بقلم - حسن المستكاوي
** هل جربت أنت أو مررت فعلا بخطأ فى العمل لا يمكن إصلاحه؟ تخيل أنك ستمر بمثل هذا اليوم، فى حضور آلاف الأشخاص حولك، وملايين غيرهم حول شاشات فضية يرون الخطأ الذى وقعت فيه مرة ومرتين وثلاث مرات. فكر فى شعورك عندما ترتكب خطأ ثم تعود إلى المنزل وتشاهد نفسك ترتكب نفس الخطأ مرة أخرى على شاشة التلفزيون.
** مهما كان رأيك فى الحكام ومساعديهم، ومهما كانت درجة غضبك لشعورك بأن الحكم أصدر قرارا ليس فى مصلحة فريقك، فإنه يتعين عليك الاعتراف بأنها مهمة صعبة جدا، ففى لحظة اتخاذ القرار يكون الحكم هو الإنسان الوحيد الذى لا يستطيع أن يقول: «لا أعرف». أو دعونى أفكر!
** مارك جوردون الصحفى فى مجلة بريطانية قرر أن يحصل على إجابات من أحد الحكام وكان يرغب فى معرفة ما يعنيه أن يكون حكما فى مباراة وتحدث إلى أحدهم. وهو كالوم سبنس أحد أفضل الحكام المساعدين فى اسكتلندا.
** يقول مساعد الحكم سبنس: «لقد لعبت كرة القدم على مستوى الناشئين حتى بلغت السادسة عشرة من عمرى، ثم انسحب الفريق الذى لعبت معه. ووجدت أنه بإمكانى ممارسة التحكيم كى أكسب بعض المال، ولم يكن لدى أى فكرة على الإطلاق عما كنت أقوم به أو إلى أين قد يؤدى ذلك. بدأت فى إدارة مباريات للناشئين تحت 13 عاما ومضيت فى طريقى حتى الفئات العمرية الأكبر سنا. وانتقلت إلى عالم الهواة ومنه إلى المحترفين. ولكننى وجدت بعد فترة أن أعمل مساعدا للحكم لأنه تخصص منفصل وفضلته عن دور حكم الوسط».
** عن صيحات الجماهير الغاضبة ونقد الإعلام العنيف، يقول سبنس: «كان الأمر صعبا جدا فى البداية، كنت أتألم. وكنت أخشى التعرض للإيذاء من بعض الجماهير. الأمر كان مخيفا، فأنا أسمع صوت الغضب حولى وخلفى. أسمع جدارا من الضوضاء والسباب. وكنت أتصور أن بعض هؤلاء سوف يهبط إلى الملعب ويهاجمنى. وبمرور الوقت والمباريات والتجارب أدركت أن الإساءة اللفظية والصراخ من المشجعين جزء من كرة القدم، ولا أرى أن ذلك سوف يتغير فى أى وقت قريب، لذلك نحن نواصل العمل. لكننى أعتقد أن الأمر يتجاوز الحد عندما تتحول الأمور إلى العنف، ويتحول الصراخ والغضب إلى اعتداء جسدى أو مادى بأى شكل من الأشكال».
** عن هذا الاحتمال يقول مساعد الحكم كالوم سبنس: «على الرغم من وجود مستوى أمان متزايد حول الملاعب والمدرجات حاليا، فلا يزال من الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة، ففى سبتمبر 2018، كنت مساعدا للحكم فى مباراة بين فريقى ليفينجستون ضد رينجرز، ورفعت الراية محتسبا ضربة مرمى، وفجأة شعرت بشىء ما أصابنى فى رأسى. عندما وضعت يدى على مؤخرة رأسى، أدركت أنها كانت تنزف. وكانت هذه هى المرة الوحيدة التى أواجه فيها أى نوع من الاعتداء الجسدى. وعلى الفور تلقيت علاجا طبيا. وكان الألم النفسى شديدا أكثر بكثير من الالم الجسدى. فلماذا هذا الاعتداء؟ هل يستحق الأمر؟».
** حكام المباريات فى اسكتلندا ليسوا محترفين بشكل كامل، ومعظمهم لديهم وظائف يومية بعيدا عن اللعبة. يعمل كالوم كضابط شرطة، وهو دور يكمل واجباته اليومية والعكس صحيح. الوظيفتان، التحكيم والعمل بالشرطة كلتاهما تتطلب منك اتخاذ قرارات سريعة فى المواقف الشديدة الضغط. هذا هو العنصر الرئيسى فى كلتا الوظيفتين ــ القدرة على الحفاظ على الهدوء.
** فى تاريخ كرة القدم أخطاء حكام لا تعد ولا تحصى. وأخطاء متكررة رغم كل أشكال التكنولوجيا من تقنية حكم الفيديو المساعد وكاميرات المرمى. وغيرها، لكن الحكم بشر ويخطئ. ومازال الكثير جدا من المشجعين يؤكد أنه لا يجب أن يقع فى أى خطأ مع أن هؤلاء يقعون فى أخطاء قد تكون كارثية فى أعمالهم ومن حسن حظهم فقط أن تلك الأخطاء تظل حبيسة الغرف المغلقة!