بقلم:حسن المستكاوي
** ننسى أحيانا أن هولندا تلعب كرة قدم جيدة، خاصة أنها تأهلت لهذا الدور بالمركز الثالث فى مجموعتها. ولكن فى مباراة ما، وفى لحظة ما، وفى يوم ما تخبرنا هولندا أنها تلعب كرة القدم الجيدة كما حدث فى مباراتها مع رومانيا فى ختام دور الستة عشر، ففازت بثلاثة أهداف نظيفة أمام فريق كان من المتوقع أن يتقدم خطوات فى هذه البطولة، وهو ما دفع الجماهير الرومانية إلى رفع لافتة قبل المباراة مباشرة تقول: «أعطوا كل شىء من أجل النهائى». نعم من واقع أداء الفريق الرومانى فى دور المجموعات راود أنصاره هذا الحلم: «اللعب فى النهائى».
لم يتوقع الرومانيون العودة إلى ديارهم، وكان للاعبى الفريق نفس الشعور، حتى إنهم بدأوا بشراسة أقرب للغضب، للفتك بالفريق الهولندى.
الذى قدم أفضل مبارياته فى البطولة من جميع النواحى، سواء هجوما أو دفاعا أو بوجود خط وسط متكامل يحدد اتجاهات اللعب عند امتلاك الفريق للكرة، ويسترد الكرة سريعا عندما يفقدها.
** فى ذاكرة جيلنا «الكرة الشاملة» التى قدمها منتخب هولندا فى كأس العالم 1974 ثم كأس العالم 1978، وفى البطولتين خسر الفريق لقبين كان يستحقهما بجدارة أمام ألمانيا ثم أمام الأرجنتين. وحين التقيت توءمى هولندا ويلى ورينى ديركيركوف عام 1980 سألتهما هل يمكن أن يلعب المنتخب بأسلوب الكرة الشاملة مرة أخرى؟ كانت الإجابة: «لا.. مستحيل بدون مستر كرويف». ولكننى ظللت أنتظر تكرار الكرة الشاملة، وثبت أن ذلك هو المستحيل مع تطور كرة القدم، وظهور تعقيدات دفاعية وهجومية لم تكن موجودة فى زمن الفريق الهولندى الرائع.
** كان الشوط الأول قد انتهى بتقدم هولندا بهدف سجله جاكبو فى الدقيقة 20، إلا أن دونيال مالين أضاف هدفين فى آخر 10 دقائق، ليجعل شكل الأداء الهولندى يليق بالنتيجة. رغم أن الأرقام أنصفت الفريق فهو امتلك الكرة بنسبة 65% مقابل 35% لرومانيا . لكن قام بـ 77 محاولة هجومية، مقابل 39 محاولة لرومانيا. نعم أحيانا كثيرة ترسم الأهداف فى نهايات المباريات صورة ذهنية لطيفة للفريق. ونجح منتخب هولندا ولم تسقط البرتقالة فى موسم البرتقال. لعلها نجت بقشرة اللون الأزرق، ونجحت بالتمركز الجيد، وبأداء الوسط الذى كان مفككا أمام النمسا فى المجموعة، وأضافت عودة سيمونز، إلى التشكيلة الأساسية للفريق وشكل تفاهما مع جاكبو الواثق والقوى وبالجرى والانطلاقات السريعة صنع الهولنديون المساحات، وبصناعة المساحات تصنع الاختيارات الهجومية لفريقك وتصنع الخطر ضد الفريق الآخر؟!
** تأهل إلى دور الثمانية المنتخبات الكبيرة. ألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا وهولندا، وإنجلترا، والبرتغال، وسويسرا، وتركيا. وقدم منتخب إسبانيا أعلى المستويات حتى الآن وتلاه منتخب ألمانيا. بينما لم تقدم منتخبات فرنسا وإنجلترا والبرتغال أفضل ما عندها إن كان هناك أفضل فى الكهف، وأعتقد أن دور الثمانية شهد فريقين مفاجأة وهما سويسرا وتركيا.
والأخيرة كانت مباراتها مع النمسا ملحمية حيث تقدمت تركيا مبكرا بهدف فى الدقيقة الأولى سجله مرياح ديمرال وأضاف الثانى فى الدقيقة 59 ثم سجل جريجوريتش هدف النمسا الوحيد فى الدقيقة 66. وكم كان مدهشا أن نرى 6 لاعبين من النمسا يندفعون إلى الهجوم منذ الطلقة الأولى فأصابت الفريق مبكرا رصاصة مرياح المتألق مع جولر، وكذلك مع حارس المرمى ميريت جونوك الذى تصدى فى الثانية الأخيرة لضربة رأس من باو مجانتر وقد ذكرنا هذا التصدى بثنائية بيليه وبانكس حارس مرمى إنجلترا فى كأس العالم 1970 بالمكسيك. وجاء تأهل تركيا لدور الثمانية متوافقا بشكل ما مع الترشيحات التى سبقت انطلاق البطولة. بينما كان نصيب 11 منتخبا من شرق أوروبا هو الخروج بخفى حنين، وبكثير من النضال. لكن النضال وحده لا يكفى.