توقيت القاهرة المحلي 07:29:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

  مصر اليوم -

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

بقلم - عماد الدين حسين

 ‎فى الصفحة الأولى من جريدة الشروق عدد يوم السبت الماضى كان هناك خبران ملفتان للنظر.

الأول عنوانه يقول: «واشنطن تعترف: المجاعة بدأت فى غزة». ‎والخبر الثانى يقول عنوانه: «أمريكا تندد بالصمت الدولى إزاء حرب السودان».

‎ملخص الخبر الأول يقول إن سامانتا باور رئيسة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية تطرقت إلى التقرير الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائى الذى أعدته منظمات تابعة للأمم المتحدة ويفيد بأن المجاعة تقترب بالفعل فى غزة.

وأقرت باور بأن المنهجية التى تم استخدامها فى إعداد التقرير موثوقة.

‎ أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكى سأل باور هل بدأت المجاعة فى غزة، فردت بنعم، معترفة بأنه لم يكن هناك جوع بين أطفال غزة قبل ٧ أكتوبر الماضى، فى حين أن معدل الجوع بين الأطفال ارتفع بنسبة ٣٣٪. ‎

أما مضمون الخبر الثانى فيقول إن سفيرة أمريكا فى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيد قالت إن صمت العالم ينبغى أن يتغير لمواجهة انتشار المجاعة والكوليرا والحصبة، العنف الذى يحصد عددا لا يحصى من الأرواح.

وعلى المجتمع الدولى أن يقدم المزيد، خصوصا أن ما تم تقديمه لا يلبى أكثر من ٥٪ من الاحتياجات الإنسانية التى طلبتها الأمم المتحدة.

‎السؤال: لماذا هذان الخبران ملفتان للنظر؟ ‎الإجابة ببساطة لأنهما يعكسان مدى ازدواجية المعايير فى النظرة الأمريكية. بل والنفاق الواضح والصريح للإدارة الأمريكية بشأن صراعين مختلفين. ‎

الولايات المتحدة هى الممول الأكبر للأسلحة إلى إسرائيل التى تقتل بها الفلسطينيين منذ ٧ أكتوبر الماضى وحتى هذه اللحظة. ‎هى الدولة التى قدمت لإسرائيل كل أنواع المساعدات من أول الأسلحة بمختلف أنواعها مرورا بالدعم الدبلوماسى فى مجلس الأمن والمنظمات الدولية، والتمويل المالى نهاية بالحرب نيابة عنها فى البحر الأحمر ومواجهة إيران والقوى الداعمة للمقاومة الفلسطينية. ‎

المعنى المنطقى الوحيد لإقرار الولايات المتحدة بوجود مجاعة فى غزة، هو أن تتوقف واشنطن عن دعم إسرائيل بالسلاح والمال والفيتو حتى يتوقف العدوان الإسرائيلى، وإذا حدث ذلك، فسوف تدخل المساعدات بكل أنواعها وتنتهى المجاعة، بل ويبدأ إعمار غزة وإعادة ما دمره الاحتلال. ‎نعرف تماما أن الدعم الأمريكى هو الذى تسبب فى سقوط أكثر من ٣٤ ألف قتيل و٧٦ ألف جريح وآلاف المفقودين، ودمر أكثر من ثلثى مبانى غزة ومنشآتها وبنيتها التحتية وحول أكثر من ثلثى السكان إلى نازحين فى القطاع.

وبسبب ذلك انتشرت المجاعة فى القطاع، ولجأ الفلسطينيون إلى أكل أوراق الشجر، وعلف الحيوانات وشرب مياه البحر بعد غليها، والنتيجة هى أن الكثيرين خصوصا من الأطفال ماتوا بسبب هذا العدوان. ‎لم يكن بمقدور إسرائيل مواصلة العدوان من دون الدعم الأمريكى، وبالتالى حينما تقر واشنطن بأن هناك مجاعة فى قطاع غزة فالمفترض أن تدرك أنها السبب الأساسى فى هذه المجاعة، ولا يمكن التبجح بأنها تطالب إسرائيل بإدخال المزيد من المساعدات، لأن كل ذلك يظل كلاما عاما وتصريحات إعلامية لا أكثر.

‎قد تكون إدارة بايدن مختلفة تكتيكيا مع حكومة بنيامين نتنياهو، لكنها متفقة تماما مع الأهداف الإسرائيلية العليا فى تصفية القضية الفلسطينية حتى لو كانت تعلن أنها مع حل الدولتين لفظيا.

‎فى الخبر الثانى تندد واشنطن باستمرار العنف والحرب والمجاعة والأمراض فى السودان والسؤال: ولماذا لا تندد بنفس الأفعال فى غزة؟ ‎من المؤكد أن ما يحدث فى السودان حرب عبثية وتستحق كل تنديد وشجب وإدانة من الجميع، لكن أليس من الغريب والعبثى أن ما تفعله واشنطن وتدعمه فى غزة وسائر أنحاء فلسطين تدينه فى السودان؟ جيد أن تدين أمريكا وغيرها ما يحدث فى السودان، لأنه فعلا يستحق الإدانة، لكن أليس من الحكمة والمنطق والعقل والأخلاق أن تكون المعايير واحدة وموحدة وليست مزدوجة ومتغيرة حسب نوع المعتدى والضحية.

‎ينسى كثيرون أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات طويلة جدا على الحكومات السودانية المتعاقبة بتهمة دعم الارهاب، لكنها أسقطت كل ذلك حينما تم إرغام الخرطوم على التطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل، كشرط لإسقاط العقوبات ورفع اسمها من قوائم داعمى الإرهاب.

‎من حق الإدارة الأمريكية أن تساند إسرائيل كما تشاء، لكن عليها ألا تندهش حينما تجد غالبية الشعوب العربية، والإسلامية بل والدولية مصدومة وغاضبة من هذه السياسة وحينها لا يحق لها أن تسأل: لماذا يكرهوننا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان المعايير الأمريكية بين غزة والسودان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon