بقلم: عماد الدين حسين
ما الذى ينتظره المواطن العادى من منتدى الشباب العالمى، وربما السؤال بصورة أكثر مباشرة هو: هل المنتدى سيعود بأى نوع من النفع على المواطن المصرى العادى، أو حتى للمجتمع؟!
أطرح هذ السؤال لأن البعض يتساءل مستنكرا ما هى فائدة عقد مثل هذا المنتدى، وألم يكن من الأجدى أن نوفر تكلفة هذا المنتدى فى أمور مفيدة، خصوصا أن لدينا مشاكل اقتصادية كثيرة؟!
مثل هذا السؤال يتكرر بصورة وصيغ كثيرة، على ألسنة بعض الناس، وعلى السوشيال ميديا، وهى أسئلة تنفخ فيها التنظيمات الإرهابية المتربصة، التى صارت بضاعتها الرئيسية الآن هى الشماتة فى الموت والنفخ فى أى معلومة ناقصة، أو ترويج إشاعة كاذبة، ظنا أن ذلك قد يعيدها إلى أيامها الخوالى!
وبعيدا عن تربص مثل هذه التنظيمات، فنحن نناقش هنا الأسئلة التى يسألها بعض المواطنين بحسن نية، ومن حقهم أن يتلقوا إجابات واضحة ومقنعة عنها.
بعض المواطنين ينظر لكل القضايا من زاوية واحدة فقط، وهى تتخلص فى سؤال جوهرى: ما الذى سوف يعود على من وراء هذا المؤتمر أو المنتدى أو المشروع؟!
من هذا المنظور الضيق فإن هذا المواطن لا يرى فى رصف طريق عمومى، أو إنشاء حديقة عامة، أو مصنع أو مدرسة أو مستشفى أو أى مشروع عام، منفعة، طالما أنه لم يستفد منه بصورة مباشرة، فى حين أن الواقع يقول إن مثل هذه المشروعات ستعود بالنفع على جميع المواطنين والمقيمين فى البلد.
لو أن البعض يرى أن المواطن العادى أو المجتمع لن يستفيد شيئا، ففى هذه الحالة وجب على كل دول العالم أن تتوقف عن عقد أى مؤتمرات عامة يشارك فيها ممثلون من دول مختلفة، لأنها بهذا التعريف الضيق مضيعة للوقت والجهد والمال، ولدى كل منها فقراء ومحتاجون لكل جنيه أو دولار.
لكن لو أن من يطرح السؤال فكر فيه بهدوء فسوف يكتشف أن مثل هذه المؤتمرات والمنتديات مفيدة لكل المواطنين وللحكومة والدولة وسائر المجتمع، شرط أن يتم تنظيمها بصورة صحيحة تصب فى صالح الجميع.
منتدى الشباب العالمى فرصة للحوار بين الشباب المصرى بعضه البعض، ثم هو فرصة أكبر للحوار مع الشباب العالمى الذى حضر هذا المنتدى فى دورته الرابعة.
وفيما يتعلق بالمنتدى الأخير فى شرم الشيخ فإن إدارته أعلنت أكثر من مرة أن كل تكاليفه جاءت من الرعاة المختلفين من بنوك ومؤسسات وهيئات، وأنه لم يكلف ميزانية الدولة جنيها واحدا.
ثانيا فإن عقد هذا المنتدى يصب فى تحسين صورة مصر أمام العالم أجمع، هو يظهرها بأنها دولة آمنة ومستقرة وقادرة على تنظيم مثل هذه المؤتمرات الكبرى، وبالتالى فإن صورة مصر ستكون إيجابية للغاية فى نظر الجميع، وبدلا من الصورة السلبية عن سيناء باعتبارها المكان الذى ينشط فيه الإرهابيون، فإن المنتدى يعكس الأمر إلى صورة إيجابية عن البلد والاستقرار وصور الشباب المتآلف، بديلا لصورة القتل والتفجير والإرهاب التى تذخر بها المنطقة العربية.
مثل هذه الصورة يدفع فيها البعض ملايين الدولارات كإعلانات مباشرة أو غير مباشرة، فى حين أن المنتدى حققها بأقل قدر من التكاليف.
الأهم أنه تترسخ هذه الصورة لدى كثيرين فإنها تعود فى شكل مزيد من أعداد السائحين ومزيد من المستثمرين، وحينما يحدث ذلك، فإنه يعود بالنفع المباشر أولا على فرص العمل، وثانيا على إيراداتنا من العملات الأجنبية، وهو ما يعنى تحسنا فى المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى، بما يخفف من وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة على كثير من المواطنين، وبالتالى سوف يستفيد منها المواطن العادى.
العديد من الدول تنظم مؤتمرات ومهرجانات ومنتديات وفعاليات كثيرة، يراها البعض أحيانا بلا طائل أو جدوى، بل تكلف الخزانة العامة أموالا كثيرة. لكن إحدى الوظائف الأساسية لمثل هذا النوع من الأنشطة هو تحسين صورة البلد، وزيادة مصادر قوته الناعمة وجذب السياحة والاستثمارات إليه، بما يعود بالفائدة على كل مواطن، وعلى الاقتصاد القومى بصفة عامة.
لكن مرة أخرى بشرط جوهرى هو أن يتم عقد هذه المنتديات بصورة احترافية تخاطب الخارج وتتواصل معه، وتحقق الهدف المرجو من عقدها.