بقلم: حسن المستكاوي
الشناوى أنقذ المنتخب من هزيمة كبيرة كانت ستسجل فى كتاب الكرة الأفريقية لأجيال..
الكرة المصرية بدون مشروع علمى منذ 1970.. وطالبت بدراسة التجربة الألمانية التى أنتجت 17 ألف مدرب ناشئين فى 10 سنوات
تحليل الأداء هو القضية فكيف ندافع وكيف نهاجم.. ما هى فترات الهجوم فى مواجهة الفرق القوية؟
اختيارات كيروش للاعبين والمراكز فى مباراتى الجولة الحاسمة كانت مرتبكة ومختلفة ومتغيرة..
أسلوب اختيار المدربين خطأ.. وسؤال مكرر عن فينجادا المدير الفنى للاتحاد.. ماذا يفعل؟!
** منتخب السنغال أفضل، وهو الذى يستحق التأهل لكأس العالم. أفضل بالأداء والجهد البدنى والمهارات والقوة والفرص والهجوم والدفاع.. أفضل فى مجموع المباراتين ذهابا وعودة.. ولعب فى القاهرة بقوة وجودة كما لعب فى داكار بقوة وجودة.. بينما لعب منتخب مصر 50 دقيقة متفاوتة التوقيتات والمراحل من بين مباراتين عمرها كان 210 دقائق
** لا أعرف بماذا أبدأ؟ هل أشارك فى الولولة قصيرة النظر المسطحة التى تختصر خروج المنتخب من كأس العالم فى كيروش أو ضربة جزاء صلاح الضائعة؟ هل أختصر الهزيمة فى تشكيل المدرب وأنه لا بد من لاعب مكان لاعب، أو أن زيزو كان الحل وممروش ليس حلا؟ نعم كان كيروش مرتبكا فى اختياراته وكثير التغيير فيها.. لكن ذلك ليس السبب الوحيد؟ هل أبدأ بمباراتى السنغال؟ هل أعود إلى كأس العرب وكأس الأمم الأفريقية؟ هل أعود إلى الأندية التى رفضت نظاما يختصر مسابقة الدورى إلى 26 أسبوعا بدلا من 34 أسبوعا لظرف طارئ واستثنائى كان فى سياق المصلحة العامة وها هى نفس الأندية تشكو من ضغط المباريات؟
هل أنظر تحت قدمى أم أعود وأنظر إلى أصل المشكلة؟ إلى نظام صناعة محبط وعدم وجود مشروع حقيقى لكرة القدم منذ عام 1970 من القرن الماضى؟.. والحقيقة كان هناك مشروع فى الستينيات باستجلاب مجموعة من المدربين الأجانب.. طوروا من نظريات التدريب التى كانت قائمة.. لكن المشروع لم يكتمل بالطبع! هل أتحدث عن أسلوب اختيار مدرب منتخب وهل ناقشناه فى فلسفته ورؤيته للكرة المصرية وللاعب المصرى وماذا يملك وماذا لا يملك؟ هل أسأل عن فينجادا وماذا يفعل كمدير فنى للاتحاد؟
هل أكرر أن هناك قصورا فى فهم الرياضة أصلا وأن خسارة بطولة أو مباراة لا تعنى انهيارا وإلا قطع الإنجليز شرايين أيديهم مع أنهم يملكون أفضل صناعة وأقوى دورى؟ هل أعيد الطلب بدراسة التجربة الألمانية وكيف تعلموا بعد مأساة الأمم الأوروبية عام 2000 وصنعوا فى 10 سنوات 17 ألف مدرب ناشئين؟
** لماذا لا ندرس ولا نتعلم.. ولماذا هذا التسطيح الذى نعيشه دائما فى معالجة نتائج كرة القدم؟
** يوما ما ضمن أيام كثيرة خرجت على الهواء فى بث مباشر وانتقدت فريقا مصريا بعد فوزه 3/1 فى دورى أبطال أفريقيا وحذرت من فروق القوة واللياقة والسرعة بين لاعبينا وبين الفريق المنافس.. ويوما ضمن أيام كثيرة كتبت وحذرت فى مقالات وفى برامج من غياب مشروع إعداد المنتخب وقلت إن جميع الاتحادات لا تعرف مباريات الاحتكاك فى أجندة الفيفا، ولعلنا من منتخبات معدودة مثل جزر الأنتيل وجزر سولومون، ومنتخب بابوا غينيا ومنتخب بولينيسيا الفرنسية تاهيتى، ليس فى برامجنا منذ 50 عاما الاحتكاك للتعلم.. وذلك بينما كانت تجرى الجولات الحاسمة والأخيرة لكأس العالم كانت هناك عشرات المباريات لمنتخبات تجرى فى مختلف بقاع الأرض، وشاهدنا مثلا كوت ديفوار تلعب مع فرنسا ومع إنجلترا بينما نحن كلما فوجئنا بموعد مباراة فى تصفية قارية نستدعى بنين أو ليبيريا!
** أبدأ بالإشادة بمن يستحقون فى مباراة السنغال.. أولهم الشناوى البطل الحارس الرائع الذى أنقذ منتخب مصر من دراما تراجيدية أمام السنغال حين تصدى لخمسة أهداف محققة كانت سترفع الهزيمة إلى سبعة أهداف، لتكون خسارة مهينة لأجيال مسجلة فى كتاب الكرة الأفريقية. وأبدأ بالإشادة بياسر إبراهيم المدافع الصلب وإمام عاشور وزيزو الذى قلب المباراة وكاد يسجل مرتين فى وقت حرج وقاتل. وأشيد بلاعبى المنتخب جميعهم على عطائهم قدر جهدهم وطاقتهم فلم يكن هناك تقصير فى أداء الواجب، لكن فى الحياة تلميذ ينال الدرجة الكاملة فى الامتحان، وتلميذ آخر يذاكر وينال درجة 4 من عشرة مع أنه ذاكر كما ذاكر الأول.. إنه فرق قدرات تحصيل!
** لا جديد عندى قلت رأيى هذا مرات عديدة باختيار دقيق للكلمات حتى لا أسىء للاعب أو لمدرب.. قلت هذا ونحن فائزون على السنغال بهدف فى القاهرة، وقلته بحرص شديد فى وقت لم تكن معركة كأس العالم انتهت بعد وكنت حريصا على دعم المنتخب ولو معنويا بقدر حرصى على الإشارة إلى الحقيقة..
كان ذلك بعد الفوز فى القاهرة وليس بعد هزيمة.. فالواجب يحتم أن ترى بدقة وعمق.. ولست من هؤلاء الذين يهرجون، ولا من هؤلاء الذى أخذوا يهاجمون المدرب واللاعبين بعد مباراة نيجيريا، ثم عادوا وفى تغزل فج لكيروش وللاعبين بعد الفوز على كوت ديفوار والمغرب والكاميرون فى البطولة نفسها، ثم عادوا مرة أخرى وانقلبوا على المنتخب كله بعد مباراتى السنغال، بنفس الكلمات العامة التى لا تحمل عقلا ولا حلا فقط مجرد سب وقذف وإساءات، وهذا بالمناسبة ضمن إطار الفوضى التى تعيشها صناعة اللعبة فى مصر.. وهى نفس الفوضى التى قضت بعقاب كهربا بغرامة مالية قدرها 2 مليون دولار من قبل المحكمة الرياضية الدولية!
** لا جديد عندى للأسف.. قلت هذا بعد الفوز على السنغال فى القاهرة:
1ــ أساند المنتخب وأفقد أعصابى أثناء المشاهدة لكننى بحكم المهنة أركز جدا فى شكل الأداء بالنسبة للفريقين. وقد كان منتخب السنغال قويا وضاغطا وأفضل.
٢ــ لا يوجد أى تقصير من أى لاعب فى المنتخب بالنسبة للعطاء بأقصى طاقة يملكها.. وهذا بالإرادة والرغبة لكن هناك تقصيرا فنيا يرتبط بالأداء الجماعى والقدرة البدنية والذهنية.
وصحيح تصدى دفاع المنتخب للهجوم السنغالى الجارف لكن هذا الهجوم كان يمكن أن يسفر عن أهداف وكذلك صحيح من فرصنا القليلة سجلنا هدفا وضيعنا هدفا لكن هذا ليس دليلا على ضعف السنغال أو على قوة منتخبنا.
٣ــ أحترم كل الآراء الفنية. ورأيى أطرحه فى صيغة سؤال: هل يستطيع المنتخب اللعب لمدة ٦٠ دقيقة من ٩٠ دقيقة كما لعب فى أول ١٥ دقيقة من المباراة. لو قدرنا فسوف نعبر السنغال..
٤ــ القدرة أقصد بها اللياقة البدنية والقوة والسرعة. ولكى المنتخب يمتلك الكورة ويمررها ويفتح ثغرات لازم كل لاعب يمتلك اللياقة والقوة والسرعة ولازم يتحرك فى المساحات.
٥ــ أردد من سنين طويلة كتابة وقولا فى برامج لم يعد الفارق الحاسم فى أداء المنتخب أن يكون فلان مكان فلان باستثناء صلاح. إنما القضية أداء الفريق كله جماعيا.
٦ــ ممكن جدا نمسك المباراة ونحلل كل هجمة للمنتخب وكل هجمة للسنغال وكذلك أى المواقف الدفاعية ونشوف أين كان الننى وأين كان عمر جابر وأين كان فتوح والسولية وماذا حدث عندما تسلم مانى أو سار أو كوياتيه وميندى فمن قابل واستخلص الكرة ومنع المنافس من التقدم. وسوف نكتشف أخطاء لا تعد وهذا هو بالظبط ما تفعله أنديتنا وهو تشترى لاعبا بفلاش أو أسطوانة فيديو عمرها دقيقة ونصف لأفضل أهدافه وألعابه فى 10 سنوات، فتكون النتيجة دفع ملايين ليجلس بجوار المدرب على الدكة!
٧ــ تحليل الأداء الجماعى هو القضية فكيف ندافع ومن أين وكيف نهاجم ونصل لمنطقة المنافس وما هو الضغط الذى نمارسه عليه وعلى خطوطه وعلى مرماه وما هو معدلات الجرى، وفى ليلة المباراة كان سؤالى واضحا بشأن أسلوب اللعب والهجوم والضغط.. هل نقدر؟..
٨ ــ أردد من سنين أن المهم عند الذهاب لكأس العالم أن نلعب كرة زى الكاميرون ونيجيريا والجزائر وتونس والمغرب وغانا فى بطولات مختلفة. لكننا لم نلعب سوى مباراة هولندا فقط فى المرات الثلاث التى تأهلنا فيها.. وبوضوح كرتنا بدون مشروع علمى وبدون خطة وبدون مباريات احتكاك تعلمنا.
وأثناء مباريات الجولة الأخيرة والحاسمة لكأس العالم كان العديد من المنتخبات الأفريقية والأوروبية يلعب مباريات ودية تدريبية ونحن لا نفعل ذلك إلا حين تفاجئنا مباراة رسمية قادمة.. وهو حالنا من زمان.
** 9 ــ على اتحاد الكرة الحالى يعيد تعريف الكرة المصرية فهى ليست المنتخب وحده. وإنما هى المسابقات المحلية والناشئين، والحكام والمدربين والملاعب والأكاديميات. وعقود اللاعبين، وطرق التعاقد مع المدربين فى الأندية وفى المنتخبات. ولو كنا تأهلنا لكأس العالم لما وجدنا وقتا لإعداد الفريق، ولربما ألغينا الدورى كى يعيش المنتخب. فيذهب المنتخب إلى كأس العالم ويخرج من الدور الأول ويموت الدورى والكأس وكل مسابقاتنا المحلية.. ما هذا؟!
** 10 ــ لن أتحدث الآن عن فرق الناشئين فى الأندية وأساليب إجراء الاختبارات.. وكيف أن مساحات الملاعب لم تعد كفاية لأداء تدريبات علمية حقيقية من الصغر وكيف أن علم الانتقاء لا يطبق على الإطلاق أو لا يطبق بجدية.. فتلك قضية أخرى يطول شرحها لكنها جزء أصيل من أزمتنا..
** أخيرا الأجواء التى أقيمت فيها مباراة العودة فى داكار غاية فى السوء.. جمهور متعصب يسىء للاعبى المنتخب، وحركة سير أخرت الفريق.. وحكم لم يشكل الحماية الواجبة للاعبينا لاسيما فى الشوط الأول، فكان منتخب السنغال يلعب بعنف بالغ، يلعب على السيقان والضلوع والأجساد مع أن لاعبيه لا يحتاجون ذلك لما يملكونه من مهارات. وهو الأمر نفسه الذى يتكرر فى ملاعب أفريقية وتكرر فى مباراة غانا ونيجيريا التى شهدت اقتحام الجماهير النيجيرية الغاضبة أرضية ملعب الاستاد الوطنى فى أبوجا بنيجيريا بعد إخفاق منتخب بلادها فى بلوغ نهائيات كأس العالم.. وسوف يظل الاتحاد الأفريقى نائما لا يتخذ قرارات رادعة لإيقاف تلك المهازل.. وأنصحه بمحاولة البحث عن حلول ولعله يسأل الاتحاد الأوروبى ماذا نفعل إزاء تلك الفوضى الأخلاقية والقانونية؟!
** كل ما سبق ليس جديدا.. لكنى أحاول على أساس أن التكرار قد يأتى بنتيجة.. ربما يأتى بنتيجة فى يوم ما من الأيام القادمة!.