بقلم: عماد الدين حسين
طبقا لتوقعات كثيرة فإن الفترة المقبلة سوف تشهد موجة من زيادات فى أسعار العديد من السلع الأساسية وغير الأساسية، فى العديد من بلدان العالم ومنها مصر.
سبب ذلك ليس تقصيرا من الحكومات بالأساس، ولكن هناك أسبابا عالمية متعددة منها تعطل وبطء سلاسل الإمدادات العالمية، خصوصا القادمة من الصين، والصراع الصينى الأمريكى الذى بدأ يتخذ صفة الحرب الباردة وتأثير التغيرات المناخية على العديد من المنتجات والزيادات المستمرة فى سعر البترول حيث وصل برميل خام برنت العالى إلى ٨٥ دولارا، والزيادات الكبيرة فى أسعار الغاز والتى قفزت إلى ١٢٥٪ فى أوروبا، ثم هناك العوامل الداخلية فى كل بلد على حدة.
المواطن المصرى العادى حينما يذهب لشراء سلعة من السوبر ماركت أو محل البقالة العادى، ويجد سعرها قد ارتفع، لن يدرك أولا الأسباب الدولية للزيادات، وإذا أدركها فقد لا يستوعبها، وبالتالى، فأغلب الظن أن ما سيقر فى ذهنه هو أن الحكومة هى المسئولة عن هذه الزيادات، وبما أنها هى الحكومة التى تحكم، فكان يجب عليها ــ من وجهة نظره ــ أن تتصرف وتجد طريقة لمنع هذه الزيادات أو على الأقل التخفيف من وطأتها.
توقيت ارتفاع أسعار السلع عالميا جاء فى توقيت غاية فى السوء للحكومة المصرية وللمواطن المصرى على حد سواء. الطرفان الحكومة والمواطن كانا يستعدان لجنى ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى تحملته الطبقتان المتوسطة والفقيرة بشجاعة استثنائية، وأشاد بها الجميع أكثر من مرة وفى مقدمتهم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
كان مفترضا أن يبدأ المواطن فى جنى هذه الثمار حينما فاجأت تداعيات فيروس كورونا الجميع، وليس مصر فقط. هذه التداعيات وجهت ضربة مؤلمة للعديد من القطاعات، صحيح أن الأثر لم يكن شديد الإيلام فى مصر مثلما حدث فى بلدان كثيرة، لكنه ضرب مثلا قطاع السياحة والسفر والطيران بصورة قاتلة.
وفى اللحظة التى بدأ كثيرون يستعدون للتعافى من فيروس كورونا، والعودة مرة أخرى لنمط إنتاج وحياة ما قبل الجائحة، فوجئنا بمتحورات جديدة للفيروس مثل «أوميكرون» وقبله «دلتا بنوعيه» ثم جاءت مشكلة ارتفاع الأسعار العالمية للأسباب السالف ذكرها.
أظن أنه مطلوب من الحكومة وأجهزتها أن تبذل جهدا كبيرا فى أكثر من اتجاه للتخفيف من حدة هذه الأزمة.
عليها أولا أن تؤجل التفكير فى زيادات أسعار السلع الأساسية بقدر الإمكان. أعرف حيرة صانع القرار فيما يتعلق بهذه القصة. فهو لا يريد الضغط على جيوب الناس، بصورة دائمة، وفى المقابل لا يملك الكثير من الموارد من أجل عدم الزيادة.
على الحكومة أيضا أن تبذل جهدا إعلاميا مكثفا من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الناس، وإقناعهم بحقيقة الموقف، وأن السبب الرئيسى فى زيادة الأسعار التى حدثت أو ستحدث خارجى وخارج عن إرادتها، لكن فى المقابل فإن هذه الحالة تتطلب من الحكومة أكبر قدر ممكن من التقشف فى كل المجالات من الإبرة للصاروخ.
المواطن العادى وحينما تقول له الحكومة إن الزيادات ليست من صنع يدها وأنها تريده أن يتحمل، فسوف يرد بعبارة بديهية وهى: «ولماذا لا تتحملين أنتِ أيضا ولماذا لا تبدئين بالتقشف؟!».
على الحكومة أيضا أن تبحث فى بدائل لمواجهة هذه الزيادات المتوقعة، حتى لا تكون حتمية، بمعنى زيادة الإنتاج فى العديد من القطاعات خصوصا الصناعة والزراعة وتشجيع أى شخص أو جهة تقوم بالتصدير للخارج. لأن ذلك يعنى توفير فرص العمل وكذلك العملة الصعبة.
الموضوع كبير ومهم ويحتاج لنقاشات تفصيلية فى أكثر من نقطة. كان الله فى عون الجميع.