بقلم: عماد الدين حسين
كيف يمكن أن نفهم أن الفريق القومى الأول لكرة القدم الذى قدم الأداء السيئ والباهت فى أولى مبارياته ببطولة الأمم الأفريقية أمام نيجيريا وانهزم بهدف، هو نفس الفريق الذى قدم أداء مقنعا وجيدا وتكتيكيا فى كل مبارياته التالية، وتمكن من الفوز فيها جميعا أمام غينيا بيساو والسودان وساحل العاج والمغرب، وأخيرا أمام الكاميرون ليلة الخميس الماضى على أرضها ووسط جمهورها وحكمها؟!
ربما فى إجابة هذا السؤال يكمن سر وحلاوة وإثارة لعبة كرة القدم، وعدم القدرة على التنبؤ، وبالتالى تكون حلاوة وجمال التفوق.
حاولوا أن تذكروا مستوى وطبيعة ونوعية النقاش الذى كان سائدا بين المصريين نقادا وجماهير قبل بداية البطولة، وحتى بعد المباراة الأولى أمام نيجيريا. معظمنا كان يتحدث عن أن فرحتنا قليلة، وأن مستوانا صار هو الثانى بعد السنغال والمغرب والجزائر ونيجيريا، ثم تفاجأ الجميع بأن الجزائر حاملة اللقب خرجت من الدور الأول!، ولحقتها نيجيريا فى دور الـ ١٦، وبعدها خرجت تونس، ثم تمكنت مصر من إقصاء كل من ساحل العاج والمغرب والكاميرون على التوالى؛ لتبلغ الدور النهائى للبطولة غدا الأحد أمام السنغال، وبالتالى من حق ليفربول أن يفخر أن اثنين من كبار نجومه وهما محمد صلاح وساديو مانيه تمكنا من الوصول بفريقهما إلى نهائى البطولة الأفريقية، التى يضعها البعض فى المرتبة الثانية بعد بطولة الأمم الأوروبية.
فى هذه السطور لا أكتب تحليلا فنيا للبطولة ولفريفنا، ولكن لألقى الضوء على نقاط على هامش هذه البطولة التى يرى البعض أن مستواها الفنى بصفة عامة قد تراجع إلى حد كبير، وصعدت فرق كنا نصنفها ضعيفة، فى حين تراجعت دول كنا نصنفها قوية جدا.
ظنى الشخصى، وبغض النظر عن نتيجة المباراة النهائية غدا الأحد بين مصر والسنغال، أن فريقنا قدم أداء طيبا جدا بصفة عامة، إذا نظرنا إلى كل الظروف المحيطة، ولم ننظر إلى التاريخ فقط، باعتبار أننا أبطال هذه القارة والأكثر مشاركة والأكثر وصولا إلى النهائيات.
بطبيعة الحال أتمنى أن نفوز بالبطولة، لكن حتى إذا لم نوفق ــ لا قدر الله ــ فلن أكون أنا وكثيرين غيرى ناقمين على الفريق، لأنه بالفعل، ظل أداؤه يتحسن بصورة ملفتة، حتى وصل للمباراة النهائية، وبصورة جعلت الجميع يشيد بنا.
المدرب البرتغالى كارلوس كيروش أثبت أنه ليس ضعيفا بالصورة التى كنا نعتقدها فى المباراة الأولى، وارتكب خلالها أخطاء كثيرة، لكنه لم يكابر وغيَّر خططه، وظل يلعب بصور مختلفة حسب طبيعة كل مباراة، حتى بلغ النهائى.
لاعبو المنتخب أثبتوا مجددا أن عوامل الانتماء والحماس والتفانى، يمكن أن يعوّض فارق الإمكانيات البدنية والاحترافية الموجودة لدى بعض الأفارقة، وأكدوا حقيقة أن أداءهم يكون أفضل كثيرا فى البطولة المجمعة، وهى الصفة التى برهن عليها المدرب القدير حسن شحاتة الذى فاز بثلاث بطولات متتالية فى ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠.
الحكم الجامبى بكارا جساما كان متحيزا إلى حد كبير ضد فريقنا، وحتى فى اللحظات التى كان يحاول البرهنة على أنه محايد، كانت لغة جسده تفضحه، خصوصا فى وقائع الإنذارات المتتالية لفريقنا وجهازه الفنى وطرد كيروش، نهاية بالتلكؤ فى إعلان فوزنا بعد تصدى محمد أبوجبل لضربة الجزاء الأخيرة.
بعض التحكيم الأفريقى سيظل مشكلة، وسيظل العامل الأكثر تأثيرا فى عدم تقدم الكرة الأفريقية، رغم المواهب الفنية الكثيرة للاعبيه. لكن والموضوعية أيضا، فإن جساما، ما كان ليستطيع أن يجامل الكاميرون، من دون أن يساعد لاعبو الكاميرون أنفسهم، خصوصا أن رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم وكبار المسئولين عن اللعبة موجودون فى الاستاد، ثم إن الفضائيات والتكنولوجيا لعبت دورا إلى حد ما فى تحجيم انحياز الحكام، خصوصا تقنية «الفار».
ورغم أن الكاميرون تستعد منذ سنوات لهذه البطولة، ولم تستطع أن تنظم البطولة السابقة التى نظمتها مصر فى اللحظات الأخيرة، إلا أن مستوى التنظيم ضعيف جدا، والملاعب سيئة، ولو كان ملعب مباراة مصر والكاميرون جيدا لسجل محمد صلاح من انفراده.
أيضا صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميرونى لم يكن موفقا فى تصويره اللقاء على أنه حرب ينبغى كسبها، وحسنا فعل حينما تراجع بطريقة مهذبة، لكن بعض الجماهير المصرية التى خرجت عقب الفوز ليلة الخميس الماضية ردت عليه وعلى تصريحاته بطريقتها الخاصة.. شكرا لكل لاعبى المنتخب وللجهاز الفنى على هذا الأداء، وننتظر البطولة غدا حتى تكون هدية ينتظرها المصريون بكل شغف.
أما فرحة المصريين ومعناها فتستحق نقاشًا لاحقـًا.