توقيت القاهرة المحلي 11:50:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كثير من الخيال... قليل من الحقيقة!

  مصر اليوم -

كثير من الخيال قليل من الحقيقة

بقلم - طارق الشناوي

كثيراً ما أقرأ أو أشاهد أو أستمع إلى فنان عاش زمناً، يحكي قصصاً تمس عدداً من الكبار الذين اقترب منهم، لا أستطيع -وأنا مطمئن- أن أطلق عليها وقائع؛ لكنها مجرد حكايات، الهدف منها أن تضع صاحب الرواية في مكانة عالية، لترتفع قامته فوق هؤلاء الذين عاصرهم، وكانوا هم في صدارة المشهد.

استمعت إلى تسجيل أجراه الإذاعي وجدي الحكيم قبل نصف قرن مع الفنان الكوميدي حسن فايق، انتقد بضراوة نجيب الريحاني في ذكراه، قائلاً إنه كان يغار منه، وعلى المسرح كثيراً ما كان يغضب عندما ينتزع ضحكات الناس، وبدلاً من أن يمنحه -باعتباره صاحب الفرقة- مكافأة، يخصم من أجره بضعة جنيهات لأنه أضحك الناس أكثر مما ينبغي، ما يؤثر سلباً على إطلالة بطل العرض نجيب الريحاني.

قبل أيام، رأيت في أكثر من حوار على «يوتيوب» الملحن وعازف الأوكورديون فاروق سلامة، يحكي كيف أنه أضاف جملاً موسيقية لكل من محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، في الألحان التي شارك في أدائها مع الفرقة الموسيقية على المسرح؛ خصوصاً تلك التي تغنت بها أم كلثوم. فهو الذي أشار على عبد الوهاب بتغيير تلك الجملة حتى لا يعتقد أحد أنه يحاكي بليغ حمدي، وفي رواية أخرى يقول إن بليغ طلب منه في أحد ألحانه (للست) أن يعزف (صولو) أوكورديون كما يحلو له، وأغلب تلك الإضافات تمت في جلسات خاصة، وليست مع الفرقة في (البروفة).

المعروف أن هناك إضافات خاصة للعازفين خلال البروفات، وأحياناً على الهواء في بعض الحفلات، إلا أن هذا لا يعد إبداعاً موازياً.

مثلاً عازف الناي في (فرقة أم كلثوم) سيد سالم، اجتهد خلال غنائها (بعيد عنك) في أداء (صولو) الناي المنفرد، واحتفظ الأرشيف بصوت أم كلثوم وهي تقول: (إيه ده). الكلمة تحتمل الاستحسان والاستهجان، إلا أن قائد الفرقة الموسيقية محمد عبده صالح، عازف القانون الشهير، والذي كانت بينه وأم كلثوم بحكم الزمن (كيمياء)، أيقن أنها استحسان، فأعطى إشارة لسيد سالم بأن يعيد الجملة الموسيقية، والغريب أن سالم عند إعادتها لم يلتزم بالإضافة الأولى؛ بل أضاف على الإضافة، ما دفع الجمهور في الصالة إلى أن يزيد من جرعة التصفيق للعازف الجريء في حضور (الست).

تلك هي الإضافات العلنية المحببة للسمِّيعة، كثيراً ما كانت تفعلها أم كلثوم، وقد تغيِّر كلمة في أغنية، مثلما حدث في (أمل حياتي): (أنام وأصحى على ابتسامتك... بتقولّي عيش)، في الإعادة صارت (على شفايفك) وصفَّق الجمهور. الغريب أن شاعر الأغنية أحمد شفيق كامل كتبها كما قال لي في البداية (شفايفك)، إلا أن أم كلثوم وجدتها مباشرة أكثر مما ينبغي، وطلبت من المؤلف تغييرها إلى (ابتسامتك)، وأثناء الاندماج أعادتها للأصل.

قبل نحو 15 عاماً، ترددت تلك الحكاية عن قصيدة (قارئة الفنجان) على لسان عازف الكمان في الفرقة الموسيقية (الماسية) الملحن ميشيل المصري، الذي قال إنه صاحب المقدمة اللحنية، وليس كما هو معلن ومعروف ومنطقي، أنه الموسيقار محمد الموجي.

التصريح انتشر بعد رحيل الموجي بأكثر من 10 سنوات، وتصدى له بالتصحيح ابن الموجي، الموزع الموسيقي وعازف الكمان يحيى الموجي الذي أكد أن المقدمة تجميع لكثير من الجمل الموسيقية اللحنية في مقاطع القصيدة، وأن الانتقال من جملة وربطها بأخرى لا يعني إبداعاً، ولكنه يخضع لمنهج علمي في الانتقال من مقام إلى مقام، ومن إيقاع إلى إيقاع.

غياب الأعمدة الثلاثة للقصيدة: الملحن محمد الموجي، والمطرب عبد الحليم، وقائد الفرقة الموسيقية (الماسية) أحمد فؤاد حسن، ساهم في انتشار تلك الحكاية، قبل أن يفندها يحيى الموجي.

هذه فقط عينة مما نسمعه ونشاهده ونقرأه من حكايات، غاب عنها شهود العيان، فصارت مشاعاً لمن يريد أن يحكي، قد يكون في عدد منها شيء من الحقيقة، إلا أنها -وعن يقين- ليست أبداً كل الحقيقة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثير من الخيال قليل من الحقيقة كثير من الخيال قليل من الحقيقة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
  مصر اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
  مصر اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 10:50 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يسابق الزمن بسبب فيلم قديم
  مصر اليوم - أحمد عز يسابق الزمن بسبب فيلم قديم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 11:37 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

"أحن إليك"

GMT 12:43 2021 السبت ,24 إبريل / نيسان

تيليجرام يساعد الهاكرز على اختراق هاتفك

GMT 10:52 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

الخطيب يطمئن على بعثة الأهلي في تنزانيا

GMT 11:56 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

حسام حسن يقترب من الأهلي أو الزمالك

GMT 18:58 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

نادي بوردو يفوز على أنجيه 2-1 في الدوري الفرنسي

GMT 16:13 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تحليل رابيد تيسيت للاعبي سيراميكا قبل مواجهة الأهلي

GMT 02:58 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإيطالي

GMT 05:08 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"صحة البرلمان" تُعلن أن السيسي وضع استراتيجية مواجهة "كورونا"

GMT 12:40 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحرك لضم أوزان كاباك لتعويض غياب فان دايك

GMT 12:37 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

موعد مباراة أرسنال ضد ليستر سيتي والقناة الناقلة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon