بقلم : عماد الدين حسين
أمام مصر فرصة ذهبية لتكون فى مركز الريادة أفريقيا فيما يتعلق بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية.
قد تكون هناك تحديات وصعوبات سياسية وأمنية واقتصادية وإدارية تحول دون تحقيق قفزات فى التبادل الاقتصادى بين الدول الأفريقية، لكن الحقيقة المؤكدة هى أن غالبية بلاد القارة فى حاجة ماسة لتكنولوجيا المعلومات باعتبارها الشرط الأساسى للتقدم الإنسانى، وهنا تأتى الفرصة الكبيرة أمام مصر، لتحتل مكانتها اللائقة فى هذا القطاع.
فى الأسبوع الماضى انعقدت قمة الكوميسا فى العاطمة الإدارية بحضور ٢١ دولة أفريقيا هم الأعضاء فى تجمع «اتفاقية السوق المشتركة لدول شرق جنوب أفريقيا» وكان شعارها «تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمى الاقتصادى الاستراتيجى»، وكذلك تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمى لتيسير الأعمال داخل منطقة تجمع الكوميسا.
كان واضحا وملفتا للنظر فى الكلمة الافتتاحية للرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الدورة الحالية للكوميسا هو إشادته بالطفرة الكبيرة فى البنية التحتية لقطاع الاتصالات المصرى الذى يقوده الدكتور عمرو طلعت.
عقد هذه القمة فى العاصمة الإدارية له مغزى كبير مهم، فهذا هو المكان المؤهل بجدارة ليكون عاصمة تكنولوجيا المعلومات فى أفريقيا، وتم اختيار العاصمة الإدارية لتكون العاصمة العربية الرقمية فى عام ٢٠٢١. بسبب بنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم. وإذا كان الأمر كذلك فى ظل المنافسة الكبيرة من العديد من المدن والعواصم العربية، وبالأخص فى دول الخليج، فمن الطبيعى أن تكون العاصمة الإدارية هى البوابة التى تنطلق منها الريادة المصرية التكنولوجية لأفريقيا وللمنطقة.
تشير بيانات وزارة الاتصالات إلى أنه يتم إنشاء ١٧ مدينة ذكية؛ حيث تدار بالتكنولوجيا الذكية الرقمية.
وأنه تم ضخ استثمارات بحوالى ٦٠ مليار جنيه لرفع كفاءة شبكة الإنترنت، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع متوسط سرعة الإنترنت الثابت من ٦٫٥ ميجابت فى الثانية فى يناير ٢٠١٩ إلى ٤٥٫٨٥ ميجابت فى الثانية فى أكتوبر الماضى، لتصبح مصر فى المركز الرابع عالميا على مستوى أفريقيا مقارنة بالمركز الأربعين فى يناير ٢٠١٩، كما حصلت الشركة المصرية للاتصالات على لقب أسرع شبكة إنترنت أرضى فى شمال أفريقيا.
بيانات وزارة الاتصالات تقول أيضا إنه تم الانتهاء من ربط ١٨ ألف مبنى حكومى بشبكة من كابلات الألياف الضوئية من إجمالى ٣٣ ألف مبنى على مستوى الجمهورية.
ومما يشجع مصر على الريادة الأفريقية تكنولوجيا أن هناك تعاونا وثيقا فى هذا المجال، فقد تم مثلا إطلاق شبكة دولية حول القارة الأفريقية لتوصيل خدمات الإنترنت فائق الجودة وبسرعة عالية وأقل تكلفة. ثم إن مصر ترأس حاليا مجموعة العمل الأفريقية للذكاء الاصطناعى بهدف وضع استراتيجية أفريقية فى هذا المجال.
وتم أيضا إطلاق مبادرة أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية لتنمية قدرات ١٠ آلاف شاب مصرى وأفريقى على تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية باستخدام أحدث التقنيات، وكذلك تحفيز تأسيس ١٠٠ شركة مصرية وأفريقية ناشئة فى هذا المجال، وقد استفاد من هذه المبادرة حتى الآن ٧٠٠٠ شاب و٧٨ شركة ناشئة.
ومن الواضح وطبقا للبيانات والإحصائيات الرسمية فإن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعولمات يشهد نموا مستمرا هو الأعلى بين قطاعات الدولة بمعدل نمو ١٦٪ فى العام المالى ٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١، كما ارتفعت نسبة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من ٣٫٢ مليار دولار عام ١٨ ــ ١٩ إلى ٤٫٥ مليار دولار فى عامى ٢٠ ــ ٢١، وكذلك زاد عدد العاملين من ٢٣٣ ألفا إلى ٢٨١ ألفا فى نفس الفترة، وتقدم ترتيب مصر فى مؤشر جاهزية الشبكة من المركز ٩٢ إلى ٨٤ عالميا. وجاءت مصر ضمن أكبر ١٠ دول نموا للشمول الرقمى، كما تقدم ترتيبها فى مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى لتصبح فى المركز ٥٦ عالميا بدلا من المركز ١١١ عام ٢٠١٩.
كل ما سبق هى بيانات على عهدة وزارة الاتصالات التى تقول أيضا إن مصر تشغل المركز الأول فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى عدد الصفقات الاستثمارية للشركات الناشئة التى تضاعف حجم استثماراتها ليبلغ ٣٩٠ مليون دولار فى الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالى مقارنة لـ ١٩٠ مليون دولار فى العام.
هذه البيانات والأرقام تقول بوضوح إن مصر يمكنها أن تحقق اختراقا فى القارة الأفريقية فى قطاع الاتصالات بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى عموما.