بقلم - طارق الشناوي
المونديال (عربى)، هكذا وصف الشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر كأس العالم، وكان حقا فخرا للعرب جميعا، وجاءت الذروة عندما أهدى العباءة الخليجية العربية، لأسطورة الكرة ميسى، لتصبح تلك هي مسك الختام التي تليق بهذا الحدث التاريخى. حققت دولة قطر الكثير من النقاط الإيجابية لصالحها، وصالحنا كعرب، بقدرتها على تنظيم مونديال بكل هذه الضخامة والحفاوة، ومع تعدد الثقافات في ظل جمهور يأتى من العديد من دول العالم بطبيعة تكوينه متعصبا لبلده، ويحتاج إلى قدرة استثنائية على ضبط المشاعر عند نقطة محددة حتى لا تنفلت، وهذا هو ما نجحت على تحقيقه الإدارة المحنكة.
كأس العالم 2022 حالة خاصة، عندما تتابعها بتأمل تجدها حكاية درامية متكاملة الأركان، تتميز بالانقلابات من النقيض للنقيض.
الأرجنتين بطل العالم يلقى أول هزيمة له في أول لقاء من المملكة العربية السعودية، هي نفسها الأرجنتين التي تحمل الكأس في نهاية هذا الماراثون. ميسى الذي كانوا يعايرونه بمارادونا، الذي منح في منتصف الثمانينيات الكأس للأرجنتين، تلتقط الكاميرا صورته مع ابنيه بنفس الفانلة رقم 10 عليها اسمه وهم يبكون فرحا، ويمنح بلده كأسا عزيز المنال، قبل اعتزاله، ويتوج في النهاية بلقب أفضل لاعب في العالم.
دولة قطر كانت مشرفة لنا جميعا كعرب وتغلبت على أكثر من حاجز، مثل الثقافة والعادات والتقاليد العربية التي تقنن التعبير عن الحب، حتى لا يتجاوز خطوطًا حمراء محددة، سمحت قطر بهامش مقنن، بما يتوافق مع عالمية الحدث. المغرب شرفتنا بالمركز الرابع، وظلت حتى اللحظة الأخيرة داخل المستطيل الأخضر، لنصبح بصدد رسالة واضحة، وخاصة للفريق المصرى الذي كثيرا ما كان يكتفى بالتمثيل المشرف، وكأن الهزيمة قدر محتوم، المغرب أكد عمليا من خلال مدير الكرة الركراكى، أنهم خدعونا طوال عقود من الزمان، الأمل ليس في استدعاء مدير الكرة الأجنبى ولكن بالإرادة والإصرار، وكالعادة وسط فرحة عربية إفريقية، حاولوا الإفساد بادعاء أقوال على لسان الركراكى أن الفرحة والانتصار مغربى وليس عربيا أو إفريقيا، وهو ما نفاه الركراكى، وهؤلاء متواجدون في كل فرحة لاغتيالها. أليس هم الذين حرضوا نقابة الموسيقيين المصرية بأن تكشر عن أنيابها وتعلن أنها لن تتوانى في ضبط وإحضار ويجز بمجرد وصوله لمطار القاهرة قادما من الدوحة، للتحقيق معه، لأنه لم يقدم ورقة تسمح له بالسفر والغناء في (المونديال)، وهو قرار تعسفى وقعت فيه النقابة التي لم تتخلص بعد من تلك النظرة الدونية للراب، وقبلها المهرجانات والشعبيات، هم فقط دون باقى الأعضاء مطلوب منهم الحصول على إذن مسبق، قبل الغناء خارج الحدود، وهو قرار يحمل تنمرا، بدأ النقيب يستشعر خطأه وغير النبرة من التهديد والوعيد إلى أنه أخ أكبر لويجز وينتظر مجيئه للقاهرة لكى يحتسى معه القهوة في النقابة، كانت لنا أيضا فرحة مستحقة في الختام، عندما غنت السبرانو المصرية فرح الديبانى النشيد الوطنى الفرنسى في حضور ماكرون، إلا أن الرؤية السياسية غابت عن النقابة. حتى الآن لا أزال أقرأ كلمات لزملاء عن المؤامرة العربية لضرب الفن المصرى، إحساس مرضى يعشش في النفوس، عندما يعتقد كل منا أنه (الترمومتر) الوحيد الموثوق به لقياس الذوق، وما دونه هو الإسفاف.
عندما يستدعى حسن شاكوش للغناء في بلد عربى مؤامرة، وعندما يغنى ويجز مؤامرة كبرى، تخاريف تورثناها، وأكدتها ممارسات نقابة الموسيقيين السابقة في عهدها البائس، لو تابع هؤلاء بوستر هانى شاكر الأخير الذي يحاكى فيه ملابس مطربى المهرجانات لاكتشفوا أصل الحكاية. فرحة عربية إفريقية، منحنا القدر فرصة ذهبية للمشاركة في ختامها، تسأل البعض عن ميسى وارتدائه العباءة القطرية، وتناسى هؤلاء أن عبدالحليم غنى في الكويت في الستينيات مرتديا العباءة الكويتية، وأم كلثوم غنت في المغرب مرتدية الجلباب المغربى الأنيق!!.