توقيت القاهرة المحلي 18:19:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق بين زيارتين

  مصر اليوم -

العراق بين زيارتين

بقلم:عماد الدين حسين

أن ترى العراق على أرض الواقع أمر يختلف كثيرا عن أن تقرأ أو تسمع عنه.

عدت إلى العراق عصر يوم السبت الماضى بعد غياب استمر ٢٥ عاما.
هناك مشاكل وتحديات كثيرة نعم، لكن البلد يتحرك إلى الأمام ولديه رغبة عارمة فى النمو والتقدم والازدهار.

فى صيف عام ١٩٩٧ زرت العراق برفقة مجموعة من الصحفيين على حسابنا الخاص لدعم الشعب العراقى فى الحصار الأمريكى الظالم الذى كان مفروضا عليه.

يومها استأجرنا ميكروباصا، واشترينا أدوية وانطلق الميكروباص مساء الخميس من محطة الطالبية فى فيصل حيث كنت أسكن وقتها، لنصل إلى العراق برا عبر الأردن صباح الإثنين، وكانت رحلة شاقة جدا انقلب فيها الميكروباص مرتين من دون إصابات خطيرة.

الطريق البرى من الحدود الأردنية عند نقطة الرطبة وحتى بغداد كان محفوفا بالمخاطر وقتها لوجود عصابات كثيرة كانت متخصصة فى سلب المارة وأتذكر أننا سرنا خلف سيارة نقل وقود ضخمة خوفا من العصابات. وفى بغداد قابلنا العديد من المسئولين لكن أجواء الخوف والرعب كانت ظاهرة فى كل مكان إضافة للأحوال الاقتصادية الصعبة التى دفعت البعض إلى بيع أبواب وشبابيك بيوتهم الداخلية، وأصحاب المكتبات فى شارع أبونواس. هذه الظروف المعيشية الصعبة استمرت حتى الغزو الأمريكى البريطانى فى مارس ٢٠٠٣. غالبية العرب أخطأوا خطأ استراتيجيا حينما تركوا العراق وحيدا وممزقا بين إيران من جهة وأمريكا من جهة أخرى، الأمر الذى قاد لظهور التنظيمات الإرهابية التكفيرية التى تمكنت من السيطرة على أكثر من ثلث العراق عام ٢٠١٤ ونصف سوريا، إلى أن تمكن العراق من دحر داعش بتضحيات كثيرة.

العراق الذى زرته الأسبوع الماضى مختلف إلى حد كبير، وليس هو العراق الذى أقرأ عنه فى الصحف أو أشاهد أخباره فى الفضائيات. هذه المرة لم أذهب إليه برا بالسيارة بل بالطائرة، وحينما خرجنا من مطار بغداد، فإن أول ما لفت نظرى الطرق المعبّدة جيدا، لكن أيضا صور قائد الحرس الثورى الإيرانى السابق قاسم سليمانى وقائد الحشد العراقى أبومهدى المهندس اللذين قتلا بصاروخ أمريكى فى أواخر عهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.

الاثنان قتلا بعد خروجهما من المطار، وآثار القصف ما تزال كما هى. حفرة فى الشارع وأثار الدماء على سور الطريق ولافتات ضخمة بصور الاثنين تقول: «لن ننسى دماء شهدائنا».الصور والشعارات موجودة فى غالبية شوارع وميادين العاصمة العراقية بتنويعات مماثلة، ومنها مثلا: «معكم لن نضل الطريق».

فى المقابل رأيت لافتات مختلفة ومنها مثلا ما كان مكتوبا على مطلع جسر الجمهورية من ناحية منطقة الكرادة: «الشعب أقوى من الطفاة.. نريد وطنا»..
بعد خمس دقائق فقط من الوصول كان مطلوبا من الوفد الصحفى المصرى أن يذهب مباشرة لمقابلة رئيس مجلس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى.
تحرك الوفد الذى يرأسه كرم جبر رئيس المجلس الأعلى للإعلام وبصحبتنا مؤيد اللامى نقيب الصحفيين العراقيين ورئيس اتحاد الصحفيين العرب وغالبية أو رؤساء تحرير الصحف المصرية.

ودخل بنا موكب السيارات إلى المنطقة الخضراء التى يوجد فيها رئيس الوزراء وغالبية الوزارات ومجلس النواب. والسفارة الأمريكية، ولكى تدخلها فلابد أن تكون حاملا لتصريح أمنى يختلف من شخص لآخر حسب منصبه وأهميته.

وداخل المنطقة الخضراء تصادف العديد من الكمائن الأمنية المختلفة.
هذه المنطقة نشأت بسبب التفجيرات الإرهابية الدامية من قبل الإرهابيين والمتطرفين من تنظيمات مختلفة خصوصا داعش.

شوارع بغداد تشبه إلى حد كبير شوارع القاهرة، وهى تشهد الآن حركة عمران وبناء واسعة، والأمن والاستقرار موجود فى معظمها.

وخلال الزيارة دخلنا أحد المطاعم فى قصر لصدام حسين تحول إلى منطقة سياحية استثمارية. وهناك وجدنا آلاف العراقيين رجالا ونساء وأطفال فى منطقة المطاعم والألعاب يسهرون رغم الطقس البارد ويستمعون لأم كلثوم وكاظم الساهر وسعدون جابر ومطربون جدد لا أعرف أسماءهم.

العراقيون مثل كل شعوب العالم يريدون أن يعيشوا ويستمتعوا بالحياة. لديهم مشاكل كثيرة مثل كل الدول، لكن أظن أن التغير المهم هو ليس فقط التغيرات السياسية، ولكن التغيرات الجيلية، واستمعت من رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم أن ٧٠٪ من العراقين تحت سن الثلاثين، بمعنى أن معظمهم ولد بعد الغزو عام ٢٠٠٣ أو كان عمر بعضهم عشر سنوات، وبالتالى ولدوا فى ظل تعددية سياسية وإعلامية ويريدون أمنا واستقرارا وتعليما وصحة وخدمات متنوعة، وهذه المطالب هى التحدى الأكبر الذى يواجه كل الحكومات العراقية السابقة والحالية واللاحقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق بين زيارتين العراق بين زيارتين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon