توقيت القاهرة المحلي 04:57:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كثير من الخيال... قليل من الحقيقة!

  مصر اليوم -

كثير من الخيال قليل من الحقيقة

بقلم - طارق الشناوي

كثيراً ما أقرأ أو أشاهد أو أستمع إلى فنان عاش زمناً، يحكي قصصاً تمس عدداً من الكبار الذين اقترب منهم، لا أستطيع -وأنا مطمئن- أن أطلق عليها وقائع؛ لكنها مجرد حكايات، الهدف منها أن تضع صاحب الرواية في مكانة عالية، لترتفع قامته فوق هؤلاء الذين عاصرهم، وكانوا هم في صدارة المشهد.

استمعت إلى تسجيل أجراه الإذاعي وجدي الحكيم قبل نصف قرن مع الفنان الكوميدي حسن فايق، انتقد بضراوة نجيب الريحاني في ذكراه، قائلاً إنه كان يغار منه، وعلى المسرح كثيراً ما كان يغضب عندما ينتزع ضحكات الناس، وبدلاً من أن يمنحه -باعتباره صاحب الفرقة- مكافأة، يخصم من أجره بضعة جنيهات لأنه أضحك الناس أكثر مما ينبغي، ما يؤثر سلباً على إطلالة بطل العرض نجيب الريحاني.

قبل أيام، رأيت في أكثر من حوار على «يوتيوب» الملحن وعازف الأوكورديون فاروق سلامة، يحكي كيف أنه أضاف جملاً موسيقية لكل من محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، في الألحان التي شارك في أدائها مع الفرقة الموسيقية على المسرح؛ خصوصاً تلك التي تغنت بها أم كلثوم. فهو الذي أشار على عبد الوهاب بتغيير تلك الجملة حتى لا يعتقد أحد أنه يحاكي بليغ حمدي، وفي رواية أخرى يقول إن بليغ طلب منه في أحد ألحانه (للست) أن يعزف (صولو) أوكورديون كما يحلو له، وأغلب تلك الإضافات تمت في جلسات خاصة، وليست مع الفرقة في (البروفة).

المعروف أن هناك إضافات خاصة للعازفين خلال البروفات، وأحياناً على الهواء في بعض الحفلات، إلا أن هذا لا يعد إبداعاً موازياً.

مثلاً عازف الناي في (فرقة أم كلثوم) سيد سالم، اجتهد خلال غنائها (بعيد عنك) في أداء (صولو) الناي المنفرد، واحتفظ الأرشيف بصوت أم كلثوم وهي تقول: (إيه ده). الكلمة تحتمل الاستحسان والاستهجان، إلا أن قائد الفرقة الموسيقية محمد عبده صالح، عازف القانون الشهير، والذي كانت بينه وأم كلثوم بحكم الزمن (كيمياء)، أيقن أنها استحسان، فأعطى إشارة لسيد سالم بأن يعيد الجملة الموسيقية، والغريب أن سالم عند إعادتها لم يلتزم بالإضافة الأولى؛ بل أضاف على الإضافة، ما دفع الجمهور في الصالة إلى أن يزيد من جرعة التصفيق للعازف الجريء في حضور (الست).

تلك هي الإضافات العلنية المحببة للسمِّيعة، كثيراً ما كانت تفعلها أم كلثوم، وقد تغيِّر كلمة في أغنية، مثلما حدث في (أمل حياتي): (أنام وأصحى على ابتسامتك... بتقولّي عيش)، في الإعادة صارت (على شفايفك) وصفَّق الجمهور. الغريب أن شاعر الأغنية أحمد شفيق كامل كتبها كما قال لي في البداية (شفايفك)، إلا أن أم كلثوم وجدتها مباشرة أكثر مما ينبغي، وطلبت من المؤلف تغييرها إلى (ابتسامتك)، وأثناء الاندماج أعادتها للأصل.

قبل نحو 15 عاماً، ترددت تلك الحكاية عن قصيدة (قارئة الفنجان) على لسان عازف الكمان في الفرقة الموسيقية (الماسية) الملحن ميشيل المصري، الذي قال إنه صاحب المقدمة اللحنية، وليس كما هو معلن ومعروف ومنطقي، أنه الموسيقار محمد الموجي.

التصريح انتشر بعد رحيل الموجي بأكثر من 10 سنوات، وتصدى له بالتصحيح ابن الموجي، الموزع الموسيقي وعازف الكمان يحيى الموجي الذي أكد أن المقدمة تجميع لكثير من الجمل الموسيقية اللحنية في مقاطع القصيدة، وأن الانتقال من جملة وربطها بأخرى لا يعني إبداعاً، ولكنه يخضع لمنهج علمي في الانتقال من مقام إلى مقام، ومن إيقاع إلى إيقاع.

غياب الأعمدة الثلاثة للقصيدة: الملحن محمد الموجي، والمطرب عبد الحليم، وقائد الفرقة الموسيقية (الماسية) أحمد فؤاد حسن، ساهم في انتشار تلك الحكاية، قبل أن يفندها يحيى الموجي.

هذه فقط عينة مما نسمعه ونشاهده ونقرأه من حكايات، غاب عنها شهود العيان، فصارت مشاعاً لمن يريد أن يحكي، قد يكون في عدد منها شيء من الحقيقة، إلا أنها -وعن يقين- ليست أبداً كل الحقيقة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثير من الخيال قليل من الحقيقة كثير من الخيال قليل من الحقيقة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 23:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
  مصر اليوم - هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025

GMT 19:53 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سقوط طائرة في كولومبيا ومقتل 7 من ركابها

GMT 17:57 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

شبح مورينيو يعود للظهور في مانشستر يونايتد

GMT 08:54 2019 الأحد ,10 شباط / فبراير

الأهلي يكشف أسباب أزمة المؤجلات

GMT 14:16 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

أداما تراوري يُبرز جدية ليونيل ميسي في التدريبات

GMT 09:59 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طليق رانيا يوسف يوجّه رسالة لها بعد أزمة فستانها الفاضح

GMT 03:08 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد عبد الحفيظ يُعلن عن صفقات الأهلي الجديدة خلال أيام

GMT 04:18 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تامر حسني يُرزق بطفله الثالث ويكشف عن اسمه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon