بقلم - طارق الشناوي
لم تجمعنا فى الحياة صداقة، جمعتنا المهنة الواحدة، وفى مرحلةٍ ما مكان النشر الواحد؛ مجلة (روزاليوسف) وأيضا (جريدة القاهرة)، وتلاقينا فى عدد من المهرجانات، سواء داخل مصر أو خارجها، وأيضا بيننا خلافات لا بأس منها أحيانا فى تباين وجهات النظر.
كثيرًا ما حاولت أن أطرق بابه، هو بطبعه يميل للعزلة، يحتفظ بدائرة محدودة من الأصدقاء المقربين، ولم أكن بينهم، لم يؤثر ذلك أبدًا على ما أحمله له من تقدير، وكلما اتيحت لى الفرصة، أقرأ ما يكتبه بإعجاب.
الناقد والكاتب الكبير «مجدى الطيب» كان يستحق وهو بيننا حفاوة أكبر بإنجازه الإبداعى، فهو يقف بين عدد محدود جدًا ممن يمارسون حرفة الكتابة النقدية، ممتلكًا أدواته، سواء فى الرؤية الفنية أو التعبير عنها فى مقال.
الأستاذ مجدى، رغم معاناته الصحية فى السنوات الأخيرة، إلا أنه كان حريصًا على التواجد ليتابع الحدث فى موقعه مثل: (البحر الأحمر) و(الجونة) و(الإسماعيلية) و(القاهرة) و(الإسكندرية)، وغيرها، حتى الواجب الاجتماعى لم يغفل عن أدائه. أتذكر انه توجه لعزاء أرملة الناقد والإعلامى الكبير يوسف شريف رزق الله فى جامع عمر مكرم رغم معاناته الجسدية، ويومها عاتبته السيدة ميرفت الإبيارى أرملة الأستاذ يوسف إشفاقًا عليه من المشقة.
المهرجان الذى احتفى به مؤخرا هو (الأقصر)، وذلك قبل دورتين، بجائزة قطعًا مستحقة كناقد وأيضا كمشارك فى المكتب الفنى، حيث تولى الإشراف على المكتب الصحفى فى دورته الثانية، وأتمنى أن تقدم عنه مهرجانات مثل: (الأقصر) المقام حاليا، ثم (أسوان) و(الإسماعيلية) و(الإسكندرية) احتفالية خاصة.
كيف يتم تكريم الناقد؟.. هل بمنحه شهادة أو تمثالًا، أم بتجميع أعماله؟.. كل ذلك جميل ومطلوب قطعًا، إلا أنه ينقصنا ما هو أهم «التحليل النقدى والجمالى لما يكتبه النقاد».. وهو مسؤولية زملاء المهنة فى هذا الجيل، وعليهم أن يقدموها للقراء والمهتمين.. مثلًا استطاع الباحث الراحل يعقوب وهبى أن يعيد نشر مقالات سامى السلامونى، أكثر نقاد العالم العربى موهبة وتفردًا، جمعها يعقوب فى نحو ثلاثة إصدارات لقصور الثقافة، وهو جهد مشكور، مستندًا إلى أهم مركز سينمائى فى مصر يعتنى بتجميع المقالات وأعنى به (المركز الكاثوليكى المصرى للسينما)، الذى تتابع الإشراف عليه فى السنوات الأخيرة أبونا الراحل يوسف مظلوم ثم أبونا بطرس دانيال، مع فريق عمل متميز أذكر منه الأستاذة المدققة الدؤوب منى البندارى.
ينقصنا أن يعكف عليه أحد النقاد ويبدأ فى تحليل بناء المقال، الأمر ليس له علاقة مباشرة فقط بإلمامه بمفردات السينما من تصوير ومونتاج وتكوين وأزياء وموسيقى، فقد كان مجدى الطيب يجيد قراءة الفيلم، وفى نفس الوقت يملك ناصية التعبير عن أفكاره، هذا هو الكاتب الذى يستحق أن نُطل عليه ونبدأ فى تحليل أسلوبه، وليس فقط التجميع كما فعلنا من قبل مع الراحلين الكبار سامى السلامونى ومصطفى درويش وسمير فريد وغيرهم.
وداعًا للناقد والكاتب الكبير مجدى الطيب، الذى أثرى حياتنا بقلمه، وكان يشاهد الأفلام الرديئة قبل الجميلة، حيث باتت الأغلبية تختار مع الأسف الفيلم الجيد وتقلع عن الردىء، بحجة يكررونها بأنه لا يستحق، وهو خطأ كبير يقع فيه البعض، بينما الأستاذ مجدى الطيب كان حريصًا على أن يلعب دوره فى التحليل والتوثيق للجيد والردىء.. وداعًا ناقدنا الكبير المحترم!!.