بقلم - حسن المستكاوي
** هناك بصيص أمل للأهلى فى الاستمرار بالبطولة الأفريقية، بصيص أمل مثل ضوء شمعة فى كهف معتم. والأمل مربوط بنتيجة مباراة صن داونز والهلال أولا، بحيث يفوز صن داونز، ويفوز الأهلى فى مباراتيه الأخيرتين مع القطن والهلال. والفرصة الأخرى أن يتعادل صن داونز والهلال، على أن يفوز الأهلى على الهلال بفارق أكثر من هدف. ومع ذلك لا يجب نسيان ما جرى فى بريتوريا وقبله ما جرى فى ملعب السلام، لأن المقصود بتاج أفريقيا الأحمر هو ألقاب الأهلى القارية القياسية وتفوقه الحاكم منذ سنوات، ولعلى أضيف تفوقه العربى أيضا.
** لقد انتهت مباراة العودة بفوز صن داونز بخمسة أهداف مقابل هدفين للأهلى، ودارت عجلة الأسباب والمبررات، وتخللها الهجوم العنيف على الفريق وعلى لاعبيه، باعتبار أن دروس التاريخ تقول: «ويل للمهزوم». ومن ضمن المبررات نقص الأكسجين لأن بريتوريا رفع عن سطح البحر 1370 مترا. وقيل إن السبب هو اللعب ظهرا. وقيل أيضا إنه الإرهاق لأن الأهلى لعب مباراة المقاولون ثم سافر إلى جنوب أفريقيا للعب مباراته الرسمية أمام صن داونز.
** صحيح أن اللعب ظهرا مجهد، وأن الأهلى مرهق. إلا أن تلك ليست أسبابا مباشرة للخسارة، فالحقيقة أن الفريق الأفضل فاز واستحق هذا الفوز بجدارة. وأن لاعبى صن داونز أسرع، وأكثر خفة ورشاقة ومرونة، وأصحاب مهارات، ويلعبون بتلك المهارات، وليس بأجساد قوية محشودة بالعضلات. وأضف إلى ذلك أن الأهلى سبق وواجه على ملعبه صن داونز فى السادسة مساء، بعيدا عن عيون الشمس، وقدم الفريق الجنوب إفريقى عرضا قويا وممتعا وتعادل مع الأهلى على ملعبه بهدفين لكل منهما. كما أن تلك المباراة كانت قبل أن يلعب الأهلى مباراته مع المقاولون العرب. ولذلك ليست هذه المباراة سببا مباشرا، وإن كان إجهاد لاعبى الأهلى عاما يرجع إلى التحام المواسم والاشتباك فى عدة بطولات. وهناك اتفاق واضح بين الرابطة وبين الأندية على جدول الدورى والمباريات الأفريقية وفارق الايام بين الإثنين.
** الأهلى صاحب الرصيد الأكبر من البطولات الإجمالية بين الأندية المصرية والعربية والأفريقية، وثانى أندية العالم بعد ريال مدريد فوزا ببطولات قارية. وتلك الهزيمة ناقوس خطر وجرس إنذار لإصلاح ما أصاب الفريق. ولن يكون هناك إصلاح سوى بدراسة مباراتى صن داونز والنظر بعمق لأسباب تفوق الفريق الجنوب الإفريقى، فالمسألة ليست بخطأ لاعب واحد أو لاعبين، ولا بأخطاء خط الدفاع، ولكنه الفارق بين فريقين وبين لاعبى الفريقين، وأخطاء جماعية يشارك بها كل لاعبى الأهلى. فعندما يستلم أى لاعب من صن داونز الكرة فإنه يضع لاعب الأهلى فى ظهره، لتبدأ عملية مطاردة متكررة فى الملعب، والسبب هو فارق السرعات. وقد حدث ذلك فى المباراة الأولى وتكرر فى المباراة الثانية. وهذا لأوضح أن السبب المباشر ليس اللعب ظهرا، حتى لو أثر ذلك نسبيا.
** أثر على أداء الأهلى بشكل مباشر وبجانب فروق القدرات والمهارات والسرعات، الهدف المبكر الذى سجله مارسيلو برافو فى الدقيقة الرابعة، ومع ذلك تعادل الأهلى سريعا عن طريق محمد شريف فى الدقيقة 13، ثم سجل ثيمبا زوانى الهدف الثانى لصن داونز فى الدقيقة 24 قبل أن يسجل توبهو موكوينا الهدف الثالث فى الدقيقة 40 والقاتل الذى أصاب لاعبى الأهلى باليأس والإحباط.
بعد المباراة وفى المؤتمر الصحفى اعترف مارسيل كولر بقوة صن داونز وبأحقيته فى الفوز: «صن داونز يستحق الفوز خاصة أنه كان الأفضل فى الشوط الأول وقد أجرينا بعض التعديلات فى الشوط الثانى وتحسن الأداء وتمكنا من تقليص الفارق ولكن صن داونز استغل الهجمات المرتدة ليحقق الفوز 5/2». وهى شهادة منطقية من مدرب الأهلى الذى يتحمل مسئولية عدم خوض المباراة بتكتيك يحيد من مهارات وسرعات لاعبى صن داونز. وسوف يظن البعض أن ذلك تنظير سهل، لكنه ليس كذلك بالدليل، وهو خوض الأهلى لمباراتين تحت قيادة موسيمانى أمام صن داونز، فواز فى القاهرة 2/صفر وفى مباراة العودة كان موسيمانى (مدرب صن داونز سابقا) يعلم بقدرات الفريق، ولذلك لعب فى جنوب أفريقيا بطريقة وبتكتيك أجهد صن داونز، وكنت أشدت بأداء الأهلى فى تلك المباراة فى حينه، حيث لعب موسيمانى بأربعة مدافعين ووضع أمامهم رامى ربيعة للتغطية الدفاعية العرضية، وحين لعب بعد ذلك مع الترجى فى القاهرة، استبدل ربيعة بحمدى فتحى لدوره الهجومى قادما من الخلف..
** ليست تلك مقارنة بين المدربين ولكنها مقارنة بين مواجهتين نجح فيهما موسيمانى ولم ينجح كولر بينما نجح السويسرى كولر فى مواجهات لم ينجح بها الجنوب إفريقى موسيمانى، والحقيقة أن الأهلى فريق يتفوق محليا، لكن تاجه الإفريقى مهدد بالفعل خاصة مع ظهور فرق الشمال الإفريقى كقوى منافسة بجانب بعض فرق القارة الأخرى على قلتها. ولأنه ناد يملك إمكانات مادية وقاعدة جماهيرية ضخمة، تمنحه القوة والإرادة، فإنه حان الوقت لأن يتحول الأهلى إلى فريق إقليمى عربيا وقاريا، وهو كذلك منذ زمن، إلا أن الزمن اختلف وتغير الآن، وهذا التحول يكون بصفقات إفريقية كبيرة وقوية، تملك مهارات كرة القدم الآن. فمن المدهش أن أندية مصرية عززت صفوفها بصفقات إفريقية مميزة، وأفضل من صفقات الأهلى المستوردة والمختلفة ففى البطولات والمواجهات فى المستويات العالية، لا يملك الفريق رفاهية إضاعة الفرص، ولا يجب أن يكون أبطأ، ولا يجب أن تكون لياقته ورشاقته أقل من خصومه. وعليه اختيار لاعبين يملكون عقلية المحترفين، فى حياتهم، وفى لمساتهم بالملعب..
** أعلم أن الأهلى شأن الفرق الكبرى يشارك فى كل البطولات وهدفه الفوز بكل بطولة. لكن على إدارة الكرة وضع إستراتيجية وترتيب الأولويات، وسبق وأشرت إلى ضرورة وضع أولويات فى الأهلى والزمالك حسب أهمية البطولات سواء أدبيا ومعنويا أو سواء ماليا واقتصاديا. شأن كل الفرق الكبيرة..