بقلم: حسن المستكاوي
** الألعاب الأوليمبية هى أكبر حركة سلام عرفتها البشرية. فألعاب الإغريق كانت هدنة من الحرب، والألعاب الحديثة جمعت البشرية تحت مظلة المنافسة الشريفة والأخوة والصداقة والسلام. وهكذا كان عنوان حفل ختام دورة بكين الأوليمبية الشتوية «عالم واحد، عائلة واحدة». وكان حفلا جميلا ورائعا، لكن فى خلفية الدورة كانت هناك جائحة كورونا تثير المخاوف، ومشكلة حقوق الإنسان التى ترتب عليها مقاطعة دول للصين، وفى مقدمتها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وأستراليا، وكندا، حيث أعلنت هذه الدول أنها لن ترسل ممثلين حكوميين إلى الألعاب بسبب سجل الصين فى مجال حقوق الإنسان، حيث اتهمت الولايات المتحدة الصين بارتكاب إبادة جماعية فى قمعها للأويجور وغيرهم من الأقليات المسلمة فى منطقة شينجيانج. فيما نفت الصين جميع ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وقالت إن شبكة معسكرات الاعتقال فى شينجيانج مخصصة لـ«إعادة تثقيف» الأويجور وغيرهم من المسلمين!
** تذكروا نحن فى عالم واحد وعائلة واحدة. وقد توترت العلاقات أيضا بسبب قمع الحريات السياسية فى هونج كونج والمخاوف بشأن لاعبة التنس الصينية بينج شواى التى لم تظهر لأسابيع بعد أن اتهمت مسئولا حكوميا كبيرا بالاعتداء عليها، وفى الوقت نفسه أعلن رئيس وزراء تايلاند سو تسينج تشانج بمعاقبة المتزلجة الأوليمبية التايوانية هوانج يو تينج، على سلوكها «غير اللائق» بعدما ارتدت زيا خاصا بالمنتخب الصينى خلال تدريبات وقيامها بنشر مقطع فيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعى.. وردت هوانج بحذف الفيديو. وكتبت: «الرياضة رياضة، وفى عالم الرياضة، لا نفرّق بين الجنسيات. وبعد الألعاب، نكون كلنا أصدقاء».
** تذكروا نحن فى عالم واحد وعائلة واحدة، وقد خيمت فوق شرق أوروبا سحب الحرب بين روسيا وبين أوكرانيا التى يقف فى ظهرها حلف الناتو دافعا أو متواريا، لأسباب سياسية وتجارية واقتصادية، وأطل شبح القنابل النووية المخيف، فيما بدا أنه تحذير روسى أو رد متأخر جاء بعد قرابة 60 عاما على أزمة الصواريخ الكوبية وما كان بينها من أزمات، والتحذير يشير إلى أن روسيا يمكنها الذهاب إلى أبعد مدى، ولو ترتب على المدى تدمير البشرية وكوكبها!
** بغض النظر هل تندلع الحرب كما تقول أمريكا أو لا تندلع كما تدعى روسيا، فإننا أمام مباراة بين القوى العظمى، ليست مباراة كرة قدم يشد فيها الفائز على يد المهزوم والعكس، ولا هى دورة أوليمبية تتنافس فيها شعوب العالم بسلام ومحبة وأخوة. إنما هى حرب حارة قد تشتعل أو حرب باردة تعود بالعالم الواحد والعائلة الواحدة إلى زمن التأهب والتأهب المضاد، وزمن التوتر والتوتر المضاد، وهو ما يذكرنا بالمباريات المثيرة حيث تشهد هجمة وهجمة مضادة. لكن ما يجرى بين روسيا والغرب ليس لعبة، وإنما هى حرب قد تبدأ بقرار ولا يمكن أن تنتهى بدون دمار ولن يفيد فيها القرار!
** عالم واحد وعائلة واحدة حقا أم مجرد شعار فى ملعب أطلقته الصين فى استاد «عش النسر» مثل شعارات كثيرة ظللت أحداثا رياضية عظيمة، ومع ذلك أفسدتها السياسة والحروب والمقاطعات وحكايات حقوق الإنسان.. ليبقى السؤال: وماذا عن حرب مدمرة إذا اندلعت سوف تقتل كل حقوق الإنسان؟!
** تذكروا عالم واحد، عائلة واحدة..( هأ.. هأ.. هأ )!