بقلم: حسن المستكاوي
** طرحت صحيفة الإيكونوميست البريطانية سؤالا جدليا لطيفا: «لاعبو التنس هل يمثلون بلادهم أم يمثلون أنفسهم فقط؟».
ولد السؤال من وقائع حرمان مجموعة من لاعبى روسيا وبيلاروسيا من الاشتراك فى بعض البطولات، لاسيما الويمبلدون التى ينظمها نادى عموم إنجلترا للتنس والكروكيه وترتب على ذلك استبعاد 5 لاعبين من أفضل 50 لاعبا فى العالم ومنهم دانييل ميدفيديف، الذى يحتل المرتبة الثانية فى التصنيف، وكذلك استبعدت 8 لاعبات من أفضل لاعبات التنس المحترفات. وحدث ذلك على الرغم من أن بعض اللاعبين الروس مثل روبيليف المصنف الثامن فى العالم والذى عارض حرب روسيا ضد أوكرانيا فى شهر فبراير الماضى حين كتب «لا للحرب من فضلك»، وفعل ذلك بالكتابة على كاميرا تليفزيونية بعد فوزه بمباراة، بينما كان ميدفيديف أكثر حذرا، حيث قال: «أريد السلام فى كل العالم!»
** لاعبو التنس هل يمثلون بلادهم أم يمثلون أنفسهم فقط؟
** أراهم يمثلون أنفسهم، ولا علاقة لهم بغزو روسيا لأوكرانيا، لكن حجة منظمى الويمبلدون أنها إجراءات أمنية لحماية اللاعبين أنفسهم، بجانب أن تأييد الحرب من أحدهم أو من مجموعة من اللاعبين لا يمكن قبوله أو السماح به وممارسة نشاط اللعبة. إلا أن بعض اللاعبين الذين رفضوا الحرب يرون أن حرمانهم عنصرية وتمييز. والغريب أن صحفا عالمية وأوروبية لم تتذكر أن معلقا ومقدما لحفل نهائى بطولة للإسكواش طلب من البطل المصرى على فرج إبداء رأيه فى غزو روسيا لأوكروانيا، فكان رد البطل الشاب : كنتم ترفضون السياسة فى الرياضة، وها أنتم تدفعون بها إلى قلب الرياضة، فلماذا تتجاهلون مايحدث فى فلسطين وللشعب الفلسطينى منذ عشرات الأعوام؟
** صفق الحضور للبطل المصرى الشاب، اقتناعا بمنطقه. إلا أن العالم الغربى الذى انتفض إزاء غزو روسيا لأوكرانيا لم يهتز بسبب ما يجرى للشعب الفلسطينى من اعتداءات مستمرة. فتلك سياسة أيضا لكنها لم تحرم أحدا من الرياضة.
** هى مسألة معقدة. لكنها الحرب التى لعبت فى الرياضة، والسياسة التى تلعب فى الرياضة منذ زمن بعيد. ففى عام 1950 استبعدت ألمانيا واليابان من كأس العالم لكرة القدم بسبب الحرب العالمية الثانية. وعندما نظمت كوريا واليابان كأس العالم 2002 قالت الصحف أيامها إن التنظيم المشترك أزال تاريخا من العنف والدم بين كوريا واليابان منذ غزو الإمبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية عام 1867 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعندما فاز منتخب السنغال على فرنسا بطلة العالم 1998 فى هذا المونديال علق المدرب الراحل برونو ميتسو والمدير ىالفنى لمنتخب السنغال: «أن مباراتنا مع فرنسا كانت مواجهة بين البروليتاريا – عامة الشعب – وبين النبلاء!».
** لاعبو التنس هل يمثلون بلادهم أم يمثلون أنفسهم فقط؟!
الأمر هنا يختلف عن مشاركات المنتخبات وبعثات الدول فى الأنشطة الرياضية الكبرى مثل الألعاب الأوليمبية أو كأس العالم. فلاعبو التنس يمثلون أنفسهم، ولا يلعبون تحت راية العلم الوطنى، ولا يعزف من أجلهم النشيد الوطنى، وبعضهم يقيم خارج وطنه لسنوات. لكن فكرة تأييد الحرب أو رفضها هى الخط الفاصل هنا. إلا أن السؤال الصعب هو: هل يمكن لأى لاعب روسى إعلان رفضه تلك الحرب على أوكرانيا؟
** أنتهى بسؤال بعيد عن هذا الجدل.. من استدرج روسيا لتلك الحرب، ومن يفعل المستحيل لإطالة عمر تلك الحرب. ومن لا يعنيه أن تدمر كل أوكرانيا طالما هى بمثابة الفخ للدب الروسى؟