارة تحمل شهادة واضحة أن مصر مقصد سياحى من الطراز الأول، نعلم أن مصر تتمتع بكل عوامل الجذب، فهى الأكثر ثراء بما منحها الله من حضارة لا تزال شامخة وراسخة، ولكن وكالعادة تفاصيل صغيرة جدا تحدث بين الحين والآخر تفسد كل شىء، البعض منا يتعامل مع السائح كصيد ثمين، والتى تبدأ بمحاولة مساومته منذ أن يستقل التاكسى من المطار حتى الحجز فى الفندق.
بعضنا يكتفى بتطبيق قواعده، الدينية والأخلاقية والثقافية، وهى نفس النظرة التى يتبناها قطاع وافر من المصريين فى الكثير من مناحى الحياة، تحرص على أن تخضع الآخر لمعيارك وقانونك وذوقك ودينك، وتحدد من خلال ذلك موقفك حبا أو كرها، ترحيبا أم إنكارا.
لن أسرد الوقائع التى شاهدناها على (السوشيال ميديا) لبعض السياح الذين حرصوا على نشرها، وكان من الممكن ببساطة تجنبها لو أعملنا العقل، والغريب أننا لم نجد مثلا من يسارع بالتحقيق وإجلاء الحقيقة، سواء بتبرأة المتهم أو بعقابه لو كان يستحق، فى العادة يتم تجاهل الموقف برمته أخذا بالأحوط.
حضور نجم كبير بحجم توم هانكس إلى مصر كثيرا ما تابعناه فى المهرجانات السينمائية، يقف النجم على خشبة المسرح ويعلن حبه لمصر وأهلها ونيلها، إلا أن هذه الشهادة مدفوعة الأجر، النجوم تتم استضافتهم على حساب المهرجان، وبعضهم لا يكتفى بالحضور هو وفريق العمل والأصدقاء، ولكنهم يحصلون أيضا على مقابل، كثيرا ما ساهمت مثلا الطائرة الخاصة لنجيب ساويرس، فى الماضى.
فى حضور النجوم العالميين إلى (الجونة)، كما أن مهرجان (القاهرة السينمائى) كثيرا ما رصد أموالا لحضور بعض النجوم العالميين، إلا أنه بات الآن يتوجه أكثر لاستقطاب الأفلام، المهرجانات الكبرى فى العالم مثل (كان) و(فينسيا) و(برلين) نرى العديد من النجوم فى الفعاليات.
لا يحصلون على مقابل، النجم العالمى عند تعاقده على بطولة الفيلم يوقع أيضا على أنه سوف يصاحبه فى عدد من المهرجانات الكبرى التى تلعب دورا حيويا فى التسويق، بينما نحن الذين نسعى للنجم، ولهذا ندفع له مقابلا ضخما بالدولار أو اليورو.
زيارة توم هانكس الشخصية تحمل رسالة عملية أشد تأثيرا من حملات الدعاية التى تكلفنا الكثير، توم هانكس يتحرك بحرية ويأكل بحرية ويعيش حياته بحرية.
العديد من النجوم المصريين عندما تلتقيهم فى بلد أوروبى تشعر وكأنهم يمارسون لأول مرة الحياة.
طبعا لا تصدقوا ما دأبوا على إعلانه بأنهم يكرهون الشهرة التى قتلت الخصوصية، إنهم قطعا يؤرقهم لو لاحظوا خفوتا فى معدل دهشة عيون الناس فى الشارع، إلا أنهم فى حالات نادرة يشعرون بحنين لقليل من الراحة من تلك النظرات. كان عمر الشريف كثيرا ما يسخر من الشهرة العالمية قائلا وأنا حاستفيد إيه من إن إنسان يعيش فى اليابان أو الصين ويعرف صورتى؟.
توم هانكس بيننا يأكل (ملوخية بالأرانب)، خبر قطعًا ينعشنى، سوف أشعر بسعادة أكثر لو جرب المرة القادمة (ملوخية بجمبرى الفراولة)!!.