توقيت القاهرة المحلي 04:02:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيدى بشر

  مصر اليوم -

سيدى بشر

بقلم :جميل مطر

منذ وعيت فى الثالثة أو الرابعة من عمرى وحتى غادرت القاهرة لأتسلم عملى فى عاصمة الهند كنت مع عائلتى نقضى كل صيف فى منتجع سيدى بشر. أذكر أننى ذات صيف نظمت رحلة شارك فيها عدد من رفاق الحى لنقضى معا فى المصيف نصيبا من صيف، نخدم أنفسنا بأنفسنا، نطبخ ونغسل ونرتب الغرف ونشترى حاجاتنا. تطوعت لأداء مهمة الطبخ باعتبارى عضوا قديما فى جمعية الكشافة بمدرسة الخديوى إسماعيل. اخترنا «شاليه» بسيدى بشر يتسع لعددنا ملحقة به حديقة صغيرة اتسعت بدورها لنلعب فيها الكرة الطائرة ونقضى فيها سهراتنا نتسامر بلعب الورق وطاولة النرد والاستماع إلى عزف على قيثارة مع غناء. كان الشاليه يبعد عن البحر مسافة لا بأس بها وعن محطة القطار حوالى ثلاثة كيلومترات. يفصلنا عن المحطة مساحة صحراوية تتخللها كثبان رملية تتغير فى اليوم الواحد مرات بتغير اتجاهات الرياح وتغزوها عند المغرب قطعان الذئاب تقضى بعض ساعات الليل تعوى. على الناحية الأخرى مساحة صحراوية أخرى تنتهى عند طرق موحشة أغلبها غير ممهد ولكنها السبيل الوحيد إلى الكورنيش وشاطئ البحر. وبما أننى كنت من اختار الشاليه والموقع قضيت جانبا من الليلة الأولى أحاول تهدئة قلة خافت فتمردت مهددة بحزم حقائبها مع شروق الشمس والعودة إلى القاهرة. نجحت عندما ضغطت على أوتار الرجولة وأصداء الفضيحة التى سترافق العائدين مدى حياتهم فى حى يعشق سكانه النميمة الناعمة والمحببة، وأحيانا جارحة. شكلنا من بيننا حراس ليل وجمعنا من أطراف الحديقة حطبا وأشعلنا نارا هى وطقطقة الحطب كافيتان لطرد الذئاب والأشرار. بالمناسبة نسيت أن أذكر أنه لم يكن بيننا من تجاوز السادسة عشرة من العمر والغالبية فى الخامسة عشرة.
•••
صباح اليوم العاشر من أيام الرحلة ركبت القطار متجها إلى وسط البلد لأداء مهمة خاصة. أنهيت المهمة وتبضعت مؤنا ولوازم للأيام المتبقية لنا وبدأت مشوار العودة. فى تمام العاشرة كنت فى محطة مصر، محطة للقطارات المتوجهة غربا حتى العريش وشرقا حتى أبوقير مرورا بسيدى بشر وجنوبا حتى القاهرة ومنها حتى أسوان. كانت التسمية تثير فضولنا، لماذا يسمونها محطة مصر وهى فى قلب الإسكندرية. ركبت القطار على خط أبوقير. أذكره جيدا. قطار يخلو من أى مظهر من مظاهر الرفاهية. ولكن نظيف. فى اللحظة التى تحرك فيها القطار جاءت راكبة لتجلس فى المكان الخالى بجانبى. لم أهتم لانشغالى بقراءة خبر مثير فى صحيفة أخبار اليوم. قرأته ثم رحت أبحث عن روايات أخرى لنفس الخبر فى المصرى والأهرام. أعرف عن هذا القطار أنه يخدم ركابه كخدمة الترام ولا أبالغ إن قلت وبنفس السرعة أو أقل. أغلب ركابه أثناء العام الدراسى من التلاميذ وبخاصة فى مواعيد حضورهم وانصرافهم. وأكثرهم فى الأوقات العادية من أصحاب المصالح العادية يركبون وينزلون وفى الغالب لم يدفعوا شيئا. المحطات متقاربة والمحصل لا يظهر فى العربة الواحدة إلا مرة كل خمس أو ست محطات.
تصورت أن صاحبتنا وهى البسيطة فى ثيابها وحذائها قد تكون من الركاب الذين يسارعون بالنزول فى أول محطة قبل وصول المحصل. اقترب المحصل وكاد يحدث ما توقعت. وجدتها تنظر لى نظرة رجاء، أن أساعدها فلا تنفضح. انتظرت حتى اتأكد. طلب المحصل منها التذكرة فرأيت فى عينيها خوفا مؤكدا. سارعت بالدفع نيابة عنها متعللا بأنها معى ولكن وصلت محطة مصر متأخرة وخفنا أن يفوتها القطار فركبت وهو يتحرك.
•••
بعد سؤال منى وقضمتين أو ثلاث من كعكة بالسمسم تكلمت والدموع فى عينيها. هى ابنة وحيدة لأم بلا زوج. تلميذة فى مدرسة بالحى الذى تسكن فيه والأم تعمل. مرضت الأم قبل يومين ولم تخرج للعمل فاضطرت الابنة للخروج من البيت ومن الحى بحثًا عن عمل. هى لا تجيد عملا بعينه سوى ما تعودت أن ترى ما تقوم به أمها فى البيت. كثيرا ما كانت الأم ترفض أن تساعدها ابنتها فى تنظيف البيت. أقصى ما كانت تسمح به لا يخرج عن غسل الصحن الذى أكلت منه وترتيب غرفة نومها. الأولوية دائما للمذاكرة. لا تخرج من بيتها فى الإجازة الصيفية إلا نادرا. كل صديقاتها زميلات فى مدرسة الحى. هواياتها محدودة، تقرأ ما تحصل عليه من صديقاتها وتستمع إلى ما تبثه الإذاعة من موسيقى وأغانٍ. قالت لأمها ذات يوم: إن ابن صاحب البيت طلب منها إعارته كتابا بعينه رآها تحمله بعد أن تنتهى من قراءته. أجابت الأم متوسلة والدموع فى عينيها، «ليتك يا ابنتى تؤجلين التعارف مع شبان الحى إلى ما بعد الشهادة». نظرت إليها وقلت مازحا: أنا لست واحدا من شبان الحى، أنا مختلف. قالت: أنت بالتأكيد مختلف. أخذتنى الحماسة فدعوتها لزيارتنا فى الشاليه والتعرف إلى سبعة آخرين، هم أيضا مختلفون عن الشبان الذين تعنيهم أمها. «تساعدينا فى ترتيب المكان بلمسة أنثوية وتعدين معى ثم تتناولين معنا وجبة الغداء وتشربين الشاى ونصطحبك إلى المحطة لتعودى إلى أمك راضية وسعيدة».
•••
استقبلتنا فى حديقة الشاليه وجوه مرحبة ووجوه عابسة ووجوه مترددة وكلها متسائلة. قمت بواجبات التعريف ومقدمات التعارف. أضفت أنها «عندما عرفت بالجهد الذى أقوم به فى هذا الشاليه وبعد أن سمعت شكواى عن تقصيركم وكسلكم عرضت المساعدة فاستجبت». طلبت أن تدخل لتعاين أحوال الداخل فرحبت رغم اعتراض البعض خجلا مما ارتكبوه من آثام فى حق غرف نومهم وقاعة الجلوس. عرضت على واحد منهم مرافقتها. بقيت فى الحديقة مع الباقين أجيب على أسئلتهم وكلهم حريصون على معرفة انطباعى عنها وعن حياتها مما سردته على مسمعى فى القطار. فجأة اقترب أحدهم منى وقال هامسا «كيف تطمئن عليها فى وجودنا، مجموعة من عديمى التربية وناقصى الأخلاق»، أجبت بصوت أعلى من الهمس «وبما أنك مختلف عن الباقين عينتك حارسا تحرسها من شرورهم حتى عصر اليوم حين تتولى بنفسك مهمة توديعها على سلم القطار».
بعد قليل خرج الصديق المكلف باطلاعها على حال الشاليه من الداخل، قال «شمرت عن ساعديها وأخرجتنى بعد أن طلبت منى إبلاغكم برجاء عدم الدخول لأى غرض كان حتى تخرج هى إليكم». واستطرد قائلا: «فى الحقيقة لم أقابل شخصا من عمرنا على هذا المستوى من الثقافة والاطلاع. قرأت كتبا لم أسمع عنها وتتابع بانتظام مجلة الرسالة الجديدة ولا تفوتها كتابات يوسف السباعى وإحسان».
استعاد الشاليه رونقا، أو هكذا تخيلنا حاله قبل ثلاثين عاما. شكرناها ودعوناها لترافقنا فى نزهتنا اليومية إلى الشاطئ. عدنا بعد النزهة لتناول غداء كنا أعددناه سويا، هى وأنا، قبل أن نغادر إلى البحر. تمددنا بعد الغداء فى الحديقة لنشرب الشاى ونحكى حكايات. سمعناها تسرد حكايات لم نسمعها من قبل عن مجتمعات النساء.
قالت وهى تودعنا عند باب الشاليه وإلى جانبها صاحبنا المكلف بحمايتها «صحيح أنتم مختلفون. أنتم نموذج لم يدخل بعد إلى حياتى. جددتم أملى فى المستقبل وعززتم إصرارى على مواصلة تطوير قدراتى وتحصين شخصيتى». عاد زميلنا من المحطة ينبئنا بأنها رفضت باكية هديتنا المتواضعة فاضطر إلى دسها فى جيبها مع تذكرة القطار. عاد متأثرا ومنفعلا.
•••
تخرجنا. سافر منا من سافر وتزوج من تزوج واختلفت طرقنا. عدت من الخارج لأقضى وعائلتى الصغيرة وقتا غير قصير بالقاهرة. ذات يوم رن الهاتف على مكتبى تبلغنى السكرتيرة أن سيدة على الهاتف تطلب التحدث معى فى أمر مهم. رفعت السماعة. لم أصدق ما سمعت. سمعت صوتا أنيقا وناعما يقول فى نبرة واضحة «أنا فتاة سيدى بشر. يكفى أم أزيد».. أجبت بصوت كالصراخ، يعنى حتما غير أنيق، «لا تزيدى. أين أنت وكيف ألقاك». قالت نلتقى فى نادى الجزيرة غدا فى مثل هذه الساعة. ستجدنى عند ملاعب الاسكواش.
•••
هناك حيث اقترحت بالأمس رأيتها جالسة وعلى المقعد المجاور ملابس رياضية بيضاء ومضرب وأشياء أخرى. دعتنى لأجلس على المقعد الثالث المواجه لها. قالت: «خفت أن تخلط بينى وغيرى من عضوات النادى إن اخترت أحد المقاهى المزدحمة أو المطعم». أجبت على الفور: «ما كنت لأخطئ فى التعرف عليك».. نعم تغيرت من الخارج ولكن احتفظ الداخل بنفسه طاغيا ومهيمنا ومنعكسا على وجهك. إن نسيت يا صديقتى ما كنت لأنسى داخلك الذى دافع عنك أمامى فى القطار وأمام أصدقائى فى الشاليه بكبرياء هى نفسها التى أراها أمامى الآن. أو أنسى هذا الطموح الذى دفعك لمعرفة ماذا يريد كل منا أن يفعل بنفسه من أجل المستقبل. أو أنسى هذه الرغبة فى المعرفة، يومها لم تتركى شاردة لم تستفسرى عنها أو رغبة فى داخل كل منا لم تدققى فيها. لن أنسى نظرتك الفاحصة فى عيوننا بحثا عن مكنون نظرة من أحدنا توقفت لأكثر من ثانية على وجهك أو شعرك أو جسدك.
قالت: «تؤكد لى بكلماتك اليوم ما قرأته فى وجهك فى قطار أبوقير، وفى الطريق إلى الشاليه عبر صحراء سيدى بشر وفى تقديمى إلى أصدقائك لحظة وصولنا وفى تعاوننا خلال إعداد وجبة الغداء لنا جميعا ثم فى وداعك لى على باب الشاليه وأنا أستعد لمغادرة صحبتكم (التاريخية). تسألنى عيناك، لماذا التاريخية؟. أجيبك وأنا أقطر فخرا ورضاء. كنتم بأسلوب تعاملكم معى وبحكاياتكم وبسرد تفاصيل طموحاتكم التى بدت بالنسبة لى فى ذلك الحين أسطورية، كنتم فى واقعكم أيضا نماذج أسطورية. يومها وبعد أن ودعت حارسى الوديع الذى كلفتوه بحراستى جلست فى القطار أفكر وأسجل، أفكر فى مصير لا يقل طموحا وأسجل خطوات الوصول إليه.
«صديقى.. أنا الآن أستاذ مساعد بالجامعة وأدير مركزا للدراسات وأشارك بالتمويل والإرشاد جمعية أهلية أممية هدفها حماية حقوق المرأة. لا أسعى لمنصب حكومى وقد عرض أكثر من مرة. أريد أن يصبح أولادى الاثنين وقد خطوا بعيدا فى المكانة والعلم. اطمئنك، أنا متزوجة من رجل أنا اخترته فوافق مرحبا وسعيدا. لم يندم يوما، هذا هو ظنى. ولم أندم يوما، أقولها عن ثقة وصدق.
«فى النهاية.. أعترف أننى لم أبحث عنك. كنت دائما هناك. أقابل تلاميذك وأسمع حكاياتهم معك فتتأكد مرة بعد أخرى مكانتك عندى. أسأل عن أصدقاء سيدى بشر فردا فردا فأسمع عن إنجازات ونجاحات فيسعد قلبى وتزداد عزيمتى قوة. ثم قررت أن ألقاك. ألقاك لأبلغك بأن أمى لم ترحل من هذه الدنيا إلا بعد أن أطمأنت أن المستقبل الرغد وصل وهى حية ترزق. وألقاك لأشكرك أنت وأصدقاءك. ألقاك لأشكركم على يوم لم أمر بمثل جماله وثرائه».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيدى بشر سيدى بشر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع

GMT 02:06 2020 الأحد ,06 أيلول / سبتمبر

الديكور الأسود والأبيض في المنازل السعودية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon