توقيت القاهرة المحلي 10:00:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غرفة جدرانها من المرايا!

  مصر اليوم -

غرفة جدرانها من المرايا

بقلم - طارق الشناوي

هل نسأل لنعرف الإجابة، أم لدينا إجابة سابقة التجهيز، وننتظر فقط أن نسمعها من الآخرين؟
كثيراً ما يصادفني في الشارع، من يسألني والحسرة تنطق بها عيناه قبل لسانه، عن التردي الحادث في الحياة الفنية، محملاً أغاني المهرجانات ومحمد رمضان وعدداً من المسلسلات والأفلام سر كل الموبقات التي تجري في الشارع، وكأنه يعفي نفسه تماماً من أي احتمال لخطأ ما، من الممكن أن يكون قد ارتكبه.
أستمع في البداية إلى خطبة عصماء، عن زمن يصفونه بالجميل، ومن وجهة نظرهم أنه كان ناصع البياض، وأن نجومه كانوا ملائكة لا ينقصهم سوى الأجنحة، وعندما تأتي إجابتي أن الماضي مثل الحاضر به قبح وجمال، وأننا نحكم على الزمن القديم، من خلال ما تبقى في الأرشيف من أعمال فنية، وهي الرائعة سواء من الأفلام أو الأغنيات، ونغفل أنها لا تمثل أكثر من 10 في المائة فقط، بينما الباقي كان رديئاً، وهو ما نعيشه بالضبط الآن، وبعد أن أنهي إجابتي، أشعر بالخذلان في نبرة صوت السائل، ويصبح السؤال مباشرة كيف تقول ذلك يا أستاذ؟
لسانهم يقول رأياً، ويريدونك مجدداً أن تكرره لتسمعه آذانهم. ليست فقط تلك هي المشكلة، ولكن عقولهم في العادة لا تسمح برأي آخر، إنه الكسل، الذي أصاب عدداً كبيراً من البشر، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، كان من المفترض أن تتعدد زوايا الرؤية، ونرى الكل يعبر عن موقفه، إلا أن الحادث على أرض الواقع أن هناك «التريند» الذي يعني الإجماع. نعم في النهاية يصل أغلبهم إلى شاطئ واحد، ورأي واحد، وتلعب نظرية «الطابور» دورها، وهي أن ننتظم كلنا خلف موقف محدد، ونميل عادة لأحد اللونين، أبيض أم أسود، ولا نؤمن بأن الحياة في أغلب جوانبها رمادية.
لديكم هذا السؤال الذي احتل في الأسابيع الماضية المقدمة ولا يزال: هل بوتين مجرم حرب، أم بطل عالمي، يدافع عن الأمن القومي لروسيا، ويتصدى بشراسة، لسطوة أميركا وأوروبا على مقدرات الشعوب؟
أغلبنا لديه إجابة مطلقة؛ مجرم أم بطل، وتختفي أي مساحة رمادية، ونتهم صاحب الرأي الذي يقف في منتصف المسافة، بالهروب من الإجابة، كيف تعلي من قيمة استخدام السلاح، على حساب كل المعايير الإنسانية؟! متجاهلين أن هناك قتلى وجرحى ومشردين وضحايا بالملايين، وغلاء يضرب العالم بضراوة. ما ذنب المواطن أياً كانت جنسيته، أن يدفع ثمن تلك الحرب من دمائه وأمواله؟!
أنا أرى أن استخدام السلاح الثقافي في عقاب روسيا خطأ استراتيجي. المقاطعة، سياسية أو اقتصادية، ممكن أن أتفهمها، ولكن كيف نصل للمقاطعة الثقافية؟ تمنع المهرجانات الكبرى الفنان الروسي من الاشتراك بعمله الفني! أفهم مثلاً أن الأفلام التي تدافع عن موقف الرئيس الروسي بوتين أو تتناوله كبطل لا تعرض، ولكن كيف نطلب من قائد أوركسترا روسي يعيش في ألمانيا أن يهاجم رئيسه، حتى يواصل قيادة الأوركسترا في برلين أو ميونيخ؟! نرفض أن يستغل الحفل في الدفاع عن الاجتياح الروسي لأوكرانيا، ولكن أيضاً لا تتم مقايضته في البقاء، مقابل أن يعلن إدانته المطلقة للرئيس بوتين.
يبدو أن كلاً منا صار يعيش في غرفة متعددة المرايا، لا يرى سوى نفسه، ولا يسمع إلا صوته، ورغم ذلك بين الحين والآخر نفتح الغرفة لزائر، نريد منه أن يتحول هو أيضاً إلى مرآة إضافية، لنرى فقط أنفسنا، ونسمع فقط صوتنا!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرفة جدرانها من المرايا غرفة جدرانها من المرايا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية
  مصر اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon