بقلم: عماد الدين حسين
سؤال يكرره كثيرون هذه الأيام هو: متى يشعر الصعايدة أن هناك تغيرا إيجابيا يحدث فى حياتهم؟!
والإجابة أنهم سوف يشعرون بذلك حينما يلمسون التغير بأيديهم ويرونه بعيونهم.
برنامج «صباح الخير يا مصر» الذى يقدمه التليفزيون المصرى سألنى سؤالا قريبا من ذلك فى الأسبوع الماضى، باعتبارى ليس فقط صحفيا ومتابعا للشأن العام، ولكن باعتبارى فى الأساس صعيديا من أسيوط، وهو السؤال نفسه الذى تلقيته من الإعلامى الكبير محمد على خير فى قناة المحور وكذلك من قناة سى بى سى إكسترا، وعدة فضائيات أخرى فى الأيام الأخيرة تزامنا مع أسبوع الصعيد والجولة غير المسبوقة للرئيس عبدالفتاح السيسى فى محافظات أسيوط وقنا وأسوان والتى افتتح خلالها العديد من المشروعات الخدمية والصناعية.
ليس دقيقا أن الإعلام هو المتهم فى عدم نقل صورة ما يحدث على الأرض للناس فى الصعيد فالأصل فى الأمور أنه وحينما تكون هناك إنجازات سوف يشعر بها الناس من تلقاء أنفسهم.
على سبيل المثال عانيت أنا وملايين الصعايدة من سوء حالة الطرق الرئيسية التى تربط القاهرة بالصعيد لسنوات طويلة. بخلاف السكة الحديد التى لا تستوعب كل الركاب، هناك الطريق الزراعى التقليدى القاهرة ــ أسوان، وهذا صار مخصصا فقط للتكاتك والميكروباصات بين المدن والمراكز. لكن الصعايدة يستخدمون فى الأساس طريقين هما الصحراوى الشرقى والصحراوى الغربى وكانا تحفة وآية وعلامة فى الجودة، لكن الإهمال التقليدى وعدم الصيانة وبلطجة سيارات النقل الثقيل والتريلات والمقطورات ذات الأوزان الكبيرة وغير القانونية أدى إلى تكسير وإفساد وشلفطة هذين الطريقين اللذين تحولا إلى أداة لتعذيب المسافرين.
فى الفترة الأخيرة بدأت عمليات ترميم وتطوير الطريقين، وبالفعل تم افتتاح المرحلة الأولى لتطوير المسافة من القاهرة إلى المنيا فى الصحراوى الغربى كمرحلة أولى.
وقد سرت على هذا الطريق بالفعل أكثر من مرة خلال الشهور الأخيرة، ورأيت التطور المهم والكبير عليه، خصوصا تخصيص حارة خرسانية مصفحة للنقل. كما رأيت عمليات التطوير الجارية على الصحراوى الشرقى. حينما سرت على هذين الطريقين شعرت بالفرق الكبير، وهو الأمر الذى سوف يشعر به أى مواطن يسير على هذه الطرق.
صحيح أن تطوير الطريقين أخذا وقتا طويلا، ربما بسبب صعوبة تدبير الميزانية، وتأخر بعض المحافظات فى دفع ما يتوجب عليها دفعه، لكن فى النهاية تم إنجاز الجزء الأكبر من تطوير الطريق. وبالتالى فالرسالة وصلت إلى كل من يهمه الأمر، حتى لو لم ينقلها الإعلام جزئيا أو كليا أو بالصورة الصحيحة.
وهناك أيضا المحاور التى تربط الطريق الصحراوى الشرقى بالطريق الزراعى ثم بالصحراوى الشرقى، وهى إضافة لتسهيل حياة الناس فسوف تؤدى إلى استصلاح هذه الأراضى البينية وزراعتها وبالتالى المزيد من الإنتاج وتخفيف العبء عن الوادى المزدحم بالسكان.
نفس الأمر ينطبق على بقية المجالات، حينما تصل مبادرة حياة كريمة إلى قرية أو مجموعة قرى، ويحدث التطوير المطلوب بالطريقة التى تحدث بها الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وتتغير ملامح القرية خصوصا فى دخول خدمة الصرف الصحى ورصف الطرق الداخلية وإصلاح وتطوير المدارس والمستشفيات، ودخول الخدمات التكنولوجية فإن أهالى هذه القرى سوف يشعرون بالفرق الكبير.
ليس جديدا القول إن الصعيد تعرض للإهمال الشديد طوال عقود طويلة، وأتذكر حينما كنت فى الثانوية العامة بإحدى قرى محافظة أسيوط مركز القوصية أن التيار الكهربائى كان يأتى يوما وينقطع يوما بصورة منهجية.
وقتها قال أحد وزراء الكهرباء رحمه الله ما معناه: «ولماذا يحتاج الصعيد إلى الكهرباء بصورة منتظمة ؟!!». الآن اختلفت الصورة تماما وأصبحت الكهرباء موجودة فى كل مكان بل وهناك فائض للصناعة والربط الكهربائى مع دول أخرى فى آسيا وأفريقيا وأوروبا.
هناك جهد حقيقى بدأنا نراه فى العديد من المناطق، والآن نراه فى الصعيد. هذه بداية جيدة، لكن علينا أن ندرك أنها مجرد بداية وأن التحدى الأكبر هو دعم الإنتاج الزراعى والصناعى وتوفير فرص عمل لأهالى الصعيد. حينما يحدث ذلك بصورة شاملة سوف تتوقف أو تقل الهجرة من الصعيد للقاهرة وللخارج.