توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بديع وأحفاد بديع!!

  مصر اليوم -

بديع وأحفاد بديع

بقلم - طارق الشناوي

كان أحمد فؤاد نجم يستطيع تحمل الصيام عن الشرب والأكل، ما عدا شىء واحد وهو أنفاس السيجارة، لم يكن وحده في المكتب، معه اثنان من الموظفين، يدينان بالمسيحية، لم يكن اسماهما الأوليان يوضحان الديانة، وهما في نفس الوقت احترما صيامه ولم يشعلا سيجارة ولم يشربا رشفة ماء، بين الحين والآخر كان (الفاجومى) يذهب إلى دورة المياه ليمارس عشقه مع سجائره، وتكرر الأمر عدة مرات، حتى اكتشفا تلك الحيلة، وصرخا في وجهه (أنت فاطر يا عكروت؟).

من بعدها تعلم فؤاد نجم الصدق، حتى في أبسط الأمور، فهو من القلائل الذين يجهرون بالحقيقة، أول قضية حوكم بسببها كانت تزويرا في أوراق رسمية، ولم تكن سياسية ولا حتى بسبب تعاطى الحشيش، الرجل قالها ببساطة، أكد أنه أخذ عقابا مستحقا، ولم يكررها، كان زميلا لعبدالحليم في الملجأ، بينما لو عدت لعبدالحليم وهو يروى مذكراته ستكتشف أنه لم يشر أبدا إلى تلك السنوات، وربما لهذا السبب، وبرغم محاولات الموسيقار كمال الطويل الذي كان شديد الاقتناع بموهبة نجم وقدمه بالفعل لعبدالحليم، إلا أنه لم يرحب أبدا بغناء كلماته، تحسبا من لسان نجم الذي لا يعرف الفارق بين ما يسمح بتداوله، وما لا ينبغى الإشارة إليه، حتى من بعيد لبعيد.

على الجانب الآخر، تكتشف أن كاتبا كبيرا مثل بديع خيرى، أكثر واقعية في هذا الشأن، احتفظت الذاكرة المرئية لبديع بحوار واحد مع الإعلامية سلوى حجازى، في بدايات التليفزيون المصرى، كما أنه شارك نجيب الريحانى التمثيل، مرة واحدة، في فيلم (ياقوت) أول شريط سينمائى ناطق لعب بطولته الريحانى، ولا يعرض إلا نادرا.

بين بديع ونجيب موقفان كان يقترب منهما بقدر كبير من الاحتراز، الأول أنه كتب من الباطن، وهو ما يعرف بـ(كاتب الظل)، أي يتقاضى أجرا ولكن العمل الفنى ينسب لآخر، كان بديع كاتبا ناشئا ولهذا لم يجرؤ أن يتقدم بأعماله مباشرة للريحانى، بينما كان الريحانى يبحث عن مؤلف بعد خلافه مع أمين صدقى، كاتبه الملاكى، بسبب مطالبة الأخير بزيادة أجره، فكان ينبغى البحث عن كاتب جديد، وتقدم له فعلا أحد الممثلين في المسرح برواية- كما كانوا يطلقون في ذلك الزمن على النص المسرحى- وأعجبته فتعاقد عليها، وتكرر الأمر أكثر من مرة، حتى همس أحدهم في أذن الريحانى باسم بديع كاتب (الظل)، فاتفق مباشرة الريحانى مع بديع، لم يعد بديع يذكر أنه كتب من الباطن، لأنها صارت حيلة مستهجنة، بينما في الماضى وقبل إقرار حقوق الملكية الفكرية لم يجد حرجا في ذكر تلك الحقيقة.

لدينا واقعة أخرى ذكرها بديع في مذكراته، بينما صار الأصدقاء والورثة يتعمدون تغييرها، وهى كيف تغلب بديع على خجله، عندما التقى الريحانى لأول مرة؟، الواقعة كما ذكرها في مذكراته أنه ذهب إلى خمارة في شارع (عماد الدين) بالقرب من مسرح الريحانى، واحتسى كأس أو اثنين، حتى يمتلك الشجاعة اللازمة، ومع تراجع المجتمع في التسامح مع مثل هذه الأمور، صار البعض يكتب الواقعة على النحو التالى أنه ذهب للجامع وصلى ركعتين، داعيا الله أن يقويه ويمنحه الشجاعة.

من غير الكأس إلى الصلاة؟، هي تفصيلة صغيرة كما ترى، ولكنها تكشف كيف أصبحنا نتحسس ونتحسب لكل كلمة، هل الحقيقة، كل الحقيقة، تعلن كما ذكرها (الفاجومى)، أم نصفها كما ذكر (بديع)، أم أن علينا من الآن (ورايح) أن نضع عليها غطاء دينيا كما فعل أحفاد بديع؟!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بديع وأحفاد بديع بديع وأحفاد بديع



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon