بقلم : عماد الدين حسين
يوم الأحد ١٠ أكتوبر الماضى، قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، قفزت إلى ٣١٫٤ مليار دولار، فى العام المالى ٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١.
السؤال: ماذا يعنى هذا الرقم؟
هو يمثل ثلثى إجمالى مصادر النقد الأجنبى فى العامين الأخيرين، وزاد بنسبة ١٣٪ مقارنة بعام ٢٠١٩ ــ ٢٠٢٠، حينما بلغت التحويلات وقتها ٢٧٫٨ مليار دولار، وبنسبة ٧٠٪ مقارنة بالتحويلات فى العام ٢٠١٣ ــ ٢٠١٤، حينما بلغت التحويلات وقتها ١٨٫٥ مليار دولار.
الدكتورة هالة السعيد أعلنت عن هذه الأرقام خلال مشاركتها فى مؤتمر دور التحويلات النقدية فى زيادة الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة، وفى نفس المؤتمر قالت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، إن مصر أصبحت تحتل المركز الخامس عالميا، فيما يتعلق بالتحويلات النقدية.
انتهت الأرقام والبيانات الرسمية، والسؤال: ما الذى يمكن أن نستنتجه من دلالات هذه الأرقام؟!
الخلاصة التى يمكن أن نقرأها أن الإنسان المصرى هو أفضل استثمار، وهو أفضل مصدر للدخل القومى متفوقا على كل المصادر التقليدية الأخرى من سياحة وصناعة وتجارة واستثمار وقناة السويس والبترول والغاز وخلافه، وهو الكنز الكبير الذى ينبغى أن نحافظ عليه دائما وندعمه ونشجعه بشتى الطرق.
المفارقة المهمة التى ينبغى أن نتوقف عندها هى أن تحويلات المصريين بالخارج تزيد بصورة مطردة خصوصا فى السنوات الثلاث الماضية، رغم كل التحديات التى كانت تدفعها للتراجع وليس للزيادة.
فى الأعوام الأخيرة ظهر فيروس كورونا الذى أصاب العالم وتجارته وتبادلاته بالشلل شبه التام، وشهدنا أيضا تزايد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وشهدنا صدامات وحروبا أهلية وعرقية وتوترات فى المنطقة بأكملها، ورغم كل ذلك زادت تحويلات المصريين بالخارج لتصبح المصدر الأساسى للعملات الأجنبية فى مصر.
الدلالة الأهم أن المصريين يحبون بلدهم جدا ويكدون ويتعبون من أجل أن يحسنوا مستويات حياتهم وحياة أسرهم، ويقبلون التغرب والغياب عن بلدهم وأهلهم وأقاربهم من أجل ذلك، وهو ما يصب فى مصلحة هذا البلد، بمعنى أن المصرى العامل فى الخارج حينما يقوم بتحويل أى مبالغ من العملة الصعبة لبلده، فهى تذهب لرصيد البلد من العملات الأجنبية، بعد أن يكون قد حصل على مقابلها بالجنيه المصرى.
إذا كان الأمر كذلك وإذا كان المصرى العامل بالخارج هو «الفرخة التى تبيض ذهبا لأهله وبلده»، فما الذى ينبغى أن نفعله كمجتمع وكحكومة ودولة مع هؤلاء العاملين بالخارج؟
الإجابة السريعة هى ضرورة البحث عن أفضل السبل لشكر هؤلاء العاملين والعمل على راحتهم وتسهيل كل ما يقابلهم من صعاب ومشاكل وعقبات.
لا يعقل أن يقوم هؤلاء بضخ كل هذه الكميات الضخمة من العملة الأجنبية، ثم لا يجدوا تقديرا أو عرفانا منا جميعا.
المفترض أن نقوم نحن جميعا بالبحث عن كل الوسائل الممكنة التى تجعلهم يشعرون بدورهم ومكانتهم، وبعدها نبدأ فى البحث عن الطرق التى تزيد هذه المبالغ أكثر وأكثر.
مع كل التقدير للمصادر المختلفة التى تساهم فى تدفق العملة الصعبة للاقتصاد المصرى، فمن الواضح أن تحويلات المصريين بالخارج هى الأهم على الإطلاق، وبالتالى وجب علينا أن نهتم أكثر وأكثر بالإنسان المصرى قبل أى شىء آخر، حتى نجعله يزيد من مساهماته وتحويلاته التى تلعب الدور الأهم فى دعم الاقتصاد المصرى.
ونقطة مهمة هى أن المصريين العاملين بالخارج واثقون فى بلدهم وفى حكومتهم ونظامهم، حينما رفضوا كل الدعوات المشبوهة فى السنوات الماضية لعدم تحويل أموالهم لمصر وتغييرها فى الخارج بطرق التفافية مشوهة لضرب الاقتصاد المصرى.
وجب على الحكومة أن تفكر فى كل ما يمكن أن يساعد هؤلاء العاملين ويقضى على مشاكلهم.
شكرا لكل مصرى يساهم فى تطوير وتنمية اقتصاد بلده.