بقلم - طارق الشناوي
سؤال عن الغيرة الفنية، لا يزال يطارد كريم عبد العزيز وأحمد عز، بطلي فيلم (كيرة والجن)، انتقل السؤال من القاهرة إلى الرياض، وسوف يلاحقهما إلى باقي العواصم العربية، مع استمرار نجاح الفيلم، الأرقام تشير في شباك التذاكر، إلى أنه يتصدر المشهد، حقق نجاحاً رقمياً ونقدياً منذ عرضه قبل نحو أسبوعين، رغم أن زمنه يمتد إلى نحو ثلاث ساعات، وهذا يؤدي قطعاً إلى تقليل عدد الحفلات في صالة السينما، بالقياس للأفلام المنافسة التي لا تتجاوز في العادة ساعتين، إلا أن هناك ترقباً لرقم غير مسبوق تحققه شركة الإنتاج، يتوافق مع هذا اللقاء الاستثنائي.
في أثناء تصوير الفيلم كانت (الميديا) تسأل وتنقب عن أيهما صاحب الأجر الأكبر، ومَن يسبق مَن على (التترات) و(الأفيش)، وكيف سيحافظ المخرج مروان حامد على التوازن الدرامي الذي يضمن لكلا النجمين مكانته؟
ورغم كل الكلمات الناعمة التي أعلنها النجمان أمام (الميديا)، فإن كل منهما كانت لديه قطعاً ملاحظات وأحياناً طلبات، ولا يمكن إنكار الغيرة الفنية المشروعة، إلا أنهما تعاملا باحترافية وواقعية مع الشريط السينمائي، لصالح كل نجم أن يحسب الأمر بكل تفاصيله، ويجيب عن السؤال، ما الذي سأكسبه أو أخسره، كل منهما حسبها بدقة، وفي النهاية وبذكاء التقيا.
عدد كبير من مشروعات الكبار في نفس المجال بسبب زيادة جرعة الغيرة، باء بالفشل، مثل فيلم (حسن ومرقص) الذي كان سيجمع بين عادل إمام ومحمود عبد العزيز، السيناريو تحقق فيه التوازي الدرامي بين البطلين، وكانا أيضاً سيتقاسمان (الأفيش)، في اللحظة الأخيرة تراجع عادل، لأنه استمع إلى حوار تلفزيوني لمحمود، تناول فيه الصراع القديم بينهما حول مسلسل (رأفت الهجان)، الذي كان مرشحاً له في البداية عادل إمام وبسبب خلاف مع الكاتب صالح مرسي اعتذر فأسند المخرج يحيي العلمي الدور إلى محمود عبد العزيز، وبعدها لم تهدأ النفوس ولا الضربات بينهما فوق وتحت الحزام، تمكن الإعلامي والكاتب والمنتج عماد الدين أديب عام 2008 من عقد صلح واتفقا على الفيلم، ثم انسحب عادل، واشترط للعودة، ألا يشاركه محمود، ولأن عادل يحقق أرقاماً أكبر في التسويق، تم إسناد دور محمود إلى عمر الشريف.
المخرج محمد خان كانت لديه محاولة في نهاية الثمانينات للجمع بين فاتن حمامة وسعاد حسني، كل منهما رحّبت بالفكرة، وداعبهما قائلاً سوف تقدمان (ريا وسكينة)، ثم استقر الأمر على (أحلام هند وكاميليا)، بعد عدة جلسات منفردة أيقن خان، كما قال لي، استحالة اللقاء، لأن كل منهما تخشى الأخرى، ولكنهما لا تفصحان صراحةً عن ذلك، ووجد أنه سوف يبدد الوقت في انتظار أمل مستحيل، فتوجه لترشيح نجلاء فتحي وعايدة رياض للبطولة.
والحكاية موغلة في القدم، ففي نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، فكّر رجل الاقتصاد طلعت حرب في الجمع بين أم كلثوم وعبد الوهاب، في فيلم غنائي على غرار (قيس وليلي) أو (ألمظ وعبده الحامولي)، لولا أن أم كلثوم لم ترضَ بأن ينفرد عبد الوهاب بتلحين كل أغانيها، اشترطت أن يشاركه السنباطي والقصبجي وزكريا أحمد، كان لديها توجس أن عبد الوهاب سوف يستأثر لنفسه بالألحان الحلوة، وافقت على أن (الدويتو) الذي كان سيجمعهما في نهاية الفيلم يلحنه عبد الوهاب، وتوقف المشروع، ولم تغنِّ أم كلثوم من تلحين عبد الوهاب إلا عام 64 (أنت عمري) وتعددت بعدها اللقاءات الغنائية بينهما، إلا أننا حُرمنا من فيلم غنائي يجمع عملاقي الغناء العربي.
اللقاءات بين الكبار عندما تتحقق تضيف الكثير للحياة الفنية، لا بأس من بعض الغيرة مع ضبط الجرعة، على شرط أن تصفو النفوس، وهذا هو ما نجح في تحقيقه كريم عبد العزيز وأحمد عز!