بقلم: حسن المستكاوي
* * تألق ساديو مانى فى نهائى الأمم الأفريقية وفى مباراتى الذهاب والعودة مع منتخب مصر فى الجولة الأخيرة لتصفيات المونديال. وخرجت السنغال خلال شهرين، بانتصارين وبتحقيق حلمين كبيرين. كأس أفريقيا لأول مرة والتأهل للمرة الثالثة لكأس العالم بعدما شارك فى نسختى 2002 بكوريا الجنوبية واليابان و2018 بروسيا.. ولا أنكر ولا يمكن إنكار تفوق مانى وظهوره بقوة فى المباريات الثلاث أمام منتخب مصر.. لكن هل كان معنى ذلك أنه هزم محمد صلاح؟!
** لم أعرف أبدا هذا النوع من المقارنات على مستوى اللعب الجماعى فى كرة القدم أو فى غيرها.. وأعود إلى نقطة بداية:
** «منتخب مصر هو المرشح للتأهل للمونديال على حساب السنغال».. كانت تلك الجملة هى نتيجة تحليل جريدة الجارديان البريطانية لموقف الفرق التى ستخوض الجولات الأخيرة لتصفيات كأس العالم فى مختلف القارات، بما فيها أفريقيا. واستندت الصحيفة البريطانية على تقدم منتخب مصر فى مباراة الذهاب بهدف نظيف. والحقيقة أن التوقع رجع لحسابات رقمية، ولفرص منتخب مصر فى مباراة العودة، مثل التعادل بأى نتيجة، أو الخسارة 2/ 1 أو 3/2. بجانب أن الفرص ستكون متساوية فى ركلات الجزاء.. لكن التوقع لم يستند على تحليل المستوى.
** شأن وسائل الإعلام التى تصدر حول العالم بكل اللغات، تحولت المواجهات الثلاث بين مصر والسنغال على مدى شهرين، سواء فى نهائى الأمم الأفريقية أو مباراتى الجولة الأخيرة، تحولت المسألة إلى مباراة بين صلاح وبين مانى. وهو نفس منهج الصراع الذى يصنعه الإعلام فى مقارنات تاريخية أو توازنات بين نجوم الحاضر فى كل زمن. فكان الصراع مرة بين بيكنباور وكرويف، ومرة بين دى ستيفانو وبيليه ثم بيليه ومارادونا ثم ميسى ومارادونا، ثم ميسى وكريستاينو رونالدو، ثم صلاح ومانى.. بينما أن حقيقة الأمر هو صراع بين فريقين فى كل زمن وفى كل مرة..
** عقب مباراة العودة، أو معركة العودة على ملعب عبدولاى واد، قالت الجارديان: « ضربات الجزاء الموجهة بالليزر تضىء يوم أفريقيا الملىء بالفرح والألم فى كأس العالم وتقود مانى والسنغال إلى النهائيات». وأضافت الصحيفة أن مانى للمرة الثانية خلال 8 أسابيع وجد الفرصة ليحقق الفوز للسنغال على مصر بركلات الترجيح. وقالت وكالة الأنباء الألمانية: «مانى يفرض كلمته على صلاح داخل القارة الأفريقية». وذلك فى تقرير تحدثت فيه عن تألق صلاح مع ليفربول قالت فيه إن تفوق صلاح على مانى فى البريميرليج لم يمنع من تلقيه صدمتين فى أفريقيا بتوقيع مانى.. الأولى يوم 6 فبراير فى نهائى الأمم الأفريقية والثانية يوم 29 مارس فى الجولة الأخيرة لتصفيات كأس العالم..
** لكن تفوق مانى جاء مدفوعا بتفوق 11 لاعبا من زملائه، مسلحين بالمهارات والقوة واللياقة البدنية، وبالقدرة على الهجوم وصناعة الفرص. فعندما يتقدم مانى مثلا فى ثلث الملعب الأخير يجد معه وحوله 6 لاعبين فى موقف الهجوم.. ساليو سيس، وإدريسا جاى، وميندى، وشيخو كوياتيه، وبونا سار واسماعيلا سار، وبتكتيك سمح للفريق بالسيطرة، وبالضغط، وعدم استلام منتخب مصر ومعه صلاح للكرة، وحين نجح الفراعنة فى تحقيق ذلك لفترة من مباراة العودة باشتراك زيزو ودونجا وعاشور ومحمود علاء كان بمقدور منتخب مصر تسجيل هدفين من فرصتين، ثم انتقلت السيطرة للسنغال التى أهدرت أربع فرص تهديف بتصديات عظيمة من الشناوى.. والسؤال: «هل تسجيل مصر لهدف واحد من فرصتى زيزو كان يعنى تفوق صلاح على مانى فى أفريقيا؟» هل تقاس القدرات الفردية والأدوار الفردية للاعبين والنجوم بأهداف زملاء أو بفرص لزملاء أم تقاس بقدرات ومهارات اللاعب النجم الثابتة والتى تتفق مع معادلة موازين القوة فى الفريقين؟!
** كان ذلك هو الفارق بين ميسى إسطورة العالم وهو يلعب مع برشلونة، وبين ميسى نفسه وهو يلعب مع منتخب الأرجنتين؟
** لكنه الإعلام الذى يحب أن يبيع صراعا فرديا أشبه بالمبارزة بين النجوم فى كل العصور..!