بقلم: عماد الدين حسين
يحسب لمنتدى الشباب العالمى والقائمين عليه أنه منفتح فى معظم دوراته على بعض الآراء والأفكار الموجودة فى المجتمع.
خلال الاستراحة التى أعقبت حفل الافتتاح بعد ظهر يوم الإثنين الماضى، كان هناك الكثير من الحاضرين، المؤيدين للحكومة، وبعض الذين اختلفوا معها.
المفترض أن عدد الحاضرين فى هذه الدورة الرابعة أقل من العدد فى الدورات الماضية، وهو أمر مفهوم بسبب الإجراءات الاحترازية الناتجة عن ظهور وانتشار فيروس كورونا وتحوراته المختلفة، وكذلك لأن إدارة المنتدى اتخذت قرارا صائبا وهو إعطاء الفرصة لحضور أكبر عدد من الأجانب خصوصا الأفارقة على حساب المدعوين المصريين.
ورغم ذلك فإن الحضور المصرى كان متنوعا، رأيت سياسيين من أحزاب مختلفة، سواء من الأحزاب التقليدية القديمة أو الأحزاب التى تشكلت بعد الثورة، رأيت عددا كبيرا من الإعلاميين، تقريبا معظم رؤساء ومديرى تحرير الصحف، وكبار مقدمى البرامج التليفزيونية ولفت نظرى وجود زملاء
صحفيين لهم آراء مختلفة إلى حد كبير عن الآراء السائدة. لفت نظرى مثلا وجود محمد أنور السادات السياسى والحقوقى المعروف، والذى صار اسمه يتردد بكثرة فى الشهور الأخيرة خصوصا فى حل وتفكيك بعض القضايا التى كانت شائكة واستغلها البعض فى محاولات الإساءة لسمعة مصر وأظن أنه ساهم مع آخرين فى نزع بعض الألغام فى الملف الحقوقى.
رأيت أيضا بعض نواب وأعضاء تنسيقية شباب الأحزاب، الذين أظهروا نشاطا مهما على المستوى البرلمانى أو الإعلامى أو السياسى عموما.
وعرفت أيضا أنه تمت دعوة بعض ممن تم الإفراج عنهم أخيرا من الإعلاميين لكن ظروفا خاصة حالت دون حضورهم.
هذا التوجه مفيد جدا للمجتمع وليس فقط للحكومة أو الذين تمت دعوتهم.
هو مفيد لأن المجتمع بحاجة إلى أن يصبح أكثر صحية وأكثر مناعة.
مصر استقرت كدولة وعادت لقوتها وصلابتها منذ سنوات، بعد فترات اضطراب كثيرة، عاثت فيها القوى المتطرفة والظلامية والإرهابية فسادا وقتلا وتخريبا. لكن القوات المسلحة والشرطة وقوى المجتمع المدنى تمكنت من دحر هذه القوى فى النهاية، بل إن المتطرفين يعيشون الآن أسوأ أيامهم سواء بسبب الضربات القوية التى تلقونها، أو الانقسامات العميقة وغير المسبوقة التى تعرضوا لها فى الفترة الأخيرة، وجعلتهم يتبادلون الاتهامات بالعمالة والتخوين والفساد والسرقة.
وبالتالى فقد صار منطقيا أن يشهد المشهد السياسى بعض «الانفتاح المحسوب» فى الشهور الأخيرة، يمكن تلمسه فى العديد من البرامج التليفزيونية الرئيسية فى قنوات التليفزيون المصرى، أو فى بعض المقالات الصحفية، وقد شاهدنا بعضا ممن هم محسوبون على المعارضة يظهرون على شاشات التليفزيون المحسوبة أو القريبة من الحكومة، ويدلون برأيهم بحرية نسبية، ورأينا بعضهم أيضا يكتب بحرية محسوبة، لم تكن متاحة من قبل.
صحيح أن ما حدث يعتبر قليلا إلى حد كبير، لكن من ناحية أخرى شديد الأهمية لأنه يعكس وجود توجه بهذا الأمر أولا، وثقة بأن الدولة صارت قوية ولا تخشى من مقال أو رأى طالما أنه يتم بصورة موضوعية وحضارية.
قلت كثيرا قبل ذلك وأكرر الآن أن هذا التوجه يفيد الدولة والحكومة والنظام، أكثر مما يفيد المختلفين معها فى الرأى، لأنه يرسل برسالة واضحة أن هذه دولة قوية ولا تهتز لمجرد مقال فى صحيفة، أو تعليق على وسائل التواصل الاجتماعى، أو ظهور فى برنامج تليفزيونى.
تحية لكل من يقف خلف هذا التوجه، ونتمنى المزيد من التنوع فى الآراء طالما أنها تحت سقف القانون والدستور والدولة المدنية.