توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خالد يوسف محاولة مستحيلة للشعبطة على أكتاف أسامة عكاشة

  مصر اليوم -

خالد يوسف محاولة مستحيلة للشعبطة على أكتاف أسامة عكاشة

بقلم - طارق الشناوي

لا أتذكر على وجه الدقة لماذا حرص قبل نحو 33 عاما الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة على طبع سيناريو (الإسكندرانى) فى كتاب، تحليلى الآن أن السيناريو قرأه دائرة واسعة من النجوم والمخرجين، وكان يخشى أن تصل الفكرة وبناء الشخصيات لآخرين ينسبونها لأنفسهم، فقرر أن تصبح لديه وثيقة معلنة فلا يجرؤ أحد على سرقتها.

حرصت على استعادة السيناريو مجددا كما أراده عكاشة، بعد أن شاهدته فى السينما بتوقيع خالد يوسف، حتى أدرك بالضبط أين يقف الكاتب، وما هى إضافات المخرج؟.

بين خالد يوسف والجمهور اتفاق ضمنى يقدم لهم عملا فنيا محققا أعلى الإيرادات، هذا هو الدرع الواقى له أمام أى انتقادات تواجهه، يكفيه أن شباك التذاكر انتعش والكل سعيد، إلا أنه أخفق مرتين متتاليتين، الأولى فى (كف القمر) والثانية (كارما)، وأظنه اعترف بينه وبين نفسه، على أقل تقدير، أنه فشل فى قراءة هذا الجيل، فقرر أن العودة يجب أن تحظى بشعبية جارفة، شاشة التليفزيون كانت محاولة مع (سره الباتع)، إلا أنها لم تحظ بدائرة مشاهدة واسعة ولا نقدية لافتة، رغم كل محاولات الترويج.

(الأكشن) يكسب، واقع نلمسه فى الأفلام، والبطل القاهر مفتول العضلات أيضا له مكانته عند الجمهور، وهكذا ستجد أن الإضافة الرئيسية للسيناريو هى كم المعارك المبالغ فيه جدا فى الإسكندرية وأيضا روما، خالد حسبها على هذا النحو، أى مشاهد بها جنس أو عرى ستتصدى لها الرقابة، كما أن المجتمع بات أكثر تحفظا، فلم يبق له سوى سلاح المعارك الجسدية ولديه أحمد العوضى مهيأ تماما لأداء كل أنواع القتال، كعادة خالد يسرف فى الجرعة، سيطرت مساحة تلك المعارك، حتى بدا أن الصراع الحقيقى الذى أراده الكاتب أسامة عكاشة خارج الحلبة.

الإسكندرية هى المدينة الملهمة لأسامة أنور عكاشة، وشاهدناها كثيرا فى إبداعه مثل (زيزينيا)، البحث عنن جذور الهوية، ولا أستطيع إغفال تأثير مسرحية دورينمات الشهيرة زيارة السيدة العجوز)، على السيناريو، المسرحية قدمت بكل لغات العالم، السيدة التى يتم اغتصابها وطردها، وتهاجر وتصبح ثرية وتعود محملة بكل مشاعر الانتقام لأهل قريتها، وتقرر شراءهم جميعا، وهو ما تجده يتوافق تماما مع التركيبة الشخصية لأحمد العوضى (بكر) فى الفيلم حتى لو اختلفت ظاهريا الدوافع.

ابن تاجر الأسماك الكبير بيومى فؤاد، يصفعه أمام أهل المنطقة ويستعطفه الابن ألا يفعلها، لكنه يزداد شراسة ويعاقبه لأنه سرق ماله.

يسافر محملا بالكراهية، وهناك قصة موازية أن ابن عمه محمود حافظ، صار هو مركز ثقة والده ومنافسا له حتى فى حبه لـ(قمر) التى كانت فى السيناريو (بدرية)، وربما كان هو التغيير الوحيد الذى أجراه خالد يوسف على أسماء أبطال عكاشة، ويتزوجها أيضا نكاية فى ابن عمه.

سنوات الغربة العشر، كان ينبغى أن تغير ملامح الأبطال، إلا أن المخرج ولا هو هنا.

يصنع دائما كاتبنا الكبير أسامة أنور شخصياته لتحمل أفكاره، وهكذا شخصية اليونانى التى يؤديها حسين فهمى، فهو يرفض أن يلقب بالخواجة بعد ربع قرن قضاها بالإسكندرية، يعتبر نفسه مصريا هو وابنته أكثر حتى من المصريين.

شخصية الأب على الإسكندرانى (بيومى فؤاد)، على طريقة نجيب محفوظ مزيج من الجدعنة والفرفشة والصرامة، وكأنه السيد عبد الجواد الإسكندرانى.

يفتح الوكالة لتصبح هى الحماية الحقيقية لكل أهل المنطقة، فى الصباح يعمل بجدية، ولا ينسى ليلا نصيبه من الدنيا.

رقصة السكاكين الدموية هى هوايته، يمارسها فى كل أفراح أهل الحتة، ومن الممكن أن تتوقع فى نهاية الأمر أنها ستصبح لها كلمة النهاية فى علاقته مع ابنه الوحيد العوضى.

قدم خالد يوسف ما يمكن اعتباره سينما نظيفة، حتى مشهد اغتصاب ابنة حسين فهمى بعد رحيله، رأيناه كما كانت تقدمه سينما الأربعينيات بقعة دم على السرير لفض غشاء البكارة وعليك أنت تكمل الباقى.

العلاقة النسائية بين زينة وكل من محمود حافظ والعوضى، منتهى الأدب والحشمة، فقط شاهدنا راقصة فى مشهد مقحم، ولكن الكاميرا أيضا كانت مستحية فى اختيارها لزاوية الرؤية.

يبدو وكأنه يريد أن يقدم للجمهور كل ما يعتقد أنه صار يفضله، لم يستطع خالد يوسف منح فيلمه رؤية عصرية وباتت هنا المشكلة الرئيسية بشقيها الدرامى والإخراجى، لديكم مثلا رشوة ساعى البريد لكى لا تصل الخطابات إلى زينة أو بيومى، كان من الممكن تصديقها قبل اختراع الموبايل والفيسبوك وأخواته، وهذا هو ما أشار إليه سيناريو عكاشة، المكتوب طبعا قبل زمن المحمول، وهو ما لم يتنبه له خالد معتمدا على سماحة الجمهور.

السيناريو فى علم الدراما مرتبط بالزمن فى كل تفاصيله، على عكس الرواية القادرة على تجاوز حاجز الزمن، رؤية عكاشة عظيمة فى زمانها، كما أن تكنيك الصياغة الدرامية يعيدنا لزمن قديم، وهذا قطعا لا ينال أبدا من موهبة كاتب كبير كان هو (الألفة) بين كل زملائه، تلك قضية أخرى.

لا يوجد اجتهاد حتى فى تقديم شخصية صديق البطل عصام السقا الذى يقدم على طريقة الأفلام القديمة، يحكى من خلاله المحكى، ولا يفعل شيئا سوى أنه تابع البطل.

الفيلم حظى بحالة من الدعاية الصاخبة والترقب مع زيادة سقف التوقعات، وتلك أخذها خالد يوسف من أستاذه يوسف شاهين، الذى كان يجيد تسويق أعماله الفنية دعائيا، إلا أن القوة الحقيقية التى كان يستند إليها شاهين هى إبداعه الذى تنضح به الشاشة وهو ما افتقدته عند خالد يوسف.

لا أدرى مثلا لماذا تبدو زينة منطفئة على الشاشة؟، دورها باهت، رغم أنه محمل بصراع داخلى، ممثلة شاطرة، إلا أنها لسبب ما تمثل الدور وكأنها موظف يؤدى عملا روتينيا يوقع حضور وانصراف.

هذا النوع الصاخب من الأفلام غير قادر على الاستمرار فى شباك التذاكر فهو أشبه بوهج يبرق ثم يخفت، قطعا هذه المرة خالد أحسن حالا من فيلمه (كارما)، إلا أن هذا لم يكن هدف المخرج، العوضى بدد طاقته وهو يبحث عن لزمة حتى وجدها فى (يا وله يا وله)، كررها نحو عشر مرات، على أمل أن يرددها بعده الجمهور، (الأكشن) الذى يؤديه البطل مفتول العضلات له أيضا عمره الافتراضى، والشخصية كانت محملة بتفاصيل أخرى، كان ينبغى أن تحتل مقدمة (الكادر)، بيومى فؤاد أراه «ممثل عتويل»، عندما يجد الدور الذى يحرك بداخله مكامن الإبداع، حسين فهمى مثل دوره بحالة مزاجية عالية، ورسم الضحكة بشخصية الخواجة العاشق لمصر.

هل استعدنا زمن أسامة عكاشة؟.. إجابتى مع الأسف لا، هل نجح خالد يوسف فى العودة لجمهوره مكللا بالنجاح؟.. الإجابة المعتمدة بصوت أم كلثوم (وعايزنا نرجع زى زمان، قول للزمان ارجع يا زمان)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خالد يوسف محاولة مستحيلة للشعبطة على أكتاف أسامة عكاشة خالد يوسف محاولة مستحيلة للشعبطة على أكتاف أسامة عكاشة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon