توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفتى الطريق الصحراوى

  مصر اليوم -

مفتى الطريق الصحراوى

بقلم : عماد الدين حسين

ظهر يوم الجمعة قبل الماضى ١٩ أكتوبر، كنت قادما من أسيوط إلى القاهرة، عبر الطريق الصحراوى الغربى.
حينما حان موعد صلاة الجمعة، توقفنا أمام مسجد يقع فى المسافة بين مركزى بنى مزار ومغاغة عند الكيلو ٨٠ جنوب بنى سويف، وقبل مسافة قليلة من قرية القايات والشيخ مسعود. وهذا المسجد يجاور محطة وقود موبيل. دورة المياه الملحقة بجوار المسجد وخلف محطة الوقود لا تصلح حتى لاستخدامات الحيوانات.
المهم دخلت المسجد، وكان الخطيب صغيرا فى السن ويتحدث عن القدوة، وضرورة أن يقوم المعلم بدوره فى المدرسة ويشرح الدروس للتلاميذ بصورة أمينة، حتى يتقى الآخرون الله فى أولادهم وهى فكرة جيدة للغاية وتصلح لكل المهن والحرف.
لكن فجأة، بدأ الخطيب يصرخ مطالبا الجميع الموجودين فى المسجد، أو كل من يسمعه عبر ميكروفون المسجد بضرورة التخلى عن التليفزيون فى البيت لأنه يشبه الشيطان، واخترعه اليهود لإلهاء وإفساد المسلمين وإبعادهم عن دينهم، وأن المسلم الحق لا ينبغى عليه أن يشاهد هذا الجهاز بالمرة.
ثم عرّج على التليفون المحمول، وأفتى أيضا بأنه يلهى المسلمين عن دينهم.
فى هذه اللحظة فكرت جديا أن أغادر المسجد وألا أكمل الصلاة خلف هذا الشاب، لكن ترددت لعدة أسباب منها أننى لم أكن وحدى حيث كان معى ثلاثة آخرين من أقاربى يريدون إكمال الصلاة، ثم إنه لا يوجد مسجد آخر قريب فى هذا الطريق الصحراوى.
أكملت الخطبة على مضض، خصوصا أن صوت الخطيب كان عاليا بصورة لا تحتمل.
انتهت الصلاة، وقررت أن أواجهه أمام المصلين، اقتربت منه واستأذنته فى التعليق على ما قاله.
قلت له أمام كل المصلين إننى كنت أنوى مقاطعته أثناء الصلاة، لكن خشيت أن تفسد صلاتى. وقلت له إن معظم ما قاله خطر وخطير، وليس من الإسلام فى شىء.
سألته أمام الناس ما هى مؤهلاته العلمية والفقهية حتى تفتى للناس فى أمور حياتهم، فقال إنه درس فى الأزهر. قلت له: ماذا درست؟ فقال: الثانوية الأزهرية!!!
إذا هذا الشاب الذى لم يدرس إلا الثانوية الأزهرية يفتى للناس فى الحلال والحرام.
المهم قلت له وللمصلين إن الأجهزة الحديثة محايدة، يمكن استخدامها فى الحلال والحرام. التليفزيون يمكن أن تشاهد عليه برامج دينية وثقافية وعلمية وسياسية مفيدة جدا للحياة وللآخرة، ويمكن أن تشاهد عليه برامج سلبية وسيئة وضارة.
قلت له إن التليفزيون الذى تقول إن الكفار واليهود اخترعوه لإلهاء المسلمين، هو نفسه الذى يستخدمه بعض الشيوخ لنشر الفضيلة أو الإرهاب والعنف والتطرف والإساءة للإسلام بأكمله. وأن الميكروفون الذى تصرخ فيه من اختراع هؤلاء، وكذلك السجادة التى تصلى عليها، فلماذا تستخدم هذا وتترك ذاك؟!!
قلت له كلاما كثيرا فى هذا الاتجاه، فحاول أن يتملص مما قاله، وأنه لم يكن يقصد. لكن المهم فى الموضوع أن غالبية من فى المسجد أيدوا كلامى، وقالوا لى أمامه إنهم نصحوه أكثر من مرة بألا يكرر هذا الكلام، لكنه لم ينتصح.
قلت للخطيب أيضا إنه سيتحمل وزرا كبيرا حينما يزرع فى عقول الشباب صغير السن مثل هذه الأفكار المتطرفة والخاطئة والبعيدة عن كل منطق وعقل.
فهمت من كلام بعض المصلين الذين خرجوا معى بعد نهاية الصلاة، أنه دائم الحديث فى مثل هذه الموضوعات بصورة متطرفة.
لا أعرف إذا كان مثل هذا الشاب منظما فى جماعة متطرفة إرهابية أم أنه مجرد متحمس أرعن ومتأثر ببعض الأفكار من هنا وهناك.
أعرف وأدرك الجهد الكبير جدا الذى يقوم به الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فى إبعاد مثل هذه النوعية من الخطباء والأئمة من على المنابر، ومن كل الأماكن التى يمكن أن يؤثروا فيها على عقول الناس خصوصا الشباب.
وأعرف كثيرا عن المجهودات التى بذلها ومعه كبار مساعديه.
ولا أعرف هل هذا المسجد تابع لوزارة الأوقاف أم أنه ما يزال بعيدا عن قبضتها.
المهم أتمنى أن تتواصل جهود وزارة الأوقاف للتفتيش الدائم والمستمر على كل الزوايا والمساجد، لأن مثل هذه النوعية من «مفتى الطريق الصحراوى» يمكن أن تدمر كل الجهود التى تبذلها الدولة فى مقاومة التطرف والإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفتى الطريق الصحراوى مفتى الطريق الصحراوى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon