بقلم: حسن المستكاوي
** أكبر كذبة عاشت بها الرياضة هى: «لا سياسة فى الرياضة».. وهو ما تأكد من الرسالة البليغة التى ألقى بها على فرج بطل الأسكواش المصرى، خريج جامعة هارفارد العريقة فى وجه الغرب وفى معقله، حين طلب منه الإدلاء بتصريح عن حرب روسيا على أوكرانيا، حيث قال: «أدرك تماما أن ما سأقوله سوف يجلب لى المتاعب، لكن بما أنه بات من الجائز الحديث فى السياسة وقت الرياضة، فإننى بالطبع أرفض ما يجرى فى أوكرانيا، ولا أحد يمكنه أن يكون سعيدا أو قابلا بالاعتداء والغزو على شعب أو دولة. ولكن يبدو أن حديث السياسة أصبح مقبولا اليوم فى مجال الرياضة، ولذلك أود الإشارة إلى ما يجرى فى فلسطين منذ 74 عاما من اعتداءات على الشعب الفلسطينى، وهو لم يكن واردا فى الميديا الغربية، لكنه الآن يمكن قبوله، بعد أن صارت السياسة مقبولة فى الرياضة».
** صفق الجمهور لكلمة على فرج، وكان ذلك موافقة على كل حرف يقوله. فقد وصلت الرسالة إلى الغرب من قلب لندن. إلا أن هذا الغرب، نفس الغرب، لم يهتز لغزو أمريكا للعراق عام 2003، ولم يهتز لما يجرى فى اليمن، وسوريا، وليبيا، والعراق. فحقوق الإنسان فى السلام والأمن، ليست حقا لشعوب ودول كما هى حق لشعوب ودول الغرب بما يتفق مع رغباته ومصالحه.
** لا أحد يقبل بالحرب والاعتداء، إلا إذا كانت درءا لحق شعب أو دولة فى الوجود وفى الحياة، فهناك ما يسمى بحروب الضرورة.. ومنذ الحرب الروسية على أوكرانيا لم تتوقف دائرة العقوبات على الفرق والرياضيين الروس، بحرمانهم من بطولات ومنافسات، حتى هؤلاء الذين لم يوافقوا أو يؤيدوا غزو الجيش الروسى لأوكرانيا.. وهكذا دفعت مدينة سان بطرسبرج الروسية ثمنا بحرمانها من حق استضافة المباراة النهائية لدورى أبطال أوروبا وتم استبعاد جميع المنتخبات والأندية الروسية من كل البطولات الدولية وإقصاء منتخب روسيا لكرة القدم من تصفيات كأس العالم، واستبعد الروس من الألعاب الأوليمبية البارالومبية، ونقول وتقول الدراسات إن الرياضة الروسية وكرة القدم فى البلاد سوف تغرق.. كما أن الشركات التجارية عانت هى الأخرى بسبب الحرب، ورفضت أندية عقودا كبيرة بسبب الغزو مثل شركة جاز بروم. وألغت الشركة الصينية للتكنولوجيا «هواوى» أنه تم انهاء التعاون مع روبرت ليفاندوفسكى نجم فريق بايرن ميونخ الألمانى لكرة القدم وأفضل لاعب فى العالم
ولم تعط هواوى أى أسباب عن إنهاء التعاون مع مهاجم بايرن ميونخ والمنتخب البولندى ليفاندوفسكى الذى رفض غزو روسيا لأوكرانيا.
** هل هى السياسة التى لعبت فى الرياضة أم أنها الحرب بكل ما فيها من آلام إنسانية وفظائع وجرائم هى التى حركت أهل الرياضة؟
** إن ما جرى وما يجرى وما سيجرى يؤكد الأكذوبة الأكبر، وهى أن القانون والمبادئ تحكم الغرب. ومن ذلك قصة مالك تشيلسى الروسى رومان إبراموفيتش الذى عوقب وصودرت أملاكه وتقرر بيع النادى لأنه صديق لبوتين.. فهل اكتشف الإنجليز تلك الصداقة يوم 24 فبراير الماضى حين بدأ الغزو الروسى، بينما الرجل يقيم فى بريطانيا ويستثمر ويعمل ويبنى ناديه على مدى 20 سنة وتحديدا منذ عام 2003 حين استحوذ على تشيلسى؟ وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بى ايه ميديا) أن وزارة الخزانة سيكون عليها الموافقة على ترخيص جديد لبيع نادى تشيلسى، لكن الملياردير الروسى أبراموفيتش لن يُسمح له بجنى مكاسب من وراء عملية البيع.. وهذا الأمر يهدد فكرة الاستثمار فى الأندية الإنجليزية!