بقلم: حسن المستكاوي
** لايوجد شىء اسمه «تعادل بطعم الفوز، أو تعادل بطعم الهزيمة».. وتلك واحدة من المقولات المأثورة فى الكرة المصرية وربما العربية، حيث يعمل الكثير من المدربين على «تحلية البضاعة التى يقدمونها» أو «تبرير الأداء البليد الذى يقدمونه». فالفوز فوز، والتعادل تعادل، والهزيمة هزيمة، ولا أعرف من هو المدرب أو الإدارى الذى اخترع تلك التعبيرات فى ملاعبنا، لدرجة أننا وصلنا لمرحلة اختلطت فيها الانتصارات بالانكسارات، والنقط الضائعة بنقاط مكتسبة فى عقل المدربين، وقد عملوا جاهدين على تصدير هذا الكلام إلى الجماهير.. ومن هذا الكلام أيضا: «لا يهم الأداء.. المهم الفوز، مع أن الأداء يجلب الفوز، فى أغلب الأحوال، وغير ذلك هو الاستثناء..
** لكن كيف يقول يورجن كلوب مدرب ليفربول المثقف تعليقا على التعادل مع فلوهام فى أولى مبارياته فى البريمييرليج: «التعادل بطعم الهزيمة».. هل يتابع كلوب الدورى المصرى منذ سنوات؟
** هو حرفيا لم يقل ذلك بالطبع، لكنه قال: «سعيد بالعقاب الذى تلقيناه بخسارة نقطتين، أعرف أنه من الممكن أن ننظر للأمر بشكل مختلف، بالنسبة لفولهام سأقول إنهم أيضا خسروا نقطتين. وأشعر بقدر أكبر من المسئولية مع الهزائم أكثر من الانتصارات... الأداء كان بمثابة هزيمة، ولكن النتيجة ليست خسارة..!»
** جزء مهم فى تصريحات يورجن كلوب بعد المباراة، وهو الإشادة بفريق فولهام، وتفسير التعادل بأنه يرجع لقوة أداء المنافس. فهو لم يفعل مثل الكثير من الخبراء هنا، بتفسير فقدان الأهلى أو الزمالك لنقاط بالأداء السيئ لهما، دون الإشارة إلى قوة أداء المنافس. فقد قال كلوب: «علينا اكتشاف ما حدث، لم نظهر بمستوانا المعهود اليوم... لكننا لا نريد أن ننتقص من حق فولهام، لقد لعبوا بشكل جيد حقا بدأنا تقريبا بشكل متناقض عما كنا نريد... سيطرنا على مجريات اللعب بشكل أكبر لكننا لم نستغل ذلك لأننا لم نلعب جيدا بشكل كاف، لم نتحل بالسرعة الكافية والدقة الكافية، وكل هذه الأمور»..
** لم يعلق كلوب التعادل مع فولهام على شماعة من تلك الشماعات التى تملأ دولاب الكرة المصرية.
** لقد كنت دائما ضد تلك المبررات والشماعات التى تلقى على أسماع الجماهير، فالأغلبية من المدربين والإداريين لايعترفون بتقصيرهم، وكذلك معظم مجالس الإدارات لا تعترف بالتقصير، ولا تبحث بعمق فى أسباب تراجع المستويات. وعندما يكثر حديث الإصلاح عن منظومة كرة القدم فى مصر، وهو حديث الصباح والمساء منذ سنوات طويلة، وربما لم يعشها جيل وأجيال، كلما يكثر هذا الحديث، أردد أن الإصلاح يبدأ بخطاب جديد وعلمى، يقوم على الحقيقة والحقائق، والصدق، والتحليل العلمى، ونشر ثقافة الفوز والهزيمة، وثقافة احترام انتصارات الخصوم وتقديرها، ومصافحتهم على نجاحهم، فى انتظار نجاحك مرة أخرى أو المرة القادمة.. لقد تم تصدير الأوهام والخيالات والمبالغات والاشباح إلى جماهير كرة القدم. وتم تصدير أقوال بليدة، وعجيبة، خلطت بين الفوز وبين الهزيمة، وساوت بين البطل وبين الفاشل، وجعلت أسباب الفشل خارجية، ونشرت ووزعت أقوالا غرزت الكراهية وقتلت الروح الرياضية، ناهيك على هؤلاء الذين أرادوا بث ونشر الروح الرياضية فقالوا لنا: «ابتسم عن الهزيمة».. حتى كاد بعضنا أن يموت من الضحك؟!