توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفكار من «سيليكون»!

  مصر اليوم -

أفكار من «سيليكون»

بقلم - طارق الشناوي

رجل هندى عاشق لزوجته عاشت معه 39 عامًا ثم لبت نداء ربنا، وصعدت روحها للسماء، الرجل من فرط حبه لم يجد من وسيلة لتحدى القدر سوى أن يصنع لها مجسمًا كاملًا من السيليكون، كلفه ما يساوى 80 ألف جنيه مصرى، هو حتى الآن يعشقها ويناجيها ويشاغبها مثلما كان يفعل فى حياتها، إنه الوفاء العظيم، أتذكر حكايات كثيرة مع تنويعات أخرى، الفنانة الكبيرة مديحة يسرى، عندما رحل ابنها الوحيد عمرو محمد فوزى، لم تتلق العزاء، اعتبرته مسافرًا، وحتى رحيلها كانت تعيش فى انتظار عودته، الذى طال ربما أربعين عاما. رئيس هيئة الاستعلامات الأسبق، دكتور مرسى سعد الدين، شقيق بليغ حمدى، عندما مات ابنه الوحيد ظل محتفظا بكرسيه على المائدة، وفى كل وجبة إفطار أو غداء أو عشاء، كما تعودوا، يضع له أطباقه المفضلة، كتب مقالًا نشر وقتها فى الأهرام عنوانه (الكرسى الشاغر)، لم يبرح ذاكرتى، حتى الآن، من فرط صدقه.

فى باريس، قبل بضع سنوات، عندما رحل رجل تجاوز التسعين وحيدًا بلا أهل، اضطرت الشرطة لاقتحام المنزل بعد أن تسربت الرائحة، اكتشفوا فى تلك اللحظة أنه يحتفظ بجسد أمه الراحلة محنطًا وعلى مدى تجاوز خمسين عامًا، عاش مع أمه الراحلة، ولدينا العديد من الحكايات المماثلة، إنه الوفاء العظيم، على شرط أن يظل الإنسان مكتفيًا بهذا القدر، وفى النهاية لا ينعكس سلبًا على حياة الآخرين.

هل من الممكن أن تتسع الدائرة لنرى معًا «سيليكون» مماثلًا للمعتقدات السياسية، مثل الناصريين والساداتيين؟، تلمح كلًا من أعضاء الفريقين لا يرضى بأن يستمع منك إلى أى كلمة نقد مهما استندت إلى حقائق تاريخية، هؤلاء هم (الدوجما)، من حق كل إنسان أن يرى مثلًا فى التجربة الناصرية (إيجابيات) متعددة، ولكن هناك أيضًا كما قال أحمد فؤاد نجم (حاجات كتير صابت وحاجات كتير خابت)، نوسع الدائرة أكثر ونصل لمريدى الشيخ الجليل محمد متولى الشعراوى، لا أحد منصف ينكر تأثيره فى الوجدان المصرى والعربى، وحتى الآن حضوره بكل هذه الكثافة، بعد ربع قرن من رحيله، لا يمكن لأحد التشكيك فيه، ولكن هناك أقوالا لشيخنا الجليل أصابت المجتمع المصرى فى مقتل، مثل الغطاء الشرعى الذى تحول إلى مظلة لشركات توظيف الأموال فى الثمانينيات، التى أفسدت الحياة الاقتصادية فى مصر، فهو يرى أن أموال البنوك الرسمية ربا، بينما تلك الشركات التى تتخفى تحت راية الإسلام هى الحلال بعينه، وله صورة شهيرة فى الأهرام وهو يبارك إحدى هذه الشركات، ليتدافع بعدها ملايين المواطنين الذين سلموا لها تحويشة العمر، ثم كلنا قطعًا تذكر ما حدث بعد ذلك!!.

آراؤه التى تخاصم العلم فى الكثير من جوانبها، تقف على الجانب الآخر من الحياة، لا يعنى ذلك أن الشيخ عندما قدم خواطر فى تفسير القرآن لم يدخل جزء كبير منها إلى قلوب الناس، لسهولة الشيخ فى العرض والتحليل، بعيدًا عن تقعير عدد من الشيوخ السابقين واللاحقين، بديهى أن تختلف زاوية الرؤية التى يطل منها طبيب على فتوى الشعراوى بعدم جواز التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة إنسان، أو يطل بها من يعمل بالفن عن قوله الشهير الذى تم تناقله من مؤسس الجماعة حسن البنا (حلاله حلال وحرامه حرام)، فهو فى النهاية يجعل (الترمومتر) للقياس هو الدين، وتلك أراها أكبر طعنة توجه للفن، الفنون كلها بالمناسبة لا تتحدى الأديان أو تدخل فى معركة معها أو مع الأخلاق، ولكنها لا تقيم أيضًا من خلالها.

الكثير من الخلافات الموضوعية تكررت فى الأيام الأخيرة عن آراء لفضيلة الشيخ الشعراوى، إلا أن مريدى وعشاق الشيخ ليس لديهم استعداد لتقبل أى نقاش حول آرائه، صنعوا من تلك الأفكار مجسمات من (السيليكون) ولا يزالون يدافعون عنها!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار من «سيليكون» أفكار من «سيليكون»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon