بقلم: حسن المستكاوي
** لا توجد حسابات ثابتة فى كرة القدم خاصة فى مستويات المنافسة العالية، ولم تعد من الثوابت فى اللعبة أن ينتصر صاحب التاريخ والريادة، وربما كان ذلك واردا فى مراحل البدايات، لكن مع انتشار كرة القدم واتصال المنتخبات بمدارس اللعبة المختلفة وبهجرات المواهب إلى الشمال حيث مدارس التدريب المختلفة والعالية، بدأت المسافات تتقارب بين الفرق وأصبح الأداء بعناصره وبمعايير كرة القدم الصعبة والجديدة هى الحكم غالبا.
** يواجه منتخب مصر اليوم منتخب الأفيال، كوت ديفوار، صاحب العرض القوى الذى قدمه أمام منتخب الجزائر وترتب على أداء الأفيال الإطاحة بحامل اللقب من دور المجموعات. ويوصف لقاء مصر وكوت ديفوار بأنه نهائى مبكر، وهو أيضا الوصف الذى أطلق على مباراة كوت ديفوار والجزائر. ولاشك قدم منتخب الأفيال مباراة قوية أمام الفريق الجزائرى أزال به بدايته المتواضعة فى البطولة بفوز هزيل 1 / صفر على غينيا الاستوائية ثم التعادل 2 / 2 مع سيراليون. ولا يمكن الاستناد على قوة العرض الأخير للأفيال أمام الجزائر أو على بدايتهم الضعيفة فى البطولة. تماما كما أن حجم النقد الذى وجه للمنتخب المصرى لا يعنى ضعف الفريق فى مواجهة اليوم. خاصة أنه من المفترض معالجة كيروش لأخطاء وقعت فى مباريات الفريق أمام نيجيريا وإثيوبيا والسودان. كذلك حتى الأرقام والإحصائيات السابقة بين الفريقين لا يمكن اعتبارها مؤشرا حاسما يرجح كفة فريق على الآخر ومنها فوز منتخب مصر فى آخر 3 مباريات رسمية. فالأرقام والإحصائيات مجرد ظلال خلفية فى الصورة والمهم هو الأداء الفعلى اليوم.
** تكمن قوة منتخب كوت ديفوار فى خطى وسطه وهجومه؛ حيث يتميز لاعبو الفريق بالسرعات والقوة الفطرية الأفريقية بجانب ارتفاع مستوى المهارات الفردية، ومن أبرز لاعبى الفريق سيباستيان هيلر، وفرانك كيسى، ونيكولا بيبى ولويس زاها.
** وليس هناك ما يضاف من «كتاب النصائح» للاعبى المنتخب الوطنى الذين نساندهم بكل قوة فى مباراة اليوم وفى كل مباراة، لكننا نذكرهم بقصص الشجاعة ومدى تأثير الجسارة والجرأة وارتفاع معدلات الجرى والقوة واللياقة والسرعات لمواجهة فريق مشحون بالنجوم.. فقط نذكر لاعبينا ونجومنا برواد القمر.. منتخب جزر القمر!.
** يعشق البشر الأبطال، ولو كانوا برسم سيناريو فى فيلم سينمائى، أو بخيال وبقلم كاتب قصة، لكن ترتفع درجة العشق والتقدير عندما تكون البطولة حية ومشهودة. ولذلك حظى منتخب جزر القمر بإعجاب والتفاف عالمى للشجاعة التى لعب بها الفريق أمام الكاميرون منظم البطولة. فكل الظروف وقفت ضد المنتخب الوافد الجديد لهذا الحدث الأفريقى الكبير. فقد غاب حراسه وآخرهم المصاب سليم بن بوينا واستعان الفريق بمدافعه شاكر الهدهور لاعب فريق أجاسيو الفرنسى. ثم طرد الحكم لاعبا بعد 7 دقائق من بداية المباراة، ليلعب منتخب القمر ناقصا بعشرة لاعبين وبدون حارس مرمى واقعيا. لكنه كان شجاعا فى جميع الأحوال.
** كرة القدم فريق، بمعنى أنه مجموعة تتكاتف وتتساند، وتملك أهم مهارات التحدى وهى الشجاعة والجسارة. لكنه ليس كافيا أن تملك شجاعة بدون مهارات وأبسط المهارات الفطرية هى السرعة واللياقة والقوة، وإرادة التحدى. وهكذا كتب منتخب القمر القصة الخيالية لرحلة منتخب الجزر التى ستصنع يومًا ما فيلمًا ملهمًا يشعرك بالسعادة، لفريق كرة قدم لعب بروح الفرسان وجسارتهم. فريق قادم من دولة يبلغ عدد سكانها أقل من مليون شخص يقع قبالة الساحل الشرقى للقارة، حقق شيئًا من المعجزة فى مجرد التأهل للنهائيات ثم الفوز على غانا فى واحدة من أهم مفاجآت بطولات الأمم الأفريقية.
** لعل قصة جامبيا وجزر القمر وغينيا الاستوائية تكون ملهمة للاعبينا فى جوهر اللعبة وهو الصراع بلا توقف حتى النهاية.