توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أشد العقوبات لمعدومى الضمير

  مصر اليوم -

أشد العقوبات لمعدومى الضمير

بقلم: عماد الدين حسين

فى الأسبوع الماضى أمرت النيابة العامة بحبس اثنين احتياطيا بتهمة تصنيع الجبنة من مادة معجون طلاء الجدران.
تفاصيل هذا الخبر المرعب تقول إن النيابة تلقت بلاغا من رئيس المكتب المركزى لمراقبة الأغذية فى مركز تلا بالمنوفية بأن لجنة من المكتب عثرت على كميات كبيرة من الجبن المتعفن غير الصالح للاستهلاك الآدمى فى مصنع غير مرخص تنبعث منه رائحة طلاء الجدران، وبالفحص تم اكتشاف خلط مادة معجن الطلاء مع مكونات الجبن لزيادة كثافتها وسمكها.
مالك المنشأة اعترف بأنها غير مرخصة، وألقى بالمسئولية على مدير المصنع. التحريات قالت إن العاملين فى المنشأة لم يكونوا على علم بما كان يفعله المدير، وأن الكميات المضبوطة كانت معدة للبيع والتوزيع على جمهور المستهلكين.
النيابة قررت حبس مالك المنشأة والمورد وأمرت بضبط المدير الهارب وباقى المتهمين بتهم إقامة منشأة صناعية بغير ترخيص والغش فى إنتاج الجبن وإعداده للبيع وحيازة سلعة بقصد الاتجار بها غير مصحوبة بالمستندات الدالة على مصدر حيازتها.
وحينما قرأت تفاصيل ما حدث، كدت أقول أين ذهب ضمير هؤلاء المجرمين وهم يرتكبون جريمتهم، لكنى تذكرت أن مثل هذه الجرائم صارت تتكرر فى العديد من البلدان.
أتذكر أننى قرأت خبرا فى أوائل الألفية عن ضبط مصنع فى دولة عربية يقوم المشرفون عليه وينتمون لجنسية آسيوية باستخدام الجير بدلا من المادة الفعالة لأحد الأدوية المهمة لسيولة الدم وجلطات القلب.
لم أكن أتصور وقتها أن هناك بشرا يمكن أن يصل بهم الإجرام إلى هذه الدرجة، ثم تذكرت بعدها الحوداث المتكررة ببيع لحوم الحمير على اعتبار أنها لحوم بقر أو جاموس.
وبالتالى توقفت من يومها عن الاندهاش من هذه النوعية من الجرائم التى يموت فيها ضمير أصحابها تماما مقابل تحقيق الأرباح.
لا أعلم ما هو الفارق لو أن مصنع أجبان تلا عمل بصورة شرعية بدلا من خلط الألبان بالدهانات، هل الفارق كبير لهذه الدرجة التى تجعله يفعل ذلك، وحتى إذا كان الفارق كبيرا ألم يفكر هؤلاء أن بعض أقاربهم فى المنطقة يمكن أن يتناولوا هذه الجبنة المصنوعة من معجون طلاء الجدران، فيصابوا وقد يموتوا، ان لم يكن اليوم فغدا؟!
بالطبع إجرام البعض يصل إلى ذرى لا يتخيلها أحد، ومن أجل هؤلاء وجد القانون والعقاب الرادع. وبما أننا لا ينبغى أن نعول على موضوع الضمير لدى هذه الفئة من البشر، فالسؤال كيف نشأ هذا المصنع وعمل واستمر، ومن الذى يفترض أن نحاسبه على هذه الجريمة البشعة بجانب أصحابه ومديره وبعض العاملين فيه الذين كانوا يعرفون حقيقة نشاطه؟!
لدينا تشريعات كثيرة ولدينا عشرات الأجهزة فى وزارات مختلفة مسئولة عن مصانع المواد الغذائية فهل يعقل أن كل هذه الجهات لا تعلم بوجود مصنع الجبنة؟ سوف ننسى قليلا أن المصنع يخلط الأجبان بالدهانات، وسنفترض أن المصنع ينتج الجبنة بالطريقة الطبيعية الصحيحة أليس مفروضا أن هناك جهة مسئولة عن التراخيص، ألا يمر مسئولو هذه الجهة حتى يتأكدوا أن هذه المنشأة تعمل بصورة قانونية؟!
هذا الأمر يشبه بالضبط أن يقوم أحد الأشخاص ببناء عمارة من عشرة أو عشرين دورا من دون ترخيص أمام أنظار الجميع فى حين أن الحى يمكنه ببساطة أن يسأل صاحب العمارة السؤال التقليدى البسيط وهو: أين الترخيص؟!
قد يتهمنى البعض بالسذاجة بسبب طرحى لهذه الأسئلة التى سيقول البعض إن إجاباتها معروفة.
وبالتالى نصل إلى النقطة الجوهرية وهى ماذا تفعل الأجهزة المسئولة عن مثل هذه الأنشطة؟
سيرد البعض ويقول إن مسئولى المكتب المركزى لمراقبة الأغذية فى تلا هم من اكتشفوا الواقعة، وأبلغوا النيابة بها. وهو أمر جيد،
لكن سؤالى لا يتعلق فقط بهذه الواقعة، بل بالقصص المماثلة وحتى فى حالة مصنع أجبان تلا لم نعرف الإجابة على سؤال مهم وهو منذ متى يعمل هذا المصنع غير المرخص ومنذ متى يخلط الألبان بمعجون الدهانات؟!
نحتاج لثورة شاملة فى المحليات ننسف فيها طريقة العمل التى أماتت ضمائر البعض فى هذا المرفق الحيوى من أول مثل هذه النوعية من المصانع نهاية بالبناء العشوائى وغير المرخص مرورا بعشرات نوعيات الفساد فى قطاعات مختلفة تخص الجماهير، ولا نملك إلا أن ندعو على هؤلاء الظلمة وكل من يسهل لهم عملهم، ونتمنى أن يحصلوا على أشد العقوبات حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشد العقوبات لمعدومى الضمير أشد العقوبات لمعدومى الضمير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon