بقلم - حسن المستكاوي
** أرجوك احتفظ بهذا المقال فى ذهنك أو فى أى ذاكرة. فهذا ليس تقييما لمدرب المنتخب روى فيتوريا، ولكنه تقييم لأداء الفريق فى مباراتى مالاوى، وسوف يختلف الأداء بالطبع حين يواجه المنتخب الوطنى فريقا قويا مثل السنغال أو الكاميرون وكوت ديفوار والمغرب والجزائر وتونس وغيرهم من الأقوياء. وهذا أمر معروف ولا يحتاج إلى شرح، فالتقييم الموضوعى والدقيق يكون مع فرق أقوى، وبنتائج أهم. فمع الاقوياء سوف تختلف نسبة انطلاقات هانى وحمدى من الجناحين على سبيل المثال فبدلا من كونها 80 % مقابل 20 % دفاع، أمام مالاوى، يمكن أن تصبح النسبة 50 % أو 60 % هجوم مقابل 40 % دفاع. ونعم، منتخب مالاوى، ضعيف، وأكرر منتخب مالاوى ضعيف، ومع ذلك، عالج فيتوريا على سبيل المثال، مشكلة ظلت تواجه المنتخب الوطنى سنوات، وهى خطة «ارميها لصلاح» التى لعبنا بها أيام كوبر فى كأس الأمم الإفريقية 2017، والتى تأهلنا فيها للمباراة النهائية بعد نضال وخصوصا أمام بور كينا فاسو، ثم تأهلنا لكأس العالم وذهبنا وعدنا كما ذهبنا دون أن نلعب كرة قدم. ثم ظلت المشكلة قائمة حين ورث كيروش الخطة نفسها فى تصفيات كاس العالم وفى كأس الأمم بالكاميرون.. فكيف عالج فيتوريا خطة «ارميها لصلاح؟».
** كنت طالبت من قبل أن يخترع فيتوريا وسيلة يدفع بها بزيزو فى التشكيل الأساسى بعد أن ظل صلاح يشغل الجناح الأيمن وحده، وظل الخصوم يراقبون صلاح بلاعبين وثلاثة، لكن فيتوريا جعل الجناح الأيمن جبهة يمنى يعمل بها بالدرجة الأولى ثلاثة لاعبين، وهم صلاح وزيزو وهانى. ثم أضاف إلى الثلاثة التنوع فى التحركات لاسيما بين صلاح وزيزو، وتبادل التحرك للعمق بينهما، وفى الوقت نفسه كان حجازى يتقدم إلى ظهر تلك الجبهة، ويتقدم طارق حامد إلى قلب الملعب، ويتقدم حمادة إلى يسار القلب. ولذلك نجح المنتخب بالتحركات التكتيكية، وتنوعها، فى إرباك دفاعات مالاوى، بالضغط وبالزيادة العددية الهجومية، وهو مازاد من ضعف الفريق الضعيف أصلا، ففى كرة القدم لعبة صراع بين طرفين، وكلما ارتفعت قوة طرف، تضعف قدرات الطرف الآخر!
** كرة القدم فى العالم باتت سريعة التحول والاشتعال، فقد انتهى زمن الصبر على اللاعبين وعلى المدربين، بتأثير الحاجة الاقتصادية، وجنون المال، وحاجة جماهير الفرق والمنتخبات لما يروى الكبرياء، ورغبات الانتصار دون هزيمة، وهو ما تفرزه الغريزة البشرية، التى تختزن شهوة الحرب، فأصبحت كرة القدم هى البديل المشروع للحرب كما وصفها علماء الاجتماع. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد فى هولندا بعد هزيمة المنتخب أمام فرنسا فى تصفيات الأمم الأوروبية بأربعة أهداف. وشن فان باستن وخوليت هجوما عنيفا على الفريق، ورد عليهما فان دايك. ثم فازت هولندا على جبل طارق 3/صفر، فقالات وكالات إن البرتقالة عادت، بينما رد خبراء بأن الفوز على فريق ضعيف لا يعنى العودة..!
** ومن مظاهر هذا التحول والاشتعال فلا عالم كرة القدم ما يجرى للمدربين فى أعتى الفرق الأوروبية، وآخرها بايرن ميونيخ الألمانى الذى أسرع بإقالة مدربه جوليان ناجلسمان من تدريب الفريق بشكل فورى، بعد الهزيمة 1 / 2 أمام باير ليفركوزن واحتلال المركزالثانى فى البوندسليجا، علما بأن ناجلسمان عقده مع بايرن ميونخ كان ممتدا حتى 30 يونيو 2023، ويحدث هذا فى ألمانيا التى درب منتخبها الأول 11 مدربا فقط منذ عام 1926، بينما منتخب مصر قام بتدريبه 42 مدربا منذ عام 1936.....!