بقلم : عماد الدين حسين
يوم الخميس الماضى نشرت الوقائع المصرية وهى ملحق الجريدة الرسمية قرار وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع بوقف استيراد المكونات الأساسية للمركبات ذات العجلات الثلاث والمعروف للجميع باسم التوك توك.
فى ظنى أن هذا واحد من أهم القرارات الحكومية فى السنوات الأخيرة، شرط أن يتم تطبيقه بصورة صحيحة ومكتملة، ولا يتم الالتفاف عليه بالطرق المصرية المعهودة.
قرار الوزيرة يشمل وقف استيراد القاعدة والشاسيه والمحرك، ويفترض أن يبدأ سريانه من يوم الخميس الماضى.
هذا القرار كما فهمنا من وزيرة الصناعة جاء فى إطار تطبيق خطة الدولة لتطوير منظومة النقل وإحلال سيارة «المينى فان» المعروفة شعبيا باسم «التمناية» محل التوك توك، على أن تعمل بالغاز الطبيعى، باعتباره طاقة نظيفة.
فى إطار هذا القرار سوف يتم تقنين التوك توك، ومنح التراخيص للمركبات التى تنطبق عليها الاشتراطات الفنية المعتمدة من جهات التراخيص، مع إتاحة آليات تمويلية للراغبين، فى إحلال التوك توك بالمينى فان.
السؤال الجوهرى هو: هل يتم تطبيق هذا القرار بقوة وعزيمة وشجاعة، أم يتم الالتفاف عليه؟!.
أسأل هذا السؤال لأن العديد من المتابعين والكتاب والمهمومين سألوا هذا السؤال كثيرا، وصدرت العديد من القرارات لكنها لم تنفذ.
نتذكر جميعا أن هناك قرارا وزاريا، رقم ٤١٧ لسنة ٢٠١٤، منذ سبع سنوات بوقف استيراد التكاتك والدراجات النارية وشاسيهاتها، بغرض الاتجار، لكن شيئا من هذا لم ينفذ للأسف.
ونتذكر أيضا أن وزارة الصناعة شكلت فى مارس الماضى خطة تفصيلية لإحلال التوك توك بسيارات المينى فان، وأصدرت القرار رقم ١٣٩ لسنة ٢٠٢١ بتشكيل لجنة لوضع الآليات التنفيذية لمشروع الإحلال وتحديد مصادر وآليات التمويل والاستبدال والتخريد ودراسته ضمن المبادرة التجريبية للبرنامج من خلال المبادرة القائمة، على أن يتم الإنجاز خلال شهرين، من خلال لجنة مشكلة من عدة وزارات وهيئات.
مضت شهور وليس شهران، ولم يتم إنجاز شىء عملى، حتى جاء صدور قرار حظر استيراد مكونات التوك توك يوم الخميس الماضى، والأمل أن يتم تطبيق هذا القرار بصورة جادة وشاملة.
سيقول البعض وما فائدة هذا القرار طالما أن التوك توك منتشر فى كل مكان بالقرى والنجوع والمراكز والمحافظات، بل ويتحدى الجميع على الطريق الدائرى بالقاهرة الكبرى وكورنيش النيل والعديد من الشوارع الرئيسية.
الإجابة على هذا السؤال هى أنه وبصورة عملية وبعيدا عن التفكير المثالى، فمجرد صدور القرار الصحيح حتى لو كان بصورة متأخرة فهو أفضل كثيرا من عدم التحرك، وترك الأمور تتفاقم، شرط أن تكون هناك إجراءات وآليات بصورة قابلة للتنفيذ فعلا وليس مجرد حبر على ورق.
قلت كثيرا وأكرر الآن إن الذين أدخلوا التوك توك إلى مصر وسمحوا به وجعلوه يصل إلى الصورة الراهنة، أجرموا فى حق هذا البلد بصورة ربما أخطر كثيرا من أعدى أعدائها. وقد يرى البعض أننى أبالغ فى هذا التشبيه. لكن أظن أن تلك هى الحقيقة. ومن يشكك فى ذلك عليه أن يرصد ما سببه انتشار التكاتك فى مصر من فوضى شاملة فى كل المجالات. حظر التوك توك ليس فقط مقتصرا على فوضى المرور ولكن على القيم السلبية التى نشرها أو ساعد على نشرها بصورة وبائية فى المجتمع المصرى.
وحتى يكون كلامى واضحا فلا ألوم سائقى التوك توك وأراهم ضحايا، لكن ألوم الجهات الحكومية المختلفة التى سمحت بهذا الوباء مما أدى إلى تشويه القيم والأخلاق.
غالبية سائقى التوك توك شباب يريدون فرصة عمل من أجل معيشتهم بكرامة لكن بعضهم لعب دورا خطيرا فى ترويج المخدرات وجرائم النشل والخطف، والأخطر إفساد الذوق العام بالأغانى الهابطة التى يسمعوها، والألفاظ الخارجة التى يتحدثون بها. ثم إن انتشار التكاتك لعب دورا كبيرا فى انصراف العديد من الصنايعية عن المهن والحرف الفنية من نجارين وسباكين ولحامين ونقاشين، مما رفع من أسعار هذه المهن والحرف وقلل من كفاءة الصنايعية.
أتمنى أن تكون الحكومة جادة جدا فى بدء تقنين التوك توك وقصر عمله على القرى والنجوع والأماكن البعيدة التى لا توجد بها مواصلات عامة وإحلاله بسيارات المينى فان المرخصة والتى يمكن محاسبتها ومساءلتها.
والأهم عودة النظام والاحترام والنظافة للشارع المصرى.