بقلم: حسن المستكاوي
** أقدر أن منتخب مصر لعب 4 مباريات متتالية، ومدة كل مباراة 120 دقيقة، وأمام أقوى منتخبات كأس الأمم، كوت ديفوار، المغرب، والكاميرون ، والسنغال. وهذا أمر لم يسبق المنتخب فيه أى فريق آخر فى أى بطولة مجمعة. لا كأس العالم ولا كأس أسيا أو أفريقيا ولا حتى فى كوبا أمريكا.. وأقدر كثرة الإصابات التى تعرض لها الفريق. ومن هنا يجب أن نبدأ..
** هناك فارق بين الحزن وبين الغضب.. وليس جيدا أن يتحول الحزن إلى غضب. فلا يرى الغاضب حقيقة ما جرى.
** أولا: لم يتوقع أحد أن يصل المنتخب الوطنى إلى مرحلة المباراة النهائية. والمشكلة أن الكثير من الناس، ومن هم أصحاب الخبرة رفعوا سقف التوقعات قبل مواجهة السنغال إلى درجة الاحتفال باللقب الثامن لمنتخب مصر قبل أن تنتهى الحفلة.
** ثانيا: حكمت النتائج التى حققها المنتخب كل الانطباعات دون أن يرى أحد كيف يلعب الفريق ولماذا اختار كارلوس كيروش فلسفة الصبر والحكمة وبناء هجمات الفريق المضادة بعد وقت طويل من المباراة ربما يستغرق الشوط الأول بكامله؟ فالرجل تلك فلسفته، وقد أدرك الفارق بين ملكات وقدرات اللاعب المصرى وبين نظيره الأفريقى، ورفع مع جهازه الفنى القدرة البدنية عند اللاعبين، لكنه لم يقدر على رفع القوة البدنية والسرعات والخفة والرشاقة، بجانب المهارات المميزة للاعبين الإفارقة المحترفين فى أكبر الأندية الأوروبية.
** ثالثا: خرجت مبكرا منتخبات مرشحة وأولها منتخب الجزائر حامل اللقب وأحد أقوى فرق القارة. وفى تاريخ الكرة المصرية الكثير من النتائج الجيدة والعظيمة والكثير من النتائج التى لم تكن موفقة على الإطلاق. فهل فى خسارة نهائى أفريقيا ما يمكن وصفه بأنها نتيجة سيئة؟
** رابعا: عندما قدم المنتخب أداء سيئا دارت دائرة النقد، وكان بعضه قاسيا وعنيفا، ولكن عندما تحسن الأداء وتغلب المنتخب على ثلاثة منتخبات كبيرة فى أدوار مختلفة كانت كل التعليقات والانطباعات تشيد بالأداء، وقال البعض: «لو كنا خسرنا ما كنا غضبنا. اللاعبون أدوا ما عليهم وهذا هو المهم».. فهل ترون اليوم أن اللاعبين لم يؤدوا ما عليهم؟ هل هذا التحول السريع لدرجة الاشتعال يمكن أن يكون مقبولا؟
** خامسا: مهم جدا أن نفهم ما نملكه كفرق وما يملكه اللاعب كفرد. فنملك كفرق قدرات تكتيكية عالية. ويملك اللاعب المصرى خبرات فى هذا المجال تربى عليها بالريادة والتجارب الكثيرة وخبرات السنين. لكنه لا يملك القوة والسرعة الفطرية. وتنقصه اللياقة البدنية العالية التى تمنحه الخفة والرشاقة والطاقة مبكرا فى مواجهة سرعات وقوة الأفارقة وكلهم محترفون فى أوروبا وهو ما منحهم مهارات إضافية مكتسبة من التدريب ومن طبيعة المباريات.. والخفة والرشاقة واللياقة والقوة تمنح لاعبنا سلاحا يجعله يلعب بأسلوب «الهجمات المضادة» لكنها تساعده على بدء ذلك مبكرا من بداية المواجهة، كما حال الكرة الإيطالية مثلا، دون انتظار لانتهاء مرحلة الصبر والحكمة. إلا أنه من الطبيعى أن ننجح أحيانا وألا ننجح فى أحيان أخرى. الخطأ فى عدم فهم تلك المعادلة الرياضية. والمبالغة فى الحلم. والمبالغة فى الحزن لدرجة الصدمة.
** سادسا: ولماذا فازت مصر بكأس أفريقيا 7 مرات. ومنها 3 مرات متتالية ومع الكابتن حسن شحاته وبجيل من اللاعبين غير المحترفين وكان معظمهم محليين؟ وبعد هذا السؤال أطرح سؤالا آخر طالما نسأل عن النجاح: «لماذا فشل منتخب مصر فى التأهل لنهائيات كأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية أيضا»؟!
** سابعا: هذا بيت القصيد. أننا لا نقرأ كيف فزنا ولا كيف ولماذا خسرنا. يزيل الانتصار السؤال كيف ولماذا وتفتح الخسارة أبواب النقد وكل الأسئلة دون دراسة الأسباب بحق. لقد كتبت مقالات عن فوز مصر بكأس أفريقيا ثلاث مرات متتالية، وكيف أن الضغوط لم تطارد اللاعبين ومدربهم حسن شحاتة بعد الفوز بكأس أفريقيا 2006 بركلات الجزاء الترجيحية. فذهبوا إلى بطولتى 2008 و2010 بدون ضغوط، بدون تلك الضغوط الرهيبة، وتحرروا من شبح الحساب والسؤال، وتسلحوا بمهاراتهم كجيل فريد ومعهم مدرب طلب منهم الاستمتاع باللعب، فقدموا أفضل كرة قدم فى تاريخ منتخب مصر عام 2008.
** الحديث عن المنتخب ومبارياته وتفاصيل الأداء والاختيارات والاصابات وما جرى سيكون فى مقال آخر إن شاء الله.