بقلم :حسن المستكاوي
** عندما توج الرباع السيد نصير بذهبية فى دورة أمستردام الأولمبية عام 1928 كتب أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة تكريما للبطل الأولمبى، وقال فيها:
إن الذى خلق الحديد وبأسه جعل الحديد بساعديك ذليلا
لم لايلين لك الحديد ولم تزل تتلو عليه وتقرأ التنزيلا
قل يا نصير وأنت بر صادق أحملت إنسانا عليك ثقيلا
وللقصيدة بقية.. لكن الزمن لم يكن يسمح سوى بهذا التكريم الجميل للاعب مصرى حقق بطولة أولمبية!
** تكريم الأبطال من الرؤساء، وقد منح الرئيس جمال عبدالناصر بعض نجوم الرياضة وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1968، ومنح الرئيس السادات أبطال ونجوم الدورات العربية والإفريقية، أوسمة الرياضة، وكذلك فعل الرئيس مبارك. وقد سبق أن أطلقت محافظة القاهرة أسماء أبطال والشخصيات الرياضية على بعض الشوارع مثل فريد سميكة، وحسين حجازى، وقد أضاف الرئيس عبدالفتاح السيسى تكريما خاصا على الأبطال، باستقبالهم وتهنئتهم، وكذلك بالحديث عنهم ومعهم، وبإطلاق أسماء هؤلاء الأبطال على بعض كبارى القاهرة.
** تكريم الرئيس وتكريم الرؤساء للأبطال له معنى واضح، وهو تحية كل من يرفع علم مصر. وفى هذا التكريم تقدير عميق للبطولة ومشاق الفوز بها، بجانب تأثير تلك البطولة والميداليات على المشاعر الوطنية للمصريين، وهو أمر معروف عن تأثير الانتصارات الرياضية على الشعوب، وكيف أنها تمثل كبرياء الأمم. فدموع الأبطال التى تنساب لحظات النشيد الوطنى مع احتضانهم للعلم ظاهرة عالمية. لكن المهم أن هذا التكريم يشجع صناع البطولة فى كل مجال. فكلما تنوع أبطال مجتمع وزاد عددهم، تقدمت الدول ونهضت. والبطولة هى هذا الجندى والضابط البطل الذى يحمل السلاح دفاعا عنك وعن تراب بلده، وهى هذا الرياضى وهذا الفنان وهذا الطبيب، وهذا المهندس وهذا العامل الذى يعمل الساعات فى البناء والتعمير فى مئات المشروعات..
** من تكريم الرئيس لأبطال الرياضة علينا أن نبنى من أجل الرياضة، فكيف نصنع القاعدة ونوسعها ببناء الأندية وبتشجيع القطاع الخاص على إنشاء وتأسيس شركات للأندية، مع توفير الأرض والمرافق، وهو ما يفرض تدخل الدولة فى بعض الأحيان فى تحديد أسعار الاشتراكات لتشجيع الأسر المصرية على توجيه الأبناء لممارسة الأنشطة الرياضية، وبجانب ذلك يمكن وضع منح دراسية حقيقية مجانية فى الجامعات الأهلية وفقا لضوابط خاصة، وإضافة درجات فى بعض سنوات الشهادات الدراسية.
** أذكر هنا أن كثيرا من الأبطال الأولمبيين المصريين يدرسون فى أكبر جامعات أمريكا والعالم، وكثير من هؤلاء الأبطال حققوا المعادلة الصعبة وهى الجمع بين ممارسة الرياضة على مستوى البطولة العالمية وبين الدراسة. وقد نشرموقع بى بى سى البريطانى تقريرا عن لاعبات عالمات فى دورة طوكيو الأولمبية وكان منهم المصرية هادية حسنى التى شاركت فى منافسات كرة الريشة، فهى استاذة مساعدة فى الجامعة البريطانية، وحاصلة على ماجستير فى الطب الحيوى من جامعة باث فى بريطانيا وشهادة دكتوراه فى علم الأدوية من جامعة القاهرة وأجرت حسنى بحوثا ونشرت مقالات علمية فى دوريات طبية، بجانب أنها نائبة فى البرلمان المصرى أيضا..
** لقد سقطت منذ زمن بعيد نظرية تقسيم البشر إلى إسبرطيين يفكرون بعضلاتهم، وإلى أثينيين يمثلون أهل العقل والفكر والفلسفة. كما سقطت من زمن أيضا مقولة أن العقل السليم فى الجسم السليم.. فعقلاء البشرية والمخترعون وأكبر الفلاسفة والحكماء لم يمارسوا الرياضة ولم يعرفوها.. بينما لعب ومارس الرياضة نجوم وابطال وأطباء وصيادلة وأساتذة فى جامعات..