بقلم :حسن المستكاوي
التعادل مع الجابون بجملة عشوائية لكنها قد تنقذ طريق الفريق فى التصفيات! النتائج هزيلة منذ 2019.. وأهدافنا قليلة.. وكرتنا بليدة وبطيئة.. ولا ندافع جيدا.. ولا نهاجم جيدا لم ننتظر ما جرى وحذرنا من مقولة «المهم النقط وليس الأداء».. ومن غياب المشروع.. ومن عدم الإعداد ومن فوضى إدارة كرة القدم! هناك فروق قوة ولياقة وسرعة بين لاعبينا وبين لاعبى أصغر منتخبات أفريقيا وأكبرها.. محمد صلاح أهم لاعب إفريقى حسب الفيفا.. وأحد أفضل 5 لاعبين فى العالم ولا يمكن أبدا أن يهزم فريقا وحده! أخشى أن يكون ما فهمته من سلوك مصطفى محمد حقيقيا.. وهو أمر يحسمه شهود سلوكه من جهاز المنتخب ماذا يفعل المدرب البرتغالى فينجادا؟.. هل ناقش البدرى فى عمله واختياراته وخطة إعداد المنتخب أم ماذا؟!
** الحقيقة أن هدف التعادل مع الجابون يمكن أن يعد هدف إنقاذ طريقنا فى تصفيات كأس العالم، بغض النظر عن سلوك مصطفى محمد صاحب الهدف، وهو أمر يكشفه جهاز الفريق وشهود سلوكه، الذى أخشى جدا أن يكون ما فهمته جزءا من الحقيقة المؤسفة غير المقبولة.. لكن الحقيقة تقول أيضا إن المنتخب تعادل مع الجابون بدعاء الوالدين. كم مرة سمعتم هذه الجملة، ومن كم سنة؟ كيف لا يتغير شىء أبدا فى مجال اللعبة الشعبية الأولى؟ ودليلى على أنه لا شىء يتغير مقالات قديمة وجديدة كتبتها، بها نفس النقد، وأذكر أن جمهور المنتخب المصرى تحديدا صاحب مفردات تاريخية فى تشجيعه من نوع: «يا ساتر.. يارب استر. الحمد لله جت سليمة». ولذلك تداولت الصحف، وهى وثيقة الزمن، أن المنتخب نشر أدوية السكر والضغط.. لو كان هذا كله مرتبطا بظرف أو بمرحلة، أو بجيل لاعبين، أو بمدرب، لقلنا بسيطة وتعدى، لكن أن يظل هذا هو حالنا باستثناء الفوز بثلاث بطولات إفريقية 2006، 2008، 2010، فهو أمر لا يغتفر من كل من تولى مسئولية إدارة اللعبة قبل 2006 بسنوات وبعد 2010 حتى اليوم؟
** نتائج المنتخب هزيلة للغاية منذ عام 2019 فى 9 مباريات خاضها الفريق فى تصفيات الأمم الأفريقية وتصفيات كأس العالم ومباراة ودية مع بوتسوانا. ومعظم النتائج الفوز بهدف أو التعادل 1/1. باستثناء الفوز على توجو 3/1، والفوز على جزر القمر 4/صفر.
** لم أنتظر يوما مثل هذا الموقف، أو مثل هذا الأداء، ففى يوم السبت 27 مارس الماضى تساءلت هنا: ماذا فى كوب المنتخب؟ تعليقا على الذين أشادوا فرحا بتعادل الفريق مع كينيا وتأهله لنهائيات الأمم الأفريقية، وانتقدت أداء المنتخب وأكدت رفضى لمقولة المهم التأهل وليس الأداء، فى تصدير بليد للعبة لا نلعبها بجد. خاصة هؤلاء الذين قالوا: «انظروا لنصف الكوب الممتلئ فقد حقق المنتخب الهدف وتأهل للنهائيات»!
** منذ بدأت ممارسة مهنة الصحافة لم أنتظر يوما مثل هذا الأداء ومثل تلك النتائج لأفتح «شراعة» النقد والتحذير، ومنذ فترة، وفى 18 مايو 2021 وتحت عنوان: «خطط إعداد المنتخب.. هل هناك خطة؟»، انتقدت هنا هذا الفارق الواسع بين الهرولة لترتيب مباراة ودية وبين إعداد برنامج احتكاك للمنتخب بغض النظر عن الاستعداد لبطولة أو لمباراة. وقبل ذلك فى يوم 3 مايو قارنت بين موقف منتخب مصر وبين المشروع الجزائرى وكيف أن منتخب الجزائر للمحليين يقوده مجيد بوقرة، سيشارك فى كأس العرب مدعما بالمحترفين فى دول عربية بينما يستعد منتخب الجزائر الأول بقيادة جمال بلماضى للتصفيات المؤهلة للمونديال ببرنامج احتكاك كبير، كما أنه سوف يخوض نهائيات الأمم الأفريقية ولن يستهلك فى كاس العرب حسب ما أعلن.
** يوم السبت 21 أغسطس حذرت هنا من تضارب مشاركة الأهلى فى كأس العالم للأندية، وبين مشاركة المنتخب فى كأس العرب العاشرة وكلاهما فى ديسمبر القادم. ولم يصدر أى تعليق من أى مسئول. وربما كما جرت العادة، هم ينتظرون حافة الهاوية، قبل البطولتين بيومين، لبحث الأمر عن طريق طرحه فى الإعلام لجس النبض ثم اتخاذ القرار!
** كل المقالات موجودة على موقع الشروق الإلكترونى تشهد علينا، فأسهل نقد يكون بعد سوء النتائج وأصعبه يكون قبل وقوع الخطأ والأخطاء، بدافع مشاعر الانتماء لمنتخب يمثل مصر، وبدافع واجب المهنة وضميرنا المهنى.. وأضطر مرة أخرى إلى الإشارة لأمر عدم اشتراكنا فى تصدير الوهم للجمهور. وعدم الاشتراك فى تصدير شعارات تبدو مثل كلمات العزاء، لعل الرأى العام يهضمها، ونفعل ذلك بمنتهى الحرص على عدم الإساءة لأحد.. لكن الآن فاض الكيل!
** الحقيقة..
لاعبو المنتخب يقاتلون. لكن القتال لا يكفى. والقتال يعنى أنه لا يلعبون. ونحن فى لعبة، ولسنا فى ميدان حرب. هناك فروق فى اللياقة والقوة بين لاعبينا وبين اللاعبين الأفارقة، فى أصغر المنتخبات، وأكبرها.
** كرتنا بليدة. بطيئة. لا توجد خطة. ولا يوجد برنامج إعداد. ولا يوجد تنظيم جيد. ولا توجد إدارة جيدة للنشاط وللصناعة. وعلى الجميع التوقف عن ترديد أكذوبة المهم النقط وليس الأداء، لأن الأداء القوى والجيد يؤدى إلى الفوز غالبا وتلك هى قاعدة الفرق القوية فى كرة القدم..
** ليس صحيحا أن المنتخب أهم من الأندية. فالكرة المصرية تعريفها الواضح أنها المسابقات المحلية المنتظمة بمختلف الدرجات، وهى دورى المحترفين، ورابطة منتخبه من أندية الممتاز لإدارة أهم مسابقات الصناعة، لتدافع عن مصلحة الأندية، وهو أمر ليس له علاقة بجمعية عمومية تنتخب، بطريقة: «صوتنا لمن يزورنا فى دارنا». والكرة المصرية هى الملاعب. والمدربون وخبراتهم. والتحكيم، والناشئين، وانتظام المسابقات، والجمهور. والنقل التليفزيونى والبرامج الإعلامية. وهى المنتخب أيضا بالطبع. لكنها ليست المنتخب وحده..
** الذين يتحدثون عن دور محمد صلاح فى مباراة الجابون، سبق أن شرحنا وقلنا إن صلاح يتألق مع ليفربول ويعد من أهم وأفضل خمسة لاعبين فى العالم، وأهم لاعب فى أفريقيا بسبب المساندة الجماعية فى ظهره. ودللنا على ذلك بميسى فى أوج مجده ببرشلونة وميسى نفسه مع المنتخب الأرجنتين الذى يعرف بأنه فريق فوضى.. فصلاح لن يرتدى 11 قميصا للمنتخب.
** فى مباراتى أنجولا والجابون يتراجع لاعبونا إلى خط الـ 18، ولا يضغطون معظم الوقت والهدف الوحيد للجابون جاء لعدم الضغط والمقابلة للمنافس مبكرا. ناهيكم عن الاختيارات والتشكيل وسوء الأداء الجماعى الهجومى والدفاعى. فكيف يسجل فريق الأهداف دون جمل تكتيكية، ودون سرعة نقل الكرة، ودون زيادة عددية، ودون تقارب الخطوط والمسافات، ودون مغامرة وجرأة، ودون ضغط حقيقى، ودون استحواذ إيجابى وليس كما فعلنا فى لحظات امتلاك الكرة أمام الجابون حيث كنا نعود بها للخلف ولا نندفع بها إلى الأمام!
** هناك إجهاد للاعبين من موسم طويل كله توتر وغضب مما زاد من سوء الحالة البدنية. وكنا اقترحنا اللعب واستكمال المسابقة بدون الدوليين فرفضت الأندية، وربما معها حق بمعايير الاحتراف. لكن فى الحالات والمواسم الاسثتنائية لابد من تضحية الجميع، وتعاون الجميع، واقترحنا أن تستغنى الأندية عن 50 % من لاعبيها اللاعبين الدوليين من أجل المنتخب لفترة محددة. ولم ينصت ناد واحد.
** التخلى عن اللاعبين الدوليين حالة وقتية ولظرف طارئ لكن لو هناك موسم منتظم وبرنامج محدد للمنتخب سيكون ممكنا حدوث التوافق بين حقوق الأندية وحق الفريق الوطنى. إلا أن هذا مازال خيالا علميا!
** أسهل شىء هو المطالبة بإقالة الجهاز. وأسهل شىء هو عدم تقييم أداء الجهاز داخل اتحاد الكرة تقييما علميا لا يخضع لضغوط الرأى العام. لكن السؤال المهم: ماذا يفعل فينجادا منذ حضوره؟ هل فعل شيئا؟ هل ناقش البدرى أم أنه المدرب الاحتياطى لحسام البدرى؟!
** لو كانت الإجابة أنه لم يفعل شيئا ولم يناقش البدرى. فهذه فوضى. وإذا كانت الإجابة على السؤال بأنه المدرب الاحتياطى لحسام البدرى، فتلك كارثة إدارية، وفوضى أكبر.. والحصيلة أننا عدنا للمرة المائة إلى «حسبة برما.. ومباراة عنق الزجاجة»!