توقيت القاهرة المحلي 06:29:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطيب الجامع يسرق الكاميرا

  مصر اليوم -

خطيب الجامع يسرق الكاميرا

بقلم - طارق الشناوي

الحياة في الكثير من أنماطها ينطبق عليها قانون «الأواني المستطرقة»؛ يرتفع المنسوب في واحد فينطلق إلى الآخر، بدرجة متساوية. في الكثير من المظاهر الاجتماعية، نلاحظ دائماً أن هناك قدراً لا يمكن إنكاره من التأثر.
نتابع حالة الانفلات اللفظي التي سيطرت على عشرات من الفضائيات، خصوصاً الكروية منها، ومع تكرارها فقدنا في مواجهة الكلمات النابية، فضيلة الاندهاش. عدد كبير من التجاوزات صار يخترق البيوت من دون استئذان. الدهشة هي أول حائط نفسي، إنها القميص الواقي ضد البذاءة، وعندما يسقط هذا الحاجز فهذا معناه أننا منحنا غطاءً شرعياً للكلمة التي كنا قبل قليل نطلق عليها مستهجنة، فصار بينها وبين آذاننا حالة من التعايش السلمي، وهذه هو المأزق الكبير الذي نعيشه الآن.
أصدرت المحكمة قبل أيام قراراها بإدانة خطيب جامع، والعقوبة هي «التنبيه» حتى لا يكررها، وهي تعني الكثير، خصوصاً عندما توجَّه إلى موظف عام يحمل درجة «وكيل وزارة»، حتى لو كانت أقل أنواع الجزاءات في القانون.
خطيب الجمعة قال في دفاعه إنه كان يرد على المصلّين الذين لم يستحسنوا رأيه في واحدة من القضايا المثارة إعلامياً واختلفت فيها الآراء، ووجهوا إليه وهو على المنبر اتهاماً بأنه ينافق الحكومة ويردد ما يُملى عليه من المسؤولين، وأن هذه ليست قناعاته، فقال لهم: «اللي مش عاجبه الخطبة يمشي»، وهذا يعني ضمنياً حرمانهم من أداء فريضة الصلاة، كما أنه لم يكتفِ بهذا القدر، فاتهمهم بالتطرف الديني، ومَن وجَّه إليه كلمة ردَّ عليه بأسوأ منها.
انفلت إمام الجامع، حتى لو أنه كان كما قال خلال المحاكمة إنه في حالة دفاع شرعي عن النفس، بسبب قسوة الكلمات التي انهالت عليه، إلا أن الوجه الآخر للصورة كان يفرض عليه ألا يذهب إلى ملعبهم، بل يأخذهم إلى ملعبه، ويردّ عليهم بالحسنى، فلا يمكن أن يصل التراشق اللفظي إلى حد أن يطلب منهم مغادرة الجامع، فهو لا يقدم عرضاً مسرحياً حتى يصبحوا أمام خيار باستكماله صامتين أو استرداد ثمن التذكرة والخروج قبل إسدال الستار.
أتصور أن ما رأيناه هو أحد توابع زلزال ما يجري من انفلات عبر الفضائيات، ويقتحم بيوت الناس، فانتقل طبقاً لقانون «الأواني المستطرقة» إلى الجامع.
كثيراً ما نتابع مؤشر «الكود» الذي تطلقه دائماً المجالس الإعلامية المتخصصة، وبين الحين والآخر يتقدم البعض أمام جهات التحقيق باتهام مخالفة «الكود».
هناك إحساس بأن تلك المعايير انتقائية وغير مطبقة علي الجميع، وينطبق عليها التعبير الشهير «القانون مايعرفش زينب»، الجملة التي أطلقها فؤاد المهندس الذي أدى دور محامٍ في مسرحية «أنا وهو وهي»، وبالطبع نكتشف أن القانون ينسى كل الأسماء ولا يعرف سوى «زينب»!
تعامل الشيخ مع المصلين طبقاً لقاعدة قانون نيوتن: «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد في الاتجاه»، بل تجاوز حتى نيوتن في ردود أفعاله التي تجاوزت الأفعال.
يبدو أن خطيب صلاة الجمعة اختلط عليه الأمر، فتناسى أنه يقف على منبر الجامع واعتقد أنه في الاستوديو، ويجب أن ينتصر في نهاية اللقطة، ويسرق الكاميرا من الجميع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطيب الجامع يسرق الكاميرا خطيب الجامع يسرق الكاميرا



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon