توقيت القاهرة المحلي 19:04:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين يجتاح وتولستوي يدفع الثمن!

  مصر اليوم -

بوتين يجتاح وتولستوي يدفع الثمن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

العنف المفرط هل يقابل بعنف أكثر إفراطاً؟ أم أن علينا في كل الأحوال ترشيد الأسلحة؟ ما أقدم عليه بوتين من اجتياح دولة، مهما كانت له من مبررات، هو فعل عواقبه وتداعياته لن تتوقف، ولن تطوى هذه الصفحة بسهولة، بمجرد أن تتوقف طلقات المدافع.
الحصار الاقتصادي والإعلامي هو الحرب بأسلحة ناعمة لا تقل فتكاً. هناك إجماع أوروبي - أميركي، على أن الضربات القوية المتلاحقة وغير المتوقعة في هذا الاتجاه تؤثر قطعاً على العمق الروسي، مهما تباهى الرئيس الروسي بقوة البنية التحتية للدولة ومتانتها، مستنداً إلى قدرة الاحتياطي الاستراتيجي على الصمود، إلا أنه في النهاية ستخور قواه تدريجياً، إذ لن يستطيع المقاومة للأبد، فهو يستنفد مخزونه بإيقاع متصاعد.
آخر ما كان من الممكن توقعه، أن تمتد العقوبات أيضاً لسلاح الثقافة والرياضة، وتستبعد روسيا من كل المشاركات في كأس العالم، وأيضاً المهرجانات السينمائية الكبرى، بداية من (كان) في دورته الاستثنائية التي يعقدها في 17 مايو (أيار) المقبل (اليوبيل الماسي)، إذ مر عليه 75 عاماً، وهو المهرجان الثاني تاريخياً بعد (فينيسا) ويأتي بعده مباشرة (برلين). كل هذه المهرجانات هي وجه آخر للصراع في الحرب العالمية الثانية، بين المحور والحلفاء، حتى بعد إعلان الهزيمة واستسلام الحلفاء، عشنا زمن الحرب الباردة، التي ظلت تحمل في (جيناتها) بقايا تلك الصراعات.
إلا أن الأمور لم تصل أبداً إلى تلك الحدة، أفهم أن الفنان الروسي الذي يقدم شريطاً سينمائياً أو قطعة موسيقية للإشادة بموقف بوتين يتم إقصاء عمله الفني، ولكن يُستبعد بلد من الخريطة تماماً، وعلى كل المستويات، ويصبح كأنه لا وجود له، فهذا يدخل في إطار العنصرية المستهجنة.
لم يكتفِ البعض بالتعبير عن الغضب ضد الحاضر، لكن بدأ التفكير في تصفية الحساب مع الماضي، وزايدوا في الصراع، لينسحب على معاداة أعمال لكبار الأدباء مثل تولستوي ودويستوفيسكي وتشيكوف، أو الموسيقيين مثل ريمسكي كورساكوف.
بديهي أن يستخدم سلاح الثقافة، ولكن ليس بهذه الحدة، لو تابعنا مثلاً أسلوب التعامل مع السينما الإيرانية، نجد المهرجانات الكبرى وأعني بها (كان) و(برلين) و(فينسيا)، تمنح مساحة للمخرجين الذين يفضحون نظام الملالي، أو الذين يتم حصارهم في الداخل مثل جعفر بناهي ومحمد رسولوف، وتشارك أفلامهم في المهرجانات بل وتحصد أيضاً جوائز، لتصل رسالتهم إلى العالم.
كما أنهم كثيراً ما احتفوا بأفلام المخرج الراحل عباس كيروستامي، بعد أن صارت إيران لا تمنحه الفرصة في الداخل، فأصبح يقدم أفلاماً بإنتاج مشترك مع فرنسا واليابان وإيطاليا، كما أن مخرجاً مثل أصغر فرهدي، أفلامه توجد في المهرجانات، وحصل على سعفة (كان) ودب (برلين) والأوسكار أكثر من مرة.
من الممكن أن يطبق أيضاً هذا الهامش على الفنان الروسي، خصوصاً أن هناك قوة داخل روسيا من المثقفين والمبدعين لا تجد أي مبرر للقتال الجاري الآن.
طبعاً بوتين لديه مخاوفه وحساباته التي دفعته لاستخدام القوة الصلبة في صراع حياة وموت، لا أحد يدرك نهايته.
بالتأكيد لن يعود العالم في أوروبا كما كان قبل الاجتياح، ستظل هناك دماء تنزف، حتى بعد أن تصل الأطراف إلى تسوية، الوجدان سيظل مجروحاً، وسوف تستمر الحرب الثقافية ولكن بقدر كبير من الانتقاء، سكين المنع الذي نراه الآن مشهراً بغشومية، سيتم ترشيده ولن يدفع مجدداً تولستوي الثمن!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين يجتاح وتولستوي يدفع الثمن بوتين يجتاح وتولستوي يدفع الثمن



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 04:18 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

مبابي يرفض وساطة لحل أزمته مع ناصر الخليفي

GMT 00:03 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

على ماهر يمنح لاعبى المصرى راحة سلبية 48 ساعة

GMT 05:36 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

القهوة تحمي من الإصابة بالشلل الرعاش والخرف

GMT 16:23 2018 الإثنين ,07 أيار / مايو

‏فضل صلاة النافلة

GMT 01:43 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

عصام عبد الفتاح يهاجم النادي الأهلي

GMT 00:28 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

بامية ويكا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon