بقلم - حسن المستكاوي
** وصف رونالدو بأنه اللاعب الأعلى أجرا فى العالم يشبه وصف الممثل الأمريكى توم كروز بأنه الطيار المقاتل الأعلى أجرا فى العالم، قياسا على فيلمه TOP GUN
** ففى الفيلم يشتبك الطيار الممثل توم كروز عدة مرات مع مجموعة طائرات مقاتلة، ويفعل المستحيل، فى خيال المخرج والمؤلف فيسقطها، ضاربا بذلك قواعد الاشتباك التى لا يمكن أن تتكرر إلا فى حالات نادرة لا يمكن أن تتلامس فيها أجنحة الطائرات المقاتلة كما فى الفيلم. لكن صفقة كريستيانو مع النصر ضربت العديد من الارقام القياسية، إذ يقال إن العقد قيمته 200 مليون يورو سنويا أو 173 جنيها إسترلينيا فى العام ولمدة عامين ونصف العام، ويقال إن ترجمة ذلك هو أن رونالدو سوف يتقاضى 16666666 مليون يورو فى الشهر، و3846153 يورو فى الأسبوع، و547945 يورو فى اليوم و22831 يورو فى الساعة، و380 يورو فى الدقيقة و634 يورو فى الثانية. ويقال إن متابعى حسابات نادى النصر على إنستجرام وتويتر والفيس بوك وغيرها من الحسابات قفزت من مئات الألوف إلى مئات الملايين. وهو أمر متوقع لأن متابعى رونالدو يقتربون من رقم 800 مليون نسمة!
** إذا كان عقد رونالدو مع النصر فريدا، فإن رونالدو يقول: «أنا أيضا لاعب فريد». ويقول الصحفى البريطانى بارنى روناى فى الجارديان: «كان رونالدو فى يوم من الأيام لاعبا عظيما ومؤثرا، وأصبح الآن تجسيدا لجشع الإنسان ورمزا لتحول مقلق فى الرياضة». وربما أصاب انتقال رونالدو إلى نادى النصر الكثيرين بالدهشة، لاسيما وسائل الإعلام العالمية، حيث اعتبرت صحيفة الإيكيب الفرنسية هذا الانتقال بمثابة «خلل اقتصادى».
** أعتقد أن صفقة رونالدو مع النصر ما هى إلا جزء من مشروع متكامل فى المملكة، يتضمن الرياضة والفن والترفيه والمعارض والثقافة ثم السياحة التى تعد من أهم مصادر الدخل للدول. ويكفى أن يوصف الدورى السعودى بأنه الاقوى عربيا قبل انتقال رونالدو للنصر وبطبيعة الحال بعد انتقاله، بما يعكس اتجاها وهدفا حقيقيا، ففى الطريق العديد من النجوم المشاهير فى عالم اللعبة مثل هازارد، وربما ميسى مستقبلا. وهو اتجاه يختلف عن انتقال النجوم فى سبعينيات القرن الماضى إلى أمريكا، حيث لعب بيليه فى كوزموس نيويورك، وكذلك لعب شينجاليا وبيكنباور وغيرهما فى أندية أمريكية من أجل نشر لعبة كرة القدم. إلا أن الأمر هنا يختلف فى زمن أصبح فيه العالم مجرد قرية واحدة تتجه فيها الأنظار إلى حيث يقع الحدث، فقد تابعت صحف عالمية وقنوات تليفزيونية حفل استقبال رونالدو فى مرسول بارك وهذا لم يكن متاحا بنفس الدرجة إعلاميا فى سبعينيات القرن العشرين.
** رونالدو من اساطير كرة القدم، وسيظل من اساطيرها، وهو أيضا قصة مشجعة. هذا طفل فقير من خلفية قاسية غزا العالم من خلال الموهبة والعمل الجاد، الذى يجسد الرياضة على أنها مصنع الأحلام. حدد رونالدو مصيره بنفسه، وقام بإصلاح جسده، وإصلاح مظهره، وإصلاح مهاراته وإصلاح بدايته المكسورة فى الحياة، وسوف يظل قصة ملهمة مهما كانت وجهات نظر الغرب فى عملية انتقاله، فهذا الغرب لا يهضم مشروع الكرة السعودية، ولا يهضم فكرة الاستناد على ثروة البترول لصناعة ثورة اجتماعية وثروة إضافية لا تنضب بالزمن، وتتضمن صناعات الرياضة والفن والترفيه والسياحة ولو كان ذلك باستخدام نجوم مشاهير فى عالم الرياضة بصفة عامة، وفى مختلف اللعبات، واستخدام قوى ناعمة مصرية وعربية فى الفن والدراما والموسيقى والأدب والثقافة.
** رحلة رونالدو من الغرب إلى الشرق، تعامل معها الغرب على أنها عقد لاعب فى نهاية طريقة بالملاعب من أجل المال، وقد يكون ذلك حقيقيا بالنسبة لرونالدو لكنه ليس كذلك بالنسبة للنصر أو للكرة السعودية، فالرحلة هى جزء من مشروع سعودى واضح، سيمضى معه بالتوازى تنظيم أهم وأكبر البطولات الرياضية العالمية والقارية فى كرة القدم والتنس وألعاب القوى والملاكمة وسباق الفورميلا، وسباقات الخيول، بالإضافة إلى الحفلات الفنية والموسيقية والمعارض. إنه سباق الشرق الجديد نحو النهضة، وهو سباق مشروع ولو كان مدفوعا بثمن مبالغ فيه، ويبقى انتظار العائد الحقيقى بعد سنوات.