توقيت القاهرة المحلي 09:07:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة إليها من رجل تعلم الحب بين يديها

  مصر اليوم -

رسالة إليها من رجل تعلم الحب بين يديها

بقلم:جميل مطر

عزيزى وأستاذى..
أنت عمرى. أبالغ قليلا ولكنى لا أتطاول. قصدت باختيار هاتين الكلمتين فاتحة لخطابى أن أعترف أن ما عاصرته وما تعلمته خلال السنوات التى قضيتها أدرس وأتدرب وأعمل تحت إشرافك ترك علامات فى شخصيتى وعلى سلوكى لا تخطئها عين ولا يغفل عنها حس أو وعى.. أتصور أنك لن تخمن بالدقة أو على الفور هويتى وبعض تفاصيلى من مجرد قراءة هذا التقديم لخطابى، فكثيرون اختلطوا بك لطبيعة عملك وخضعوا لإشرافك وإرشاداتك، ولا بد أنك تركت علامات فى شخصياتهم وعلى سلوكياتهم كتلك التى تركتها فى شخصيتى وعلى مجمل تصرفاتى. آخرون مروا أمامك مرور الكرام وغيرهم أقاموا ولم يطل بهم المقام. هذا النوع لم يترك أثرا ولا تأثر.

سيدى، أنا مختلف. أنا تأثرت وأعلم يقينا أننى أثرت بفعل ما تأثرت. أنا واحد من كثيرين شربوا من نبعك، نبع الحب المتدفق، ذهبنا إليك ونحن ظمآى، وخرجنا من عندك وقد ارتوينا. لم يبخل مدربونا علينا بما أوتوا من علم وما حققوا من نجاحات وما اكتسبوا من تجارب وخبرات. بادلناكم الصدق بما تستحقون من وفاء وتبادلنا فيما بيننا عواطف قوية. عندك، فى قاعات الاجتماع وصالات العمل وأحيانا فى مطبخ المكان، نشأت صداقات ما زلنا نرعاها وتولدت علاقات اقتبسناها من شتى تنويعات الحب، تنويعات عشنا بعضها فى المكان أو سمعنا عنها أو رأيناها على شاشات السينما أو قرأناها فى سن المراهقة أو جربناها شبابا فى حدائق قصر النيل والقناطر الخيرية وعلى رمال شواطئ البحرين المتوسط والأحمر. لم تمانع. كنت نعم المشجع والمرشد والمعلم والمربى.

أخالك وقد تمكن منك الفضول. إذا أردت أن تعرف كيف وقدر ما أثرت فينا وتأثرت بنا فلتقرأ فى السطور التالية نص رسالتى التى بعثت بها صباح اليوم إلى زميلة كانت معنا فى نفس الزمان ونفس المكان، رائعة من روائع الخالق، ثمرة من ثمار بستانك البديع، أكفأ من توليتهن برعايتك وعنايتك. تفضل فاقرأ يا سيدى.
• • •
روح قلبى..
نعم صدقينى. أنا هو صاحب هذا النداء. أنا من كان يناجيك على ضوء القمر ويناجى القمر على ضوء ابتسامتك. أنا من كان يتوسل للقمر باسمك واسمى أن يحتل مكانا فى كبد السماء لا يتركه، نتوسل إليه أن يبقى ما بقينا ولا يغيب كعادته. أتذكرين رد القمر على توسلنا. قال «أنا الذى يجب أن أتوسل إليكما. من فضلكما، أعزكما الله، أبقيا حيث أنتما. صدقانى، أنا واثق من أن طاقتى، طاقة النور والجمال، إنما أستمدها من حبكما. أغيب لخوفى من أن تملا من حضورى الغامر أو أن تحنا إلى شىء من العتمة. تعلمت منكما أنه حتى العتمة صالحة لشحن الحب، وأحيانا تتغلب طاقتها على طاقتى. علمتنى النجوم عبر علاقة دامت ملايين السنين، علمتنى أنه فى غياب الظلام هى تغيب. النجوم مثلى مدينة بوجودها وجمالها للظلام. لا نجوم ولا قمر فى عز النهار. عندما أغيب عنكما تأكدا أننى رحت إلى مكان حيث لا أحد يرانى وأنا أتجمل من أجلكما ولأعود لكما. أعود مبهرا ومشجعا وفى شكل جديد وموعد جديد. أرجوكما، لا تختفيان هربا من كثرة تطفلى ولا تضجان بالشكوى من طول انحشارى بينكما أو دورانى حولكما».

روح قلبى..
تذكرين كم رحلة عمل وفرها لنا أستاذنا. فى كل واحدة من هذه الرحلات زدنا علما وزدنا حبا. كنت دائما هذه الفتاة الرشيقة، هادئة ساكنة إن توقفنا عن اللعب صاخبة متعجلة إن عدنا للركض والقفز. صعدنا وأنت معنا فى المرتفعات القريبة من العاصمة النمساوية إلى قمم ليس فيها سوى أكواخ يجهزون فيها ويخبزون فطائر التفاح. كنا من أجل فطيرة نصعد ساعتين ونهبط فى ساعة وخلال صعودنا وهبوطنا يضيع منا الطريق، يضيع عن عمد ولا نجده عن عمد إلا حين يقترب الغروب.
وفوق الهضاب المحيطة بفلورنسه تختفين. نبحث ونبحث وننادى عساك تسمعين أصداء النداء تتكرر فى الوديان. نسأل عنك رعاة الغنم فيتضاحكون ويتخابثون ويتغامزون وبعد طول لهو ومرح تنهضين واقفة وسط قطيع الغنم تغنين مع الرعاة أغانيهم الجبلية الخلابة.

وعند سفوح الأطلس ضعت منا، أو لعلك كعادتك أضعت نفسك عنا. قضينا جل النهار نسعى ونسأل. كاد الليل يسدل علينا ظلامه وبدأنا نخاف أن نفقد طريقنا إلى الحافلة. فجأة خرج علينا من وسط ضباب الغروب فارسا مهللا ومرحبا ومبشرا أن فتاتنا وصلت سالمة إلى قريتهم وأهل القرية والقرى المجاورة فى انتظارنا والخراف جارٍ شيّها على طريقة أهل الجبل. هناك قضينا ليلة من ليالى الجنة.

مرت سنوات نتعلم ونتدرب ونلهو. كنت دائما زهرتنا اليانعة. لا تغضبين ولا تحزنين ولا تيأسين. كنت معنا فى كل وقت ومكان إلا يوم اعتذرت من الأستاذ ومنى لتؤدى واجبا عائليا. سافرت وغبت. ولا حس ولا خبر. تدهورت صحتى وأثقلت على الأستاذ بالشكوى. كان يرد بالقول «ستعود. هذه بعض ألعابها. أنت تعرفها جيدا، تعرفها أكثر منا جميعا، تعرفها أكثر مما تعرف نفسك. أصبر يا شاب. فتاتك ستعود». بدأت أشك أنه يعرف شيئا يخفيه عنى. ثم هاجمتنى الوساوس. صرت أظن أن كل الفريق يعرف عنك ما لا أعرف. ذات يوم جمعنا الأستاذ ليعلن وباسم الجميع الاعتذار أنهم أخفوا عنى حقيقة أن صاحبتى وزميلتهم الغالية تزوجت وأنجبت وأنهم عجزوا عن الاتصال بها حتى باتوا يعتقدون أنها انتقلت وعائلتها للعيش فى بلد آخر.

روح قلبى..
مرت على آخر ألعابك وآخر شقاواتك نحو ثلاثين عاما.. زارتنى قبل أيام صديقة كانت قريبة منا نحن الاثنين. أسرت لى بأنها عرفت أنك عدت. عرفت أيضا عنوانك. سمعت صديقتنا من حامل الخبر أنك عشت معظم الوقت فى الخارج متفرغة لتربية ابنك. أنا ايضا نجحت. عشت رجلا يحب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إليها من رجل تعلم الحب بين يديها رسالة إليها من رجل تعلم الحب بين يديها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon