توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترافيس تحت مرمى نيران «السوشيال ميديا»

  مصر اليوم -

ترافيس تحت مرمى نيران «السوشيال ميديا»

بقلم - طارق الشناوي

في نهاية الأربعينات ومع بداية اعتلاء سيدة الغناء العربي أم كلثوم كرسي نقيب الموسيقيين، لأول مرة، يتم فيها إنشاء هذا الكيان، والملاحظة أن التصويت لأم كلثوم اقترب من الإجماع، برغم مناوشات الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي أراد أن يصبح نقيباً، على اعتبار أن «الرجال قوامون على النساء»، فإن الجمعية العمومية انحازت للست.

أول ما واجه أم كلثوم، أن عدداً كبيراً من المطربات وساندهن بعض المطربين والملحنين، طالبوا بإغلاق الباب، أمام المطرب العربي، حيث بدأت الأخبار تتردد عن مطربة قادمة من لبنان بسرعة الصاروخ اسمها صباح، وبدأت الجرائد في نشر صورتها التي دفعت شركات الإنتاج للاتفاق معها.

كانت قد سبقتها بأعوام قليلة بنت بلدها نور الهدى، وهكذا وجدت المطربات أن السماح لصباح سيؤثر على وجودهن في الفيلم الغنائي والحفلات، إلا أن أم كلثوم، كانت لديها نظرة أبعد، رفضت الاستجابة لهذا الشعار، الذي طبعوه على لافتات «أخي جاوز الظالمون المدى... جاءت صباح بعد نور الهدى». امتلكت أم كلثوم رؤية استراتيجية صائبة لقراءة المستقبل، وأسقطت تماماً هذا الهتاف الذي لا يليق بمصر.

مثل تلك القرارات يبدو أن ظاهرها الرحمة إلا أن باطنها العذاب، لأنها ستوثر سلباً على مكانة مصر، وجاءت صباح بعد نور الهدى محققة أعلى درجات الجماهيرية، وتتابعت عبر التاريخ الأسماء، فايزة أحمد وفهد بلان وطلال مداح وغيرهم، حتى وصلنا لزمن سميرة سعيد ولطيفة ثم راغب علامة ونانسي وهيفاء وإليسا وغيرهم، ولم تغلق مصر أبداً الباب ولن تغلقه. لم تقل مثلاً أم كلثوم إنها تنفذ رأي الجمعية العمومية، وأغلقت الباب في وجه الفنان العربي، تجاوزت اللحظة، بكل ما تفرضه من سطوة، وتطلعت للغد.

وهكذا أطل على حكاية مغني الراب العالمي ترافيس سكوت، حتى كتابة هذه السطور، لم يحسم نهائياً مصير الحفل، رغم أن هناك قراراً من نقابة الموسيقيين المصرية بسحب ترخيص الموافقة إذا لم يحصل منظموه على موافقات أمنية، الحفل، مزمع إقامته الجمعة القادم، التذاكر نفدت في ساعات، والمكان هو سفح الهرم.

لا أعتقد مهما كان القرار النهائي أن القضية حسمت، النقابة استندت إلى استجابتها للرأي العام، وكان المؤشر هو «السوشيال ميديا»، فهل الرأي العام من الممكن تحديده عن طريق هذا الوسيط الافتراضي؟ وهل هذا الرأي يملك أيضاً قدرة على الصمود، أم أنه بطبعه زجزاجي (حبة فوق وحبه تحت)؟

التعامل مع الوسائط الاجتماعية الافتراضية يفرض علينا أن نحسن قراءتها، المغني الأميركي استقبلته أكثر من دولة عربية بحفاوة بالغة، كان عدد جمهور الحفل 70 ألفاً، أكثر عشرة أضعاف من جمهور الحفل المزمع إقامته في القاهرة.

وهكذا تجاوبت الجماهير العريضة معه في المملكة العربية السعودية من خلال هيئة الترفيه، وأيضاً دولة الإمارات العربية، وحققت الحفلتان نجاحاً استثنائياً، ولم يحدث أي خروج عن المسموح اجتماعياً.

ما هي طبيعة «السوشيال ميديا»؟ تستطيع أن تقول: المبالغة، بل التطرف أيضاً، الرأي السلبي هو الذي يحقق «التريند»، من يتعامل مع العالم الافتراضي عادة يسعى لأن يصبح «نمبر وان»، ويقيس قوة صفحته بعدد المتابعين له، التجربة تشير إلى أن إضافة مسحة أخلاقية محافظة على أي رأي تضمن زيادة حصيلة المؤيدين.

فجأة وجدنا وابلاً من الشائعات تنال من المطرب، أنه من عبدة الشيطان ومروجي الماسونية، ويدعو للإلحاد ويشجع على تعاطي المخدرات والمثلية الجنسية، ولديه كراهية مفرطة ضد الحضارة المصرية، واختياره ليس عشوائياً بالغناء تحت سفح الهرم، ولكنها خطة محكمة لإهانة حضارة السبعة آلاف سنة.

كل هذه التفاصيل يراها ابن البلد تقع في إطار «الباب اللي يجيلك منه الريح... سده واستريح» وهكذا تلمح قدراً لا ينكر من التأييد، الذي يتدثر عنوة بغطاء أخلاقي يخشى على القيم والمبادئ من أن ينتهكها هذا المطرب الأميركي ويصبح الحل هو «سد الباب».

مصر بدأت تدشين مهرجان (العلمين) الذي سيستضيف أيضاً - طبقاً لخطته المعلنة - مطربين عالميين، هل يستقيم الأمر في هذه الحالة عندما يقرأون ما حدث من تخبط في التعامل مع سكوت. لم يعد السؤال هل يقام الحفل أم لا؟ بقدر ما هو تبعات هذا التردد والتناقض الذي يلقي بظلال سلبية على العديد من الأنشطة الترفيهية والفنية والثقافية القادمة على أرض المحروسة، شيء من الحكمة مطلوب، حتى لا نوجه لأنفسنا طعنات قاتلة بأيدينا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترافيس تحت مرمى نيران «السوشيال ميديا» ترافيس تحت مرمى نيران «السوشيال ميديا»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon