بقلم: حسن المستكاوي
** الليلة يخوض المنتخب الوطنى المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية أمام السنغال فى أول مواجهة بين الفريقين بنهائى البطولة. ويبحث الفراعنة عن اللقب الثامن بينما يحلم منتخب السنغال باللقب الأول، خاصة أنه أكثر فريق تأهل للمباراة النهائية وخسر. ولا شك أن تأهل المنتخب الوطنى للنهائى إنجاز فى حد ذاته أسقط كل التوقعات المتشائمة التى صاحبت الفريق للكاميرون. وقد كانت هناك انتقادات بعضها له أسانيده الفنية، وبعضها كان قاسيا وعنيفا، وبعضها كان تهريجا متجاوزا وليس نقدا وكله إساءات للرجل وللاعبين. وصحيح أن الأداء لم يكن جيدا بصورة مرضية فى كأس العرب، وبررت منطق كيروش فى التجربة بالدوحة بأنه ليس مسئولا، إنما يسأل عن ذلك الاتحادات المتعاقبة التى لم تضع خطط إعداد وبناء أجيال جديدة للمنتخبات بمباريات مجدولة مسبقا لعامين أو أكثر، كمشروع خاص بالكرة المصرية. لم أتوقع التأهل للمباراة النهائية. وقد فاجأنا كيروش وأعضاء الفريق بأداء اتسم بالشخصية والذكاء التكتيكى وارتفاع معدلات اللياقة البدنية فى ثلاث مباريات متتالية أمام كوت ديفوار، والمغرب، والكاميرون.
** مبكرا اعتمد كيروش أسلوب الرسائل للاعبين والرأى العام من خلال حسابه على تويتر. ورسائل كيروش عموما تعبر كلماتها عن ثقافة الرجل وخبراته الطويلة، وهو يختار كلماته بعناية سواء فى المؤتمرات الصحفية أو عبر تويتر.. وقد وجه نقدا للصحافة المصرية التى تجتزئ من كلامه، كما شجع اللاعبين كثيرا: « يا شباب، لقد وصلنا إلى الدور قبل النهائى بسبب التزامكم وتضحياتكم من أجل قميص المنتخب. أنا متأكد من أنكم حظيتم بمزيد من الاحترام من مؤيديكم الحقيقيين. من خلال موقفنا المتواضع والطموح، بينما يستمر الآخرون فى الحديث، نواصل نحن السير نحو أهدافنا وحلمنا».
** من رسائل كيروش أيضا: «مبروك يا شباب، لقد فعلتموها وتستحقونها اليوم الفرق بين الفوز والخسارة صغير جدًا. يصنع الفائزون الفرق عندما يكونون مستعدين لدفع ثمن النجاح، والقيام دائمًا بما هو مناسب للفريق، وزيادة التضحيات والمعايير». كما تحدث فى رسالة عن تضحيته بنفسه والطرد: «فى الطريق إلى الحلم. أنا على استعداد لدفع ثمن هذه العقوبة الفظيعة وغير العادلة التى ترتب عليها الغياب عن النهائى. أشعر بالفخر والشرف لذلك لأننى أدفع هذا الثمن فى كفاحى لحمايتكم وحماية فريقنا».
** من ضمن الرسائل أيضا قول كيروش: «سنعزز أنفسنا بمزيد من القوة و«بإستراتيجية شبكة العنكبوت» التى قمنا ببنائها بجهودكم وتضحياتكم وتطوير عقلية الفوز».
** أعتقد أن إستراتيجية شبكة العنكبوت هى الصبر الشديد والحكمة فى بناء تركيبة قوية، بخيوط تعتمد على أوجه القوة التى يمتلكها الفريق وهو ذكاء من كيروش أن يدرك ملامح قوة اللاعب المصرى وماذا يملك وماذا لا يملك، وبناء عليه يختار كمدرب أسلوب اللعب المناسب. وهو أيضا بالمناسبة تعبير مستخدم على مستوى الشركات الصناعية والتجارية الكبرى التى ترغب فى التوسع بشبكة عملائها.
** لكن عندما بحثت عن أصل التعبير وجدت كتابا إنجليزيا بعنوان «شبكة العنكبوت فى كرة القدم.. كيف تطورت اللعبة الجميلة»، وهو كتاب من 30 فصلا و400 صفحة للمؤلف ديف باجوا، وهو يتناول كرة القدم بشكل عام وكيف أنها لعبة نقية وجميلة يستمتع بها البشر سواء بالممارسة أو بالمشاهدة، وقد تطورت بأفكار اقتصادية وتجارية وأصبحت سلعة استهلاكية جماعية لا يمكن الاستغناء عنها. وهناك الكثير من الشخصيات الملهمة فى مجال اللعبة من كرويف إلى جوارديولا، ومن جان مارك بوسمان إلى أرسين فينجر، وأن هناك الكثير لنتعلمه. وبنهاية كل هذا، سترى كيف أطلق هؤلاء المبتكرون مساراتهم الفريدة لإنشاء لعبة جماعية لا يمكننا العيش بدونها؟
** هل قرأ كيروش الكتاب؟ لا أعلم. لكن فكرته من التعبير الذى صاغه فى واحدة من رسائله يشرح طريقته فى قيادة المنتخب.