بقلم :حسن المستكاوي
** ترك الكثيرون الأهداف الثمانية، وتفوق الأهلى تكتيكيا على الزمالك من ضربة البداية، وأخذوا يفتشون عن أخطاء المدربين، موسيمانى وكارتيرون، كأنهم يفتشون عن كنز، كما قال قديما جدا الأديب والكاتب الرومانى شيشرون وهو يصف الباحثين عن الأخطاء مثل البحث عن كنز. وهؤلاء أفضل على الأقل من هؤلاء الذين اعتبروا فوز الأهلى حظا. وهو إخلال بأمرين: الأول عدم اعتراف بتفوق الآخر وبراعته، والثانى عدم الاعتراف بالتقصير التكتيكى وبنقاط الضعف فى أداء الفريق الذى خسر. وهكذا تقع هزائم وتنسب إلى الحظ، والطقس، والبرد والحر، ونقص الأكسجين، وسوء أرض الملعب، والمدرب طبعا!
** لعل هؤلاء وهؤلاء يتخيلون نفس المباراة بنفس أحداثها وأهدافها وشريطها وبنفس الأخطاء، ولكنها بين ليفربول وريال مدريد. فماذا سيكون رأيهم؟
** الإجابة: يا سلام على المتعة، والإثارة، والدراما. ثم إن الفريق الذى يدفع المنافس إلى الوقوع فى أخطاء هو الفريق الذى يمارس كرة القدم بجوهرها، ولكنه يكون مسلحا بتكتيك مدرب ذكى، وبلاعبين أصحاب مهارات جماعية، ومهارات فردية، ولذلك هو يستحق الفوز. أتحدث هنا عن الأهلى.
** سوف أضطر إلى وصف الموصوف. لعب موسيمانى بطريقة 3/ 4 / 3 وابتكر مهاما وأدوارا للاعبيه، بينما لم يقدم كارتيرون سوى عمل تقليدى دون ابتكار مركز أو واجب للاعب. وهذا فارق مهم فى المباراة وبين الفريقين..
** كان حمدى فتحى هو الليبرو واللاعب الثالث. لكنه لم يتقدم كما فعل مع الاسماعيلى، وإنما المفاجأة أن القادم من الخلف هما ديانج والسولية، والأول سجل هدفين بالتسديد من العمق، والثانى صنع هدفا بلعبة «رابونا» سوف تُعتمد كأجمل ألعاب هذا الموسم وبافتراض أننا يمكن أن نرى ألعابا فيها نفس القدر من المهارة والإبداع..
** تحرك معلول مهاجما كعادته لكنه فعل ذلك بتوازن، مع الاعتماد على تغطية أيمن أشرف لمواجهة زيزو. ولاحظ أن معلول لم يمارس دوره الهجومى التقليدى مع الاسماعيلى. ومنح موسيمانى حرية حركة نسبية لأكرم توفيق مع أنه كان مكلفا بالتصدى لجبهة بن شرقى، وفتوح. ولكن قوة الأهلى فى هذه المباراة أنه دافع بطريقة تيكى تاكا، فكان سبعة من لاعبين يشكلون مظلة دفاعية منظمة، بمسافات متقاربة، وعند استخلاص الكرة فإنهم يتبادلونها فى مساحات قصيرة، ثم يكون الهجوم بالطريقة الإيطالية، بكرات طولية سريعة. فى استغلال مثالى لمساحات خالية فى وسط الملعب ووسط الزمالك. الذى عجز عن تنظيم دفاعه فى مواجهة سرعة الأهلى فى نقل اللعب، وسرعة وبراعة المهارات الفردية فى الفر يق، ديانج، وأفشة، والسولية، ومعلول وأكرم. وهم المجموعة التى شكلت قاعدة المثلث الهجومى، المعزز بكل من محمدشريف وبيرسى تاو..
** على الرغم من تأخر الزمالك بثلاثة أهداف فى الشوط الأول، فإن الفريق لم يصب بالانهيار، ونجح فى تسجيل ثلاثة أهداف فى الشوط الثانى، بينما أحرز الأهلى هدفين إضافيين. ويعاب على موسيمانى أنه أخرج أفشة، وما دام أخرجه فكان عليه الدفع بأحمد عبدالقادر. وصحيح الشحات كان تغييرا هجوميا لكن المقصود هنا المركز والدور وليس اللاعب البديل. وقد خسر الأهلى هذا المركز، صانع اللعب. كذلك طاهر كان بعيدا ولكنه دفع به مكان شريف. وميكوسونى رغم سرعته فإنه حتى الآن يفقد السيطرة على الكرة. أما تغييرات كارتيرون فقد أثمرت، لكن سيف الجزيرى حركته فى منطقة دفاع المنافس أفضل وأسرع من عمر السعيد، خاصة فى مباراة يتوقع فيها تحييد الأهلى للجناحين زيزو وبن شرقى، فلا كرات عرضية وفيرة للسعيد..
** يبقى أن تقييم مستوى الأهلى قبل مباراة القمة بأنه «دون مستواه» بناء على مباراة البنك الأهلى، هو تقييم غير كامل لم يعتمد فيه الاسلوب الدفاعى الجيد للبنك الأهلى. والواقع أن الفارق بين مباريات الأهلى الثلاث هو: الاسماعيلى كان عايز يكسب ومش عارف. والبنك الأهلى لا يلعب على الفوز ويدافع وخسر بهدف، وأن الزمالك كان عايز يكسب، لكنه تعرض لفخ تكتيكى جماعى من موسيمانى، وأصابت مرماه ثلاث مهارات فردية مباشرة من لاعبى الأهلى، ديانج، والسولية، ومعلول.. فهم أسباب الأهداف الثلاثة التى قلبت كل الحسابات..