بقلم: حسن المستكاوي
** الطائرة المتجهة إلى الدوحة تقف الآن على ممر الإقلاع، والكابتن والطاقم يمارسان الإجراءات المتبعة قبل التحرك، بمراجعة أجهزة الطائرة، وحركة الفلابس، ووحدة الطاقة المساعدة، وكل ما يتعلق بسلامة الطيران، ثم تضىء علامة ربط الأحزمة، استعدادا للتحليق.
** نحن ربطنا الأحزمة والأسئلة توقفت.. وما فائدة الأسئلة بينما الطائرة بدأت تحلق فى الأجواء؟
** بعد 18 مباراة مع كيروش، أصبح واضحا أنه يعتمد على الخبرات التى خاضت المباريات الصعبة، وعلى فهمه لطبيعة المباريات الأفريقية والدولية واختلافها عن المباريات المحلية، وكيف أن معدلات الجرى دوليا أكبر بكثير، وأن قوة الاشتباك والالتحام والاستخلاص ضرورة حتمية.
** هناك فارق بين نهائى الأمم الأفريقية بين مصر والسنغال التى انتهت بفوز أسود التيرانجا 4/2 بركلات الجزاء الترجيحية، وبين مباراة الليلة. ففى النهائى كان الحسم بفرصة واحدة هى المباراة، بينما الحسم هذه المرة بفرصتين على شوطين. والمسألة ليست كيف يلعب المنتخب هنا وكيف يلعب فى داكار يوم الثلاثاء؟ وإنما نتيجة الليلة ترتبط بأسلوب الأداء هناك.. فمنتخب السنغال يتميز بقدراته الهجومية، كما فعل فى المباراة النهائية لكأس الأمم، فقلب الدفاع خليلو كوليبالى كان يتحرك إلى ملعب منتخب مصر، وساليو سيس الظهير الأيسر كان جناحا محلقا ومساندا لجبهة ساديو مانى. والأمر نفسه بالنسبة للظهير الأيمن بونا سار.. فهل يؤدى منتخب السنغال بخطوطه كلها بهذا الطابع الهجومى أم يلعب بتحفظ قليلا تاركا الحسم لمباراة داكار؟
** التحفظ الدفاعى له درجات ومراحل، ولا يمكن أن يلعب منتخب السنغال فى القاهرة كما تلعب منتخبات الشمال الأفريقى فى القاهرة. فعندما يمتلك فريق أوراقا مميزة فإنه سوف يسعى لاستغلالها.
** أصل بذلك إلى الجزء الأهم. فاللعب باستاد القاهرة لا يعنى هجوما مطلقا ومباراة مفتوحة بلا تحفظ بالنسبة لمنتخب مصر. فبقدر أهمية تسجيل أهداف، يجب الدفاع عن المرمى لحرمان السنغال من إصابة أى هدف. وهذا يعنى أن كيروش سيلعب فى الأغلب بطريقة 4/3/3.. وبتشكيل متوقع يحقق الهدف الذى يرغب فيه: الشناوى لحراسة المرمى. وفتوح وعمر كمال ظهيرين. وعبدالمنعم والونش قلبى دفاع. وفى الوسط الننى والسولية وفتحى، وفى الهجوم صلاح ومصطفى محمد ومرموش. وهناك احتمال محدود للمفاجآت.
** فى حوار ممتع بين تيرى هنرى وبين جوارديولا، قال المدرب الإسبانى الشهير إن المتعة هى الفوز، وأنه لا ينظر إلى أسلوب اللعب الذى يتبعه على أنه «بهدف تصدير المتعة» للجمهور، وإنما هو أسلوب بهدف الفوز، والفوز يصدر المتعة للجمهور. وبقراءة هذا النص جيدا، تظهر أهمية الأسلوب الذى يلعب به كيروش، فهو يختلف عن أسلوب منتخب السنغال بالتأكيد، لكن المهم كيف يحقق الفوز؟ فلا يمكن تحقيق انتصار فى مباراة بدون هجوم.. والمهم هنا هو شكل الهجوم وكيفية تطبيقه فى ظل عبء سرعة بناء الموقف الدفاعى عند فقد الفريق للكرة؟
** فيما يتعلق بالموقف الدفاعى، فإنه يبدأ من لحظة امتلاك المنافس للكرة، وأهم شىء هو قيام كل لاعب بالفريق بواجبه الدفاعى، فلا يصلح أبدا أن يتحرك لاعب بالمنتخب إلى مساحة دفاعية دون استخلاص جاد وحاسم، لأن ذلك قد يؤدى إلى تحرك زميله إلى مساحة أخرى لتغطيتها، فتكون النتيجة اتساع المساحات أمام الفريق المنافس.. نعم لقد سقطت من زمن جملة خط دفاع قوى أو ضعيف وأصبحت تنظيما دفاعيا قويا لفريق أو غير قوى للفريق.
** كرة القدم كلها تفاصيل وتفاصيل وتفاصيل.. وكل التوفيق للمنتخب فى رحلة الـ 180 دقيقة.