توقيت القاهرة المحلي 10:26:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفتى الطريق الصحراوى

  مصر اليوم -

مفتى الطريق الصحراوى

بقلم : عماد الدين حسين

ظهر يوم الجمعة قبل الماضى ١٩ أكتوبر، كنت قادما من أسيوط إلى القاهرة، عبر الطريق الصحراوى الغربى.
حينما حان موعد صلاة الجمعة، توقفنا أمام مسجد يقع فى المسافة بين مركزى بنى مزار ومغاغة عند الكيلو ٨٠ جنوب بنى سويف، وقبل مسافة قليلة من قرية القايات والشيخ مسعود. وهذا المسجد يجاور محطة وقود موبيل. دورة المياه الملحقة بجوار المسجد وخلف محطة الوقود لا تصلح حتى لاستخدامات الحيوانات.
المهم دخلت المسجد، وكان الخطيب صغيرا فى السن ويتحدث عن القدوة، وضرورة أن يقوم المعلم بدوره فى المدرسة ويشرح الدروس للتلاميذ بصورة أمينة، حتى يتقى الآخرون الله فى أولادهم وهى فكرة جيدة للغاية وتصلح لكل المهن والحرف.
لكن فجأة، بدأ الخطيب يصرخ مطالبا الجميع الموجودين فى المسجد، أو كل من يسمعه عبر ميكروفون المسجد بضرورة التخلى عن التليفزيون فى البيت لأنه يشبه الشيطان، واخترعه اليهود لإلهاء وإفساد المسلمين وإبعادهم عن دينهم، وأن المسلم الحق لا ينبغى عليه أن يشاهد هذا الجهاز بالمرة.
ثم عرّج على التليفون المحمول، وأفتى أيضا بأنه يلهى المسلمين عن دينهم.
فى هذه اللحظة فكرت جديا أن أغادر المسجد وألا أكمل الصلاة خلف هذا الشاب، لكن ترددت لعدة أسباب منها أننى لم أكن وحدى حيث كان معى ثلاثة آخرين من أقاربى يريدون إكمال الصلاة، ثم إنه لا يوجد مسجد آخر قريب فى هذا الطريق الصحراوى.
أكملت الخطبة على مضض، خصوصا أن صوت الخطيب كان عاليا بصورة لا تحتمل.
انتهت الصلاة، وقررت أن أواجهه أمام المصلين، اقتربت منه واستأذنته فى التعليق على ما قاله.
قلت له أمام كل المصلين إننى كنت أنوى مقاطعته أثناء الصلاة، لكن خشيت أن تفسد صلاتى. وقلت له إن معظم ما قاله خطر وخطير، وليس من الإسلام فى شىء.
سألته أمام الناس ما هى مؤهلاته العلمية والفقهية حتى تفتى للناس فى أمور حياتهم، فقال إنه درس فى الأزهر. قلت له: ماذا درست؟ فقال: الثانوية الأزهرية!!!
إذا هذا الشاب الذى لم يدرس إلا الثانوية الأزهرية يفتى للناس فى الحلال والحرام.
المهم قلت له وللمصلين إن الأجهزة الحديثة محايدة، يمكن استخدامها فى الحلال والحرام. التليفزيون يمكن أن تشاهد عليه برامج دينية وثقافية وعلمية وسياسية مفيدة جدا للحياة وللآخرة، ويمكن أن تشاهد عليه برامج سلبية وسيئة وضارة.
قلت له إن التليفزيون الذى تقول إن الكفار واليهود اخترعوه لإلهاء المسلمين، هو نفسه الذى يستخدمه بعض الشيوخ لنشر الفضيلة أو الإرهاب والعنف والتطرف والإساءة للإسلام بأكمله. وأن الميكروفون الذى تصرخ فيه من اختراع هؤلاء، وكذلك السجادة التى تصلى عليها، فلماذا تستخدم هذا وتترك ذاك؟!!
قلت له كلاما كثيرا فى هذا الاتجاه، فحاول أن يتملص مما قاله، وأنه لم يكن يقصد. لكن المهم فى الموضوع أن غالبية من فى المسجد أيدوا كلامى، وقالوا لى أمامه إنهم نصحوه أكثر من مرة بألا يكرر هذا الكلام، لكنه لم ينتصح.
قلت للخطيب أيضا إنه سيتحمل وزرا كبيرا حينما يزرع فى عقول الشباب صغير السن مثل هذه الأفكار المتطرفة والخاطئة والبعيدة عن كل منطق وعقل.
فهمت من كلام بعض المصلين الذين خرجوا معى بعد نهاية الصلاة، أنه دائم الحديث فى مثل هذه الموضوعات بصورة متطرفة.
لا أعرف إذا كان مثل هذا الشاب منظما فى جماعة متطرفة إرهابية أم أنه مجرد متحمس أرعن ومتأثر ببعض الأفكار من هنا وهناك.
أعرف وأدرك الجهد الكبير جدا الذى يقوم به الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فى إبعاد مثل هذه النوعية من الخطباء والأئمة من على المنابر، ومن كل الأماكن التى يمكن أن يؤثروا فيها على عقول الناس خصوصا الشباب.
وأعرف كثيرا عن المجهودات التى بذلها ومعه كبار مساعديه.
ولا أعرف هل هذا المسجد تابع لوزارة الأوقاف أم أنه ما يزال بعيدا عن قبضتها.
المهم أتمنى أن تتواصل جهود وزارة الأوقاف للتفتيش الدائم والمستمر على كل الزوايا والمساجد، لأن مثل هذه النوعية من «مفتى الطريق الصحراوى» يمكن أن تدمر كل الجهود التى تبذلها الدولة فى مقاومة التطرف والإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفتى الطريق الصحراوى مفتى الطريق الصحراوى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 09:58 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»
  مصر اليوم - استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»

GMT 09:56 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حميد الشاعري يكشف تفاصيل بيع بصمته الصوتية
  مصر اليوم - حميد الشاعري يكشف تفاصيل بيع بصمته الصوتية

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
  مصر اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon