بقلم : حسن المستكاوي
** عالجت صحف بريطانية وعالمية ظاهرة السباق بين زمن السوشيال ميديا والإعلام الورقى. فجمعت بين الأخبار على مواقعها الإلكترونية بتسجيل أزمان الأخبار بالدقيقة والثانية وتركت صفحاتها الورقية للقصص الخبرية، والتحليل والاهتمام بأوجه الحياة المختلفة من صحة وجمال ورشاقة وسياحة وكذلك بالتحقيقات الخاصة التى يبذل فيها المحررون جهودا كبيرة بالسفر وبالوقت وبالبحث والإبداع فى اللغة والصياغة والعناوين. ويمكن أن ترى صورة تحتل الصفحة الأولى فى جريدة بريطانية لملعب إسكواش بخلفية أهرامات الجيزة ، ويمكن أن ترى صورة بالصفحة الأولى بالكامل لمقبرة أثرية تهدم، ويمكن أن ترى صورة بالصفحة الأولى بالكامل لرجل فى شرق أسيا يضع كلبا حيا فى إناء به ماء يغلى ليأكله فيما بعد مع مانشيت رئيسى يقول: «جريمة ضد الحياة والإنسانية». وفى الداخل ستجد تحقيقات موسعة لكل قصة!
** الإبداع والابتكار والتفاصيل التى تراها عين الصحفى هزمت كادر كاميرا التليفزيون، وبوست منصة X والفيس بوك، وغيرهما من مايسمى بالإعلام البديل، وهى تسمية غير دقيقة. لأن الإعلام بتعريفه الأعمق يقترن بالتحليل وبالأسئلة الإعلامية الخمسة التى درسها كل إعلامى، مثل متى ومن ولماذا وكيف وأين؟ وأضف إلى ذلك هناك مسئولية وموهبة وثقافة، وإبداع وابتكار وأسلوب، وجودة الصياغة فى الإعلام الخاص بالصحف، وهى نفس مهارات الإعلام المشهود والمسموع ويضاف إليها القبول والكاريزما والصوت سواء فى إعلام التليفزيون أو الإذاعة .
** السوشيال ميديا ليست إعلاما بديلا . لكنها هزمت كل الإعلام بكل أنواعه لسبب بسيط وهو أن انتشارها بالمليارات، وهناك تقديرات تقول إن مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى فى العالم يقدر عددهم بخمسة مليارات شخص، أى ما يزيد على 60% من سكان العالم وفقا لحسابات شركة الاستشارات الرقمية «كيبيوس» وبات عدد مستخدمى الشبكات الاجتماعية يقترب من عدد مستخدمى الإنترنت البالغ 5.19 مليار شخص والذى يشكّل 64.5% من سكان العالم. وهؤلاء يمثلون قوة هائلة فى نقل الخبر والحدث بالكلمة والصوت والصورة وهذا جعل السوشيال ميديا أهم وأسرع وسيلة لنقل الاخبار. لكن السوشيال ميديا أيضا تمثل قوة هائلة كرأى عام ، يفرض تدخلا سلطويا لاتخاذ قرارات مهمة فى شتى المجالات، السياسة والفن والرياضة والأحداث والحوادث والجرائم وغيرها. وهو مايعنى أن السوشيال ميديا ليست كلها شيطانا إعلاميا، وهى كما أكدت أنها ليست إعلاما، ولكنها متفوقة على الإعلام التقليدى فى نقل الأخبار وتشكيل الرأى العام. بما يمثل السبق، وبما يفرض أحيانا قرارا على المسئول بقوة الضغط العام.. لكن تظل السوشيال ميديا ليست إعلاما ولا إعلانا بديلا.. لماذا؟
** الإعلام تحكمه ضوابط، والإعلامى تحكمه قواعد المهنة والضمير المهنى، ويفترض أن تحكمه الثقافة والموهبة والقدرة على التحليل وعلى تعريف الناس بما يجب أن يعرفون به ، وأن يكون صادقا وموضوعيا وأمينا وغير مغرض، وفاهم ومستوعب لما يتناوله، وقادر على الشرح والتفسير بجانب قدرته على استخدام التفاصيل الخافية عن عين الكاميرا وبوستات السوشيال ميديا فى نقل صورة أكبر وأصدق للحدث أو للخبر بينما مستخدم السوشيال ميديا لا يتحمل تلك المسئولية المهنية غالبا، ويملك سقفا للحرية بلا حدود، يجعله غاضبا ومسيئا أو سعيدا ومؤيدا ومغالطا ومخطئا أيضا فى قضايا وآراء، لأن رأيه فى معظم الأحيان وليس كلها بالطبع يكون انطباعيا. وهو فى النهاية ليس محكوما بأخلاقيات العمل الإعلامى بشكل عام .. لكن ماذا عن الإعلام الرياضى تحديدا؟!
أرجو أن تسمح الأحداث الرياضية المتلاحقة فى الإجابة عن هذا السؤال بإذن الله