بقلم - حسن المستكاوي
** ما هو سر ريال مدريد؟ كيف يجد هذا الفريق طريقه دائما؟ كيف يلعب أحيانا المختصر المفيد، مثل سلاح التلميذ؟. إنه ليس مانشستر سيتى مثلا الذى يبدأ وينتهى ممتلكا للكرة ، ويصنع المساحات، وهو يهاجم معظم الوقت. بينما يختلف الأمر بالنسبة لريال مدريد، فهو قد يبدأ مدافعا فى المباريات الكبرى والحاسمة، وفعل ذلك أمام السيتى وفعل ذلك أيضا أمام البايرن .دافع فى أول 15 دقيقة، وبينما لا تتوقع أن هناك أهدافا قادمة لريال مدريد تفاجأ، عندما يبدو لك أن الريال أقل عددا ومتراجعا، ولايشكل أى خطرو لا يوجد ما يدعو للخوف، وتشعر بالأمان، وبعد ذلك، تمر خمس أو 10 ثوانٍ، وفجأة تجد الكرة فى شبكتك. هذا هو ريال مدريد، وهكذا يجد طريقه دائما، وهكذا وجد التعادل على ملعب إليانز إرينا مع بايرن ميونيخ . وقد كانت نسبة الاستحواذ فى المباراة 50% لكل منهما، ويرى توخيل أن نسبة المرور للنهائى على ملعب بيرنابو أو ما يسمى بمعركة مدريد ستكون 50% لكل من الفريقين!
** لم يكن بيلنجهام فى أفضل حالاته ، بسبب الإجهاد ، وسحبه أنشيلوتى فى الدقيقة 75 . وربما يمكن القول أن ريال مدريد خرج راضيا بالنتيجة لكن الأداء لم يكن مرضيا. فالدفاع فى الشوط الأول لم يكن بنفس القوة المتوقعة، والأمر هنا ليس له علاقة بمبدأ الدفاع وإنما بجودة الدفاع . إلا أن التحول حدث بتلك التمريرة الساحرة التى أرسلها تونى كروس إلى فينيسوس جونيور كأنها بمشرط جراح، ليسجل هدف التقدم للريال فى الدقيقة 24 . وكروس هو سيد التمرير فى الريال وينافسه سيد آخر فى السيتى، وهو دى بروين. لكن فى تلك التمريرة الجراحية التى لعبها كروس إلى جونيور، نجد الألمانى اتجه بجسده ووجهه ناحية الجناح الأيسر كأنها إشارة إلى جونيور لما سيفعله . فمرر له الكرة حيث يجب أن يكون وقد كان هناك فى الموعد لمقابلتها بما يملكه من سرعة. هكذا يفعل كروس أشياء صعبة بسهولة، وتظن أنها بالفعل سهلة للغاية!
** تونى كروس يمكن أن يجرى كثيرا، ولا يعرق. هو مثل نجم التنس السويسرى روجيه فيدرر، أو السويدى بيورن بورج يلعب ماراثون فى ويمبلدون ويخرج من الملعب دون أن تتسخ ملابسه ودون الحاجة للاستحمام ، وهذا بالمناسبة كان من أهم أسرار فرانز بيكنباور نجم البايرن السابق.
** انتهت المباراة بالتعادل 2/2 . وعاد هارى كين بضربة جزاء ثم تقدم سانى للبايرن، وتعادل الريال بضربة جزاء، فى ذلك الوقت الذى شعر فيه توخيل والبايرن ببعض الأمان . وقد تألق هارى كين فى تحركاته وفى المساحات التى قطعها، لاسيما فى ملعب الريال، وهو رأس الحربة الذى وقع بقدميه على كل شبر بملعب المنافس، مقدما درسا فى مفهوم راس الحربة الذى يراه البعض "مجرد لاعب يسكن فى منطقة المنافس وهذا عنوانه تجدونه هناك".. إنها الكرة القديمة . كرة المراكز التى كانت ، كرة الظهير، وكرة لاعب الوسط المدافع، وكرة اللاعب صانع الألعاب، وكرة الجناح الذى يرسل كرات عرضية، وكرة المساحات الخالية مثل الربع الخالى!
** النتيجة الآن هى النتيجة، وريال مدريد من فرصتين فى كل شوط سجل هدفين بينما أهدر البايرن أكثر من فرصة. وعندما يتحول الريال إلى الضغط والهجوم تجده مسلحا بالسرعة وخفة الحركة وإيجاد الحلول، وصناعة المساحات فى أضيق المساحات، ولاحظ أن جونيور سجل الهدف الأول بالسرعة، وفاز بركلة جزاء قاتلة حين سبق مدافع بايرن مين كيم بياردة ووضعه فى ظهره. إنها السرعة أيضا، سرعة الجرى الطويل أو سرعة الإسبرنت والانطلاق وكسب سباق مسافته ثلاثة أو أربعة أمتار .
** يبقى أداء الحكم الفرنسى .. الذى سبق VAR فى قرار ضربة الجزاء مرتين . دون انتظار المساعدة من تقنية الفيديو، ودون أن يختبئ وراء قرار حكام غرفة ال VAR ولست من الذين يناقشون كثيرا قرارات الحكام سواء فى ملاعبنا أو خارجها، فهناك من هم أكثر خبرة بالقانون، كما أننى أدرك منذ بدأت ممارسة المهنة أن الحكم هو الشخص الوحيد فى الملعب لايستطيع أن يقول: "لا أعرف دعونى أفكر".. ولذلك أقدر قرارات الحكام ، لكن شخصية الحكم وقوتها تظهر سريعا وتلفت الأنظار ومن مظاهر الإجادة أن تسبق قراراته غرفة تقنية الفيديو .. وأظن أن الرسالة وصلت؟!